بسم الله وله الحمد حبيب قلوب الصادقين وغاية آمال العارفين وأزكى صلواته وتحياته على أحب خلقه إليه وأبواب رحمته للعالمين محمد وآله الطاهرين. السلام عليكم إخوتنا المستمعين، ورد في الأحاديث الشريفة كما في حديث الإمام الصادق عليه السلام أن لمصاب أبي عبدالله الحسين صلوات الله حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً. ويستفاد من هذا الحديث الشريف أن دوام التفجع للمصاب الحسيني هو من علائم الإيمان الصادق. ولا غرو في ذلك وقد قدم سيد الشهداء عليه السلام جميع أشكال الفداء والقرابين حفظاً لدين الله، فصار مصباح الهداية وسفينة النجاة، ولذلك يراه المؤمن الصادق في جميع مظاهر الحياة، وهذا هو المعنى المحوري للمقطع الذي إخترناه لهذا اللقاء من قصيدةٍ حسينية لأحد أدباء الولاء المعاصرين، تابعونا مشكورين.
قال الأديب الولائي:
يا يوم عاشورا، أدم حنيني
في كل حينٍ واستثر نحيبي
فكيف أنسى ما حسينٌ لقي
فيك وما قاساه من كروب
وكيف أنسى ولظى وجده
بحبه دائمة الشبوب
حرارة الحسين من سرمدٍ
لاهبةٌ بآهه اللهوب
وكيف أنساه وذا وجهُهُ
وعينُهُ في ناظري القريبِ
بل كيف أنساهُ وهو ساكنٌ
فؤادي من ذرّي الى مشيبي
وكيف أنسى ودما نحره
تصبغُ أفق الفجر والمغيب
أراه في شمس الضحى هاتفاً
هل من مغيثٍ للهدى مجيب
أراه في الماء الذي لم يذُق
فراته المبذول للشروب
أراه في التراب فيه الشفا
مذ مسّهُ بصدره الخضيب
أراه في الغمام سيالةً
من عينه برحمةٍ صبوب
أراه في الديجور بدر الهدى
بنوره المبهج للكئيب
أراه في الصلاة تكبيرها
لولاه ما قامت لمستجيب
أراه في تكبيرها قائماً
تكبيره من نحره الرطيب
أراه في قيامها داعياً
للقسط في الجهر وفي الغيوب
أراه في ركوعها حانياً
يحملُ دينَ الله للمنيب
أراه في سجودها ذائباً
بكلّهِ في ربهِ الحبيب
أراهُ في تعقيبها ناحراً
فؤاده في مسجد الحروب
ونبقى أيها الأخوة والأخوات مع هذا الشاعر الولائي وهو يصوّر مشاهدته للحضور الحسيني المقدس في جميع أركان الدين الإلهي الذي حفظه عليه السلام بقيامه وتضحياته وفدائه، قال:
أراه في الزكاة يغني الورى
عطاؤُهُ في طفِهِ الخصيب
أراهُ في الصوم وهو صائمٌ
يغرفُ للبعيد والقريب
أراه في الحج وقربانهُ
يختمُ بالرضيع مسك طيب
أراه في الجهاد سيف إلابا
لا ينثني لعاصف اللهوب
أراهُ في القرآن نطقاً به
أعجبُ من رقيمه العجيب
أراه في النبي في ولده
في فاطمٍ في المرتضى النقيب
أراه في حمرة أجفانهم
تقرّحت من يومه العصيب
أراه في لوعة أرواحهم
تطوفُ في فنائه الرحيب
أراه في بيوتهم رايةً
مرفوعةً جاذبة القلوب
أراه في صراطهم مشعلاً
يميزه عن سائر الدروب
أيها الأخوة والأخوات، تشتمل هذه الأبيات في الواقع على إشارات فنية دقيقة لبعض بركات القيام الحسيني المقدس والملحمة العاشورائية الظافرة وهي بركات تفوق الأحصاء، وقد ذكر أديبنا الولائي في قصيدته الحسينية هذه نماذج أخرى نلتقي بها باذن الله في حلقة أخرى من برنامجكم هذا (مدائح الأنوار)، نشكر لكم طيب الإستماع ودمتم بكل خير.