بسم الله وله الحمد والشكر والثناء أن جعلنا من أمة النبي المختار وشيعة عترته الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين. السلام عليكم إخوة الولاء من المميزات التي يتميز بها الشعر الولائي ويقل الحديث عنها هي كونه ينظر الى النبوة المحمدية كخط مستمرٍ في وجود الأوصياء من أئمة العترة المحمدية عليهم وعلى سيدهم المصطفى أفضل الصلاة والسلام. هذه الميزة تتجلى في المديحة التالية التي تبدأ ببيان عظمة البعثة المباركة لخاتم الأنبياء ثمّ مدحه (صلى الله عليه وآله) وتنتهي بذكر سليله خاتم الأوصياء المهدي الموعود (عجل الله فرجه) الذي يحقق الله على يديه أهداف الرسالة المحمدية كاملة. المديحة أنشأها الشاعر الولائي المبدع السيد حيدر بن سلمان الحلي، شاعر أهل البيت (عليهم السلام) صاحب الحوليات الحسينية المشهورة... وصف (رضوان الله عليه) بأنه كان سخياً كريماً تقياً يترفع عن المدح طلباً للجوائز، له عدة مصنفات نافعة إضافة الى ديوانه (الدر اليتيم)، منها كتاب العقد المفصل وكتاب دمية القصر... ولد السيد حيدر في الحلة وتوفي فيها سنة أربع بعد الثلاثمائة والألف للهجرة المباركة ودفن في جوار مرقد مولى الموحدين الإمام علي (عليه السلام).
قال السيد حيدر الحلي رضوان الله عليه في وصف بديع للمبعث النبويّ الشريف:
أي بشرى كست الدنيا بهاءا
قم فهني الأرض فيها والسماءا
طبق الأرجاء منها أرج
عطرّت نفحة رياه الفضاءا
بعثة أعلن جبريل بها
قبل ذا في الملأ الأعلى النداءا
قائلاً قد بعث النور الذي
ليس يخشى أبد الدهر انطفاءا
فهنيئاً فتح الخير بمن
ختم الرحمن فيه الأنبياءا
وأتى أكرم مبعوث قد
اختاره الله انتخاباً واصطفاءا
سيد الرسل جميعاً أحمدٌ
من بعلياه أتى الذكر ثناءا
مبعث قد ولدته ليلة
للورى ظلماؤها كانت ضياءا
بوركت من ليلة في صبحها
كشف الله عن الحق الغطاءا
خلع الله عليها نضرة
راقت العالم زهواً واجتلاءا
كلما مرت حلت في مرها
راحة الأفراح رشفاً وانتشاءا
وستهل الدهر يثني مطرباً
عطف نشوان ويختال ازدهاءا
فلتهن الملة الغراء من
أحكم الله به منها البناءا
ذو محياً فيه تستقى السما
وبنان علم الجود السماءا
رق بشراً وجهه حتى لقد
كاد أن يقطر منه البشر ماءا
وينتقل السيد حيدر الحلي في قصيدته في مديحته الى تهنئة العالم الجليل المرجع الورع السيد محمد حسن الشيرازي بمناسبة المبعث النبوي ويثني على خدماته الجليلة في إقامة الحوزة العلمية في سامراء ليخلص بعد ذلك الى مدح أئمة سامراء العسكريين عليهما السلام، قال (رحمه الله):
زان سامرّا وكانت عاطلاً
تتشتكي من محليها الجفاءا
وغدت أفناؤها آنسة
وهي كانت أوحش الأرض فناءا
حيّ فيها المرقد الأسنى وقل
زادك الله بهاءاً وسناءا
إنما أنت فراش للألى
جعل الله السما فيهم بناءا
ما حوت أبراجها من شهبها
كوجوه فيك فاقتها بهاءا
قد توارات فيك أقمار هدىً
ودّت الشمس لها تغدو فداءا
أبداً تزداد في العليا سنىً
وظهوراً كلما زيدت خفاءا
ثمّ نادي القبة العليا وقل
طاولي يا قبة الهادي السماءا
بمعالي العسكريين اشمخي
وعلى أفلاكها زيدي علاءا
واغلبي زهر الدراري في السنا
فبك العالم لا فيها أضاءا
خطك الله تعالى دارة
لذكائي شرف فاقا ذكاءا
وبنا عرج على تلك التي
أودعتنا عندها الغيبة داءا
حجب الله بها الداعي الذي
هو للأعين قد صار الضياءا
وبها الأملاك في ألطافه
للورى تهبط صبحاً ومساءا
قف وقل عن مهجة ذائبة
ومن العينين فانضجها دماءا
يا إمام العصر ما أقتلها
حسرة كانت هي الداء العياءا
مطلتنا البرء في تعليلها
وسوى مرءاك لا نلقى شفاءا
برئت ذمة جبار السما
من أناس منك قد أضحوا براءا
فمتى تبرد أحشاء لنا
كدن بالأنفاس يضر من الهواءا
ونرى يا قائم الحق انتضت
سيفها منك يدالله انتضاءا
أفهل نبقى كما تبصرنا
ننفذ الأيام والصبر رجاءا
لا رأى الرحمة من قال رياءاً
قلت الروح لمولاها فداءا
رحم الله الشاعر الحسيني المهدوي السيد حيدر الحلي وجزاه خيراً على هذه البديعة التي إفتتحها بمدح خاتم الانبياء (صلى الله عليه وآله) وختمها بتفدي سليله خاتم الأوصياء (عجل الله فرجه) نشكر لكم أخواتنا وإخوتنا مستمعي اذاعة طهران طيب المتابعة لهذه الحلقة من برنامج مدائح الأنوار، طبتم بكلّ خير ودمتم في رعاية الله.