بسم الله وله الحمد والمجد نور السموات والأرضين وأزكى صلواته على شموس رحمته الساطعة في العالمين محمد وآله الطيبين والطاهرين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين…
المديحة التي إخترنا لكم ايها الأعزاء في هذا اللقاء أنشأها أحد أعاظم فقهاء الولاء في مدح البطل الهاشمي الخالد شمس كوفان المشرقة باب الحوائج سفير الحسين وثقته مولانا مسلم بن عقيل _سلام الله عليه_.
ويكفي في بيان عظيم منزلة هذا العلم من أعلام الهداية المحمدية، الشهادة التي صدرت بحقه من الصادق الأمين- صلى الله عليه وآله- الذي بكاه قبل إستشهاده بأمدٍ طويل، فقد روى الشيخ الصدوق في كتاب الأمالي بسنده عن ابن عباس أن رسول الله _صلى الله عليه وآله_ قال لأميرالمؤمنين الوصي المرتضى _عليه السلام_: إني أحب عقيلاً حبين، حباً له وحبا لحب أبي طالب له، وإن ولده لمقتولٌ في محبة ولدك [الحسين] تدمع عليه عيون المؤمنين وتصلي عليه الملائكة المقربون)) ثم بكى رسول الله _صلى الله عليه وآله_ وقال: الى الله أشكو ماتلقى عترتي من بعدي.
هذا الحديث الشريف وغيره من النصوص الواردة في بيان منزلة مولانا مسلم بن عقيل، تتضمنها الأبيات التالية التي إخترناها من المديحة المسلمية الغراء التي أنشاها سيد الفقهاء العرفاء، العلامة المحقق والعارف الحسيني المدقق السيد مهدي الطباطبائي الحسيني الملقب ببحرالعلوم والمتوفى سنة ۱۲۱۲ للهجرة رضوان الله عليه. وما أغنى السيد بحرالعلوم عن التعريف وقد شهدت له بعلو المنزلة في التخلق بأخلاق أهل بيت النبوة – عليهم السلام- وصدق الولاء لهم كراماته الكثيرة التي سجلها العلماء الثقات في مصنفاتهم… كما شهدت له بذلك المدائح الكثيرة التي مدحه بها شعراء الولاء ولم يمدح عالم بمثلها… وكذلك المصنفات العلمية القيمة التي أغنى بها مكتبة معارف أهل البيت _عليهم السلام_.
قال السيد بحرالعلوم في مديحته الرثائية الرائقة لمسلم بن عقيل سلام الله عليه:
عين جودي لمسلم بن عقيل
لرسول الحسين سبط الرسول
لشهيدٍ بين الاعادي وحيدٍ
وقتيلٍ لنصر خير قتيل
جاد بالنفس للحسين فجودي
لجوادٍ بنفسه مقتول
فقليلٌ من مسلمٍ طلّ دمعٍ
لدمٍ بعد مسلمٍ مطلول
أخبر الطهر أنه لقتيلٌ
في وداد الحسين خير سليل
وعليه العيون تسبل دمعاً
هو للمؤمنين قصد السبيل
وبكاه النبي شجواً بفيضٍ
من جوى صدره عليه هطول
قائلاً: إنني الى الله أشكو
ما ترى عترتي عقيب رحيلي
فابك من بكاه احمد شجوا
قبل ميلاده بعهد طويل
و بكاه الحسين والال لما
جاءهم نعيه بدمع همول
كان يوما على الحسين عظيما
وعلى الال اي يوم مهول
منذرا بالذي يحل بيوم
بعده في الطفوف قبل الحلول
ويح ناعيه قد أتى حيث يرجى
أن يجيء البشير بالمأمول
أبدل الدهر بالبشير نعياً
هكذا الدهر آفةٌ من خليل
فاحثوا الركاب للثأر لكن
ثأره بكل ثأر قتيل
فيهم ولده وولد أبيه
كم لهم في الطفوف من مقتول
خصه المصطفى بحبين حبٍّ
من أبيه له وحبّ أصيل
قال فيه الحسين أيّ مقالٍ
كشف الستر عن مقام جليل
ابن عمي، أخي، ومن أهل بيتي
ثقتي قد أتاكم ورسولي
فأتاهم وقد أتى أهل غدرٍ
بايعوه وأسرعوا في النكول
تركوه لدى الهياج وحيداً
لعدوٍ مطالبٍ بذحول
لست أنساه إذ تسارع قومٌ
نحوه من طغاةٍ كل قبيل
وأحاطوا به فكان نذيراً
باقتحام الرجال وقع الخيول
صال كالليث ضارباً كل جمعٍ
بشبا حدّ سيفه المسلول
وإذا إشتد جمعهم شدّ فيهم
بحسامٍ بقرعهم مفلول
فرأى القوم منه كرّ عليٍ
عمّه في النزال عند النزول
مستمعينا الأفاضل ويختم آية الله السيد مهدي بحرالعلوم مديحته لمولانا باب الحوائج مسلم بن عقيل بخطابٍ لسيد الشهداء الحسين – عليه السلام- يعتذر فيه للعجز عن أداء حق هذا البطل الهاشمي الحسيني مؤكداً ولاءه وطالباً قبول مديحته المسلمية.
قال- قدس الله نفسه الزكية-:
يا بن بنت النبي إن فات نصري
يوم طعن القنا ووقع النصول
فولائي دليلٌ أني قتيلٌ
فيك إذ كنت بدء كل قتيل
باذلاً مهجتي وذاك قليلٌ
في وداد البتول وابن البتول
مقولي صارمٌ وليس كليلاً
وهو في ذا المصاب جدّ كليل
وقصارى فيه جهد مقلٍّ
منك يرجو قبول ذاك القليل
ما الى رزئك الجليل سبيلٌ
فإلى (مسلمٍ) جعلت سبيلي
إن يكن لي بكل عضو لسانٌ
ما وفى لي (بمسلم بن عقيل)
جزى الله خيراً فقيه الأولياء العرفاء السيد مهدي بحر العلوم رضوان الله عليه على المديحة الغراء لشمس كوفان الساطعة مولانا باب الحوائج مسلم بن عقيل – عليه السلام- شكراً لكم ايها الأعزة على طيب الاستماع لهذه الحلقة من برنامج ( مدائح الأنوار) دمتم بكل خير.