بسم الله وله الحمد جميل الصنع حسن البلاء، وأسنى صلواته على كنوز رحمته ومعادن حكمته الهادي المختار وآله الأطهار.
السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء… معكم في لقاء آخر من هذا البرنامج…ومع مقاطع أخرى من مديحة غراء للأديب الولائي الإستاذ حميد عبد الحسين الحائري عنوانها (هو قلب زينب).
قرأنا لكم أيها الأعزاء في الحلقة السابقة مقاطع من هذه المديحة يصوّر فيها الأديب الحائري حواراً رمزياً يجري بين (البلاء) الذي يصوّره كوجود حي وبين العقيلة الحوراء- سلام الله عليها-.
وفي المقاطع التالية يحكي الأديب - وبلغة لسان الحال - كلام مولاتنا زينب وهي تحدث البلاء عن تجليات الصبر الإلهي في قلبها وهي تودّع أخاها الحسين عند استشهاده عليه السلام وترضى بالتقدير الإلهي لدورها بعد استشهاده…
قال الأديب الحائري حاكي لسان حال سبطة المصطفى – صلى الله عليه وآله-:
لمّا نظرت إلى الحبيب مجدّلاً
والشمر يسعر لاهثاً كي يثلما
في حوزة التوحيد أعظم ثلمة
إذ يقطع الرأس المخضّب بالدّما
وبخنجر الأحقاد يفرى منحراً
كان النبي مقبّلاً له لاثما
وأخى يجود بنفسه مستشهداً
((أزف الوداع)) يقولها مسترحما
نادى: أخيّة أنت بنت علينا
فتصبّرى بالله صبراً أكرما
عظم البلاء، فلا يطيق بلاءه
إلّاك زينب فاستعيدي فاطما
والرأس يقطع وهو ينظر في أسىً
نحو الخيام موصّياً ومسلّما
كادت تفارق روحي الجسد الذى
كان المقدّر أن يكون هو الحمى
لعيال آل الله بعد كفيلها
أرث الامانة والذبيح الأعظما
فشبكت عشراً فوق رأسى خشيةً
من أن تفيض الروح أو أن تفصما
بينا على تلٍّ أصبّر مهجتي
نزلت علي بنصرها رسل السما
قالت: ((لك من ربّك ما اخترته
جئنا هنا أن تأمري كي نخدما
أن شئت نصراً باختيار لقائه
تلقين ربّاً راضياً متكرّما
تنجين من وجد الفراق وحزنه
فمع الحسين تعانقين الأنجما
وبه خلاصٌ من مجاورة العدى
من أسر رذلٍ كان قدماً ألأما
أو شئت سوماً للأعادى كلّهم
ونبيد عجلهم الأعقّ الأظلما))
وأنا على تلّ المصاب اجبتهم
والجفن يحبس ديمه المستكتما:
(( قد شاء ربّي رؤيتي مسبيةً
إذ شاء شئت، وكان ربّي أعلما
خرت الفراق مع الهموم وسبيهم
ولقا الأعادى خفرةً لن تهزما
والله لم أتمنّ موتاً قبل ذا
مهما بدا خطبٌ أجلّ وأجسما
وبحمده اخترت الوصال بفرقةٍ
آليت فيها أن اضام واهضما
أأخى وداعاً يا حسين، إلى اللقا
أنعم بلقياك الحبيب منعّما))
ونظرت شوقاً للذبيح بعبرةٍ
فأتيته، والقلب قبلاً يمّما
خضّبت وجهي من طهور دمائه
غسلاً، وضوءاً مسبغاً وتيمما
وقصدت قبلتي الحسين وكعبةً
صلّيت وتراً بالنياحة تمّما
فرأيت بيت الله يهوى ساجداً
ويلوذ بالجسد السليب مسلّما
كبّرت للإحرام سبعاً عند من
لاقى الإله مصلياً، بل محرما
فسمعت تكبير العوالم جهرةً
ناحت معى مؤتّمةً نوح الإما:
((الله أكبر، يا حسين لك الفدى
ذبحوك عطشاناً تلوب من الظما
الله اكبر،يا اخي المجتبى
قتلوا حبيبك يا أخاه التوأما
الله أكبر، يا حبيبةً ربّنا
هذا عزيزك رحله قد اضرما
الله أكبر، يا علي المرتضى
هذا أثيرك للبواتر سلّما
الله أكبر، يا أبانا المصطفى
هذا رضيعك بالبلايا عمّما
الله أكبر، يا ملائكة العلى
قتلوا مجيرك فاستديمى المأتما
الله أكبر، ربّنا يا غوثنا
هذا حنيفك راجعاً لك مسلما
انّا توجّهنا إليك توسّلاً
بدم الحسين، فذا لوجهك قدّما))
كانت هذه – مستمعينا الأفاضل- بعض مقاطع قصيدة (هو قلب زينب) للأديب الولائي الإستاذ حميد عبد الحسين الحائري، وتليها مقاطع مؤثرة في تصوير فني بديع لصلاة الصبر والحمد الزينبي عند مصرع قربان آل محمد – صلى الله عليه وآله- مولانا سيد الشهداء الحسين- عليه السلام-. سنتلوها لكم بأذن الله في لقاءٍ مقبل من برنامج (مدائح الأنوار) يأتيكم دوماً من صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، تقبل الله منكم حسن المتابعة وطيب الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.