بسم الله وله جميل الحمد وخالص الثناء على أن جعلنا من أهل مودة وموالاة صفوته من العالمين الحبيب المصطفى وآله الطيبين صلوات الله عليهم أجمعين. السلام عليكم إخوتنا ورحمة الله، من الحقائق الشرعية الواضحة أن مودة وموالاة أهل بيت النبوة عليهم السلام هما من الأوامر الإلهية التي أمر بها الله في كتابه المجيد وجبلها في الفطرة الإنسانية السليمة. هذه الحقيقة تجليها بلغة الأدب الصادق المختارات التالية من شعر أديب ولائي راسخ الولاء من القرن الهجري الثالث عشر. قال السيد محسن الإمين رضوان الله عليه في ترجمة شاعر هذا اللقاء في كتابه أعيان الشيعة هو الشيخ حبيب بن طالب بن علي بن أحمد بن جواد البغدادي الكاظمي مسكنا الشيبي المكي أصلا كما وجدناه بخطه، نزيل جبل عامل. كان حيا سنة ۱۲٦۹، والله اعلم كم عاش بعدها، شاعر مجيد متفنن خفيف الروح، يجمع شعره الرقة والانسجام، أصله من العراق من بلد الكاظمين عليهما السلام (الكاظمية). سكن جبل عامل ثم عاد إلى الكاظمية وتوفي هناك. ولاتزال ذريته في جبل عامل إلى اليوم. ذكره الشيخ محمد آل مغنية في كتابه (جواهر الحكم) فقال: الشاعر المفلق كان اسرع الناس بديهة وأذكى قريحة، رأيته مرارا لا يتوقف في كتابة ما أراد من الشعر والإملاء، سريع البديهة حسن المحاضرة، صاحب أجوبة مسكتة، جزل الكلام، إذا تكلم أعجب كل سامع. قال الشيخ حبيب في إحدى قصائده عن مودة أهل البيت عليهم السلام:
بني النبي لكم في القلب منزلة
بها لغير ولاكم قط ما جنحا
يلومني الناس في تركي مديحكم
وكم زجرت بكم من لا مني ولحا
عذرا بني المصطفى ان عنكم جمحت
قريحتي وهي مثل الزند مقتدحا
فلا أرى الوهم والافهام مدركة
ما عنون الذكر من أسراركم مدحا
سبقتم الناس في علم ومعرفة
والأمر تم بكم ختما ومفتتحا
لكنما الناس في عشواء خابطة
ليلا وآثاركم في المعجزات ضحى
ان شاهدوا الحق فيما لا تحيط به
عقولهم جعلوا للحق منتزحا
تجارة اله= لم تبذل نفائسها
الا لمن كان عن غش الهوى نزحا
وقال رضوان الله عليه لما ورد الكاظمية زائرا وقد ركب دجلة:
وافت إليكم تجوب الماء حاملة
نارا من الشوق لا يطفأ لها لهب
حتى ترى الطور والأنوار تشمله
من نار موسى وفيه السر محتجب
وقال الشيخ حبيب الكاظمي رضوان الله عليه لما زار سامراء:
لله تربكِ سامراء فاح به
ريح النبوة إشماما وتعبيقا
هنئت يا طرف فيما متعتك به
يد المواهب تأييدا وتوفيقا
لم يطرق العقل بابا من سرائرهم
الا وكان عن الافهام مغلوقا
وفي المعاجز والآثار تبصرةٌ
لرائم غرر الايضاح تحقيقا
هذا الكتاب فسله عنهم فبه
صراحة المدح مفهوما ومنطوقا
أبصر بعينك واسمع واعتبر وزن
المعقول واختبر المنقول توثيقا
وجل بطرفك أيمانا وميسرة
وطف بسعيك تغريبا وتشريقا
فهل ترى العروة الوثقى بغيرهم
حيث الولاء إذا بالغت تدقيقا
وهل ترى نار موسى غير نورهم
وهل ترى نعتهم في اللوح مسبوقا
قوم إذا مدحوا في كل مكرمة
قال الكتاب نعم أو زاد تصديقا
أضحى الثناء لهم كالشمس رأد ضحى
وبات في غيرهم كذبا وتلفيقا
ان الإمامة والتوحيد في قرن
فكيف يؤمن من يختار تفريقا
يا من اليهم حملت الشوق ممتطيا
أقتاب دجلة لا خيلا ولا نوقا
الماء يحملني والنار احملها
من لاعج الوجد تبريحا وتشويقا
أنتم رجائي وشوقي كل آونة
وأنتم فرجي مهما أجد ضيقا
في يوم لا والد يغني ولا ولد
ولا يفرج وفر المال تضييقا
وقال الشيخ حبيب الكاظمي قدس سره يمدح الإمام الرضا عليه السلام:
أبا الحسن الرضا قصدتك منا
قلوب قد وردن نداك هيما
ولاحت قبة كالشمس تمحو
أشعتها عن القلب الهموما
فلم تر غير حبكم نجاة
ولم تر غير فضلكم نعيما
ألستم خير أهل الأرض طرا
وخير من ارتدى الشرف العميما
ولو بكم استجارت آل عاد
لما عادت لياليها حسوما
ألستم في الورى كسفين نوح
ومن ركب السفين نجا سليما
تبصر من تبصر في ولاكم
فلم يعد الصراط المستقيما
ومن جاب الفيافي في ولاكم
فلا بأساً يخاف ولاجحيما
كانت هذه إخوة الولاء مختارات من شعر العالم الأديب الشيخ حبيب الكاظمي من أعلام القرن الهجري الثالث عشر قالها قدس سره في مودة وموالاة أهل بيت النبوة عليهم السلام. وقد قرأناها لكم ضمن حلقة اليوم من برنامج مدائح الأنوار شكراً لكم على طيب المتابعة والأصغاء ودمتم بكل خير.