بسم الله وله عظيم الحمد والمجد إذ أكمل دينه الذي ارتضاه لعباده وأتم نعمته على خلقه بولاية الوصي المرتضى نفس المصطفى وكفو الصديقة الكبرى صلوات الله عليهم وآلهم أجمعين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين وأهلاً بكم في لقاءٍ آخر مع مدائح الأنوار الإلهية نقرأ لكم فيه أبياتاً من إحدى القصائد التي خلدها ديوان الأدب الولائي وهي التي عرفت بالقصيدة الغديرية المسيحية، وهي قصيدة عصماء إهتم العلماء بضبطها كالعلامة الأميني في موسوعة الغدير والسيد الأمين في أعيان الشيعة والسيد أحمد العطار في موسوعة (الرائق من شعرالخلائق) والكشميري في كتاب نجوم السماء وغيرهم...ولأهمية القصيدة خمسها العلامة السيد محمد حسين الشهرستاني من مراجع التقليد الأتقياء في كربلاء في أوائل القرن الهجري الرابع عشر. أما منشأ هذه القصيدة الغديرية العصماء فهو من أعلام علماء الإمامية في القرن الهجري الحادي عشر وصاحب الإجازة المعروفة من العلامة المجلسي، وهو المولى مسيح الدين محمد بن إسماعيل المولود في شيراز والمتوفى فيها سنة الف ومائة وسبع وعشرين للهجرة.
وهذا المولى من تلامذة الحكيم المحقق المولى حسين الخوانساري، وقد بلغ مراتب مرموقة في العلم والعمل والأدب الولائي وله مؤلفات كثيرة في مختلف فنون المعرفة والأدب أهمها كتابه الكبير في التوحيد وبراهينه العقيلة. وكتابه في تفضيل النبي وآله الطاهرين جزاه الله عنهم _عليهم السلام_ خير جزاء المحسنين.
بعد مقدمة في التذمر من أخلاق أهل الدنيا وطلب النجاة ينطلق المولى محمد الشيرازي الى مدح سيد سفن النجاة المحمدية فيتمنى من يأتيه بشملالٍ وهي الناقة الخفية ليذهب بها الى صاحب الغري – عليه السلام-، قال رحمه الله:
من لي بعاصفٍ شملالٍ يبلغني
الى الغري فيلقيني وينساني
الى الذي فرض الرحمان طاعته
على البربة من جنّ وإنسان
علي المرتضى الحاوي مدائحه
أسفار توراةٍ بل آيات فرقان
ما أستعين بشملالٍ ولا قدمٍ
من ترب ساحته طوبى لأجفاني
تنزّه الرب عن مثلٍ يخبّرنا
بأنه ورسول الله سيّان
قد اقتدى برسول الله في ظلمٍ
والناس طراً عكوفٌ حول أوثان
فهل أريد سواه حيث قال لهم
هذا عليٌ فمن والاه والاني
وهل أظنّ (تعالوا ندع أنفسنا)
في غيره نزلت عن ذاك حاشاني
أم حيثما صال عمروٌ بين أظهرهم
سواه صبّغ منه السيف بالقاني
أمٌ خيبرٌ كان وافى قبله بطلاً
سل المصاريع من مرصوص بنيان
أشالها لجميع الجند قنطرةً
يجيزها الكلّ من رجلٍ وركبان
أم ريثما انهزم الأصحاب في أحدٍ
وظل خير الورى فرداً بلا ثان
من عصبة الشرك صفّت حوله فئةٌ
ذات المخالب من أرياش عقبان
سواه حامي رسول الله يطعنهم
بسمهريٍّ يحاكي لذع ثعبان
بالسيف والرمح والأنصال دافعهم
عن الرسول باخلاصٍ وإيقان
حتى تبدد أهل الشرك وإنهزموا
شبه الحنادس إذ تحمى بنيران
وهل نصدّق للنجوى سواه فتى
وقد مضى قبل نسخ الحكم يومان
هل في فراش رسول الله بات فتىً
سواه إذ حفّ من نصل بنيران
لولاه لم يجدوا كفؤاً لفاطمة
لولاه لم يفهموا أسرار قرآن
لولاه لم يك سقف الدين ذا عمدٍ
لولاه ما اتقدت مشكاة إيمان
لولاه ما عبد الرحمان في ملأٍ
لولاه ما كان ذكرٌ غير سبحاني
وقبل أن نتابع قراءة باقي أبيات هذه القصيدة العصماء نشير الى أن المراد من قوله (ما كان ذكرٌ غير سبحاني) هو أن لولا بيان سيد الوصيين – عليه السلام- لحقيقة التوحيد الخالص لغفل الناس عن عبادة الله عزوجل وسبح كل إنسانٍ نفسه بدلاً من أن يسبح الله سبحانه وتعالى.
يواصل المولى محمد بن إسماعيل الشيرازي مدحه للوصي المرتضى علي عليه السلام قائلاً:
هو الذي كان بيت الله مولده
فطهّر البيت من أرجاس أوثان
هو الذي من رسول الله كان له
مقام هارون من موسى بن عمران
هو الذي صار عرش الرب ذا شنفٍ
إذ صار قرطيه إبناه الكريمان
عمّت شآبيبه الآفاق إن شجراً
سقته فهو مع الطوبى كصنوان
تفيض راحته للناس معجلةٌ
عقد اللآلي بلا مهلٍ كنسيان
من كان نص رسول الله عيّنه
لامرة الشرع تبليغاً بأعلان
فقال بلّغ والا فأدر أنك ما
بلغت حق رسالاتي وتبياني
وقال صحب رسول الله قاطبةً
بخٍّ لذاك وكان الأول الثاني
لا أضحك الله سنّ الدهر إنّ له
قواعداً عدلت عن كل ميزان
من بعد ما شدد الرحمان إمرته
على الرسول باحكامٍ وإتقان
تقدمته أناسٌ ليس عيّنهم
نص الاله ولا منطوق برهان
يا واضعاً قدميه حيثما وضعت
يد الاله عليه عزّ من شان
بصفو حبك قد أحييت مهتدياً
فدتك نفسي يا ديني وإيماني
ودرّ فيضك ما دار السما وجرى
و دام ظلّك ماكر الجديدان
كانت هذه إخوتنا بعض أبيات القصيدة الغديرية التي أنشأها في مدح مولانا أميرالمؤمنين – عليه السلام- العارف الحكيم المولى مسيح الدين محمد بن إسماعيل الشيرازي من أعلام علماء ايران في القرن الهجري الحادي عشر وقد قرأناها لكم ضمن لقاء اليوم من برنامج (مدائح الأنوار)، استمعتم اليه من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقبلوا منا جميل الشكر ودمتم في رعاية الله.