بسم الله وله خالص الحمد والثناء على جميل صنعه وحسن تدبيره في السراء والضراء والصلاة والسلام على سادات الحامدين وصفوة الأصفياء سيد الأنبياء وآله النجباء. السلام عليكم إخوة الولاء، النصوص الشريفة وصفت المصاب الحسيني بأنه المصاب الأعظم الذي جلّ وعظم في السموات أي في الملأ الأعلى، وبينت أحاديث أهل البيت عليهم السلام المروية في المصادر المعتبرة تفاعل الملأ الأعلى وملائكة الله عزوجل بمختلف طوائفهم مع هذا المصاب الجلل. والمضامين المحورية لهذه النصوص الشريفة يصورها الأديب الولائي المبدع الإستاذ ابراهيم رفاعة في مرثيته الحسينية التي نقرأها لكم في هذا اللقاء فكونوا معنا مشكورين.
قال الإستاذ رفاعة:
ملائك الله رأوا كربلا
يوم حسين صبغته الدماء
فارتجّ ما في الكون هولاً له
والملأ الأعلى ارتمى في البكاء
فبعضهم أغمض عينيه، لم
يفتحها للآن، وطال العماء!
وبعضهم أدخله غمّه
في عالم الحزن المديد البقاء
ومنهم وهم علوا رتبة
شغلهم جمع دموع العزاء
تحملها أقداسهم للعلى
مثل قناديل بها الكون ضاء
في بيت أحزان لهم سرمد
فالحزن حزن الله في كربلاء
فجائع الدهر لها مدّة
وتمّحى، مهما اكتوت بالبلاء
وكربلا جرح بقي نازفا
في كبرياء الله يأبى الشفاء
زادوا على قتل حسين الهدى
بسحقه الخيل، وسلب الرداء
ورأسه الأقدس طافت به
البلدان أرماحهم باشتفاء
وغيرة الله أبو الفضل قد
أردوه بالغدر بقرب السّقاء
قطيع كفّين، وعين بها
سهم، وفي الرأس انفلاق الوفاء
وإذ سبوا زينب مقهورة
فشرف الله استبوا في العراء
أيتامها مأسورة تشتكي
لذع سياط، وقيود السّباء
قد غير الهجير ألوانها
وهي بدور تتلظّى ظماء
مناحة فصولها أبحر
من الظّلامات دوت في السماء
وفاطم، حياتها مأتم
لوعته بلا مدى وانتهاء
تحدو بركب الحزن من كربلا
على امتداد الدهر أشجى الحداء
روحي فدى لحظة حزن لها
الله! ما أوجع هذا العناء!
إن صوت هل من ناصر؟ لم نجب
ألا نواسي حزن أهل الكساء؟!
كانت هذه إخوتنا وأخواتنا مرثية حسينية غراء للأديب الولائي المبدع الإستاذ ابراهيم رفاعة إشتملت على تصوير فني مستلهم من الأحاديث الشريفة في تفسير ما ورد في هذه الأحاديث من أن المصاب الحسيني قد جلّ وعظم في السموات والأرض، إخوة الإيمان، ومن أبرز مظاهر عظمة المصاب الحسيني مآساة سبي حرائر أهل بيت النبوة الفاطميات الطاهرات صلوات الله عليهن بأيدي شر خلق الله أبناء آكلة الأكباد الممثلة بجسد حمزة سيد الشهداء رضي الله عنه، وكل ذلك يقع بمرأى ومسمع المسلمين، فأي مصاب أعظم من هذا؟ حرقة هذا المصاب نتلمسها في المقطوعة التالية لأحد شعراء الولاء يقول فيها:
يا آه زينب والسبايا اليتم
ألق بنارك في فؤادي واضرمي
أيطيب لي عيش وعرض محمد
سبي على باب العتلّ المجرم؟!
أتنام لي عين وعين رقية
تشكو القذى طول المسير المؤلم؟!
أيقرّ لي جفن وجفن سكينة
متقرّح بخدود دمع مسجم؟!
ويحي! أيسلم معصم منّي وذي
أسرى الفواطم داميات المعصم؟!
لهفي لزينب أدخلت مكتوفة
قصر الفجور لشامت متهكم؟!
ويلاه! ناموس الإله مقيد
بحبال بغي للبغية تنتمي
يا عين جودي، يا خدود تشقّقي
فالقلب دام للمصاب الأعظم
والى هنا ينتهي إخوة الولاء لقاؤنا بكم في حلقة اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) إستمعتم لها من إذاعة طهران تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في أمان الله.