بسم الله وله الحمد والمجد وخالص المدح والثناء نور السموات والارضين والصلاة والسلام على مطالع نوره المبين ورحمته العظمى للعالمين محمد وآله الطاهرين. السلام عليكم اخوة الايمان، ثمة قضية مهمة تؤكد عليها الأحاديث الشريفة المروية من طرق الفريقين فيما يرتبط بمكانة أهل بيت النبوة عليهم السلام في الحياة الاسلامية، الا وهي ضرورة أن يصوغ المؤمن مشاعره على أساس الولاء والمودة لهم عليهم السلام، فيبتهج ويفتخر بذكر مناقبهم ويتفجع ويتأذى لمظلوميتهم. ولعل خير من جسد هذا الامر في شعره أديب الولاء في القرن الهجري الرابع العالم الجليل ابو القاسم علي بن أسحاق القطان البغدادي الشهير بلقب الزاهي، المتوفى في سنة ۳٥۲ للهجرة المباركة. وقد اخترنا نماذج من شعره تفصح عن أدائه لحق المودة في كلا مظهريها، تابعونا مشكورين.
قال رضوان الله عليه مفتخراً ومبتهجا بولاء أهل بيت العصمة والرحمة عليهم السلام:
يا لائمي في الولا هل أنت تعتبر
بمن يوالي رسول الله أو يذر؟
قوم لو أن البحار تنزف بالأقلام
مشقا واقلام الدنا شجر
والانس والجن كتاب لفضلهم
والصحف ما احتوت الآصال والبكر
لم يكتبوا العشر بل لم يعد جهدهم
في ذلك الفضل الا وهو محتقر
أهل الفخار وأقطاب المدار ومن
أضحت لأمرهم الايام تأتمر
هم آل أحمد والصيد الجحاجحة الزهر
الغطارفة العلوية الغرر
والبيض من هاشم والأكرمون أولوا
الفضل الجليل ومن سادت بهم مضر
فافطن بعقلك هل في القدر غيرهم؟
قوم يكاد اليهم يرجع القدر
وتوّجوا شرفا ما مثله شرف
وقلدوا خطرا ما مثله خطر
حسبي بهم حججا لله واضحة
يجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
هم دوحة المجد والاوراق شيعتهم
والمصطفى الأصل والذرية الثمر
يشير الأديب العالم ابو القاسم الزاهي الى ما صرحت صحاح الأحاديث الشريفة المروية من طرق الفريقين في أن النجاة من انحرافات الفتن الفكرية والسلوكية انما يكون بالتمسك بولاية أهل البيت عليهم السلام. فيقول رضوان الله عليه في مديحة ثانية لهم عليهم السلام:
وحنادس الفتن التي ان أظلمت
فشموسها آرائهم وبدورها
ملكوا الجنان بفضلهم فرياضها
طرّاً لهم وخيامها وقصورها
واذا الذنوب تضاعفت فبحبهم
يعطي الأمان أخا الذنوب غفورها
تلك النجوم الزهر في أبراجها
ومن السنين بهم تتم شهورها
ومثلما نجد الأديب الولائي المبدع أبا القاسم علي البغدادي الزاهي شديد الابتهاج بذكر مناقب أهل بيت النبوة عليهم السلام، نراه أيضاً شديد التفجع لما أصابهم من جفاء خاصة بعد رحيل رسول الله صلى الله عليه واله نظير ما قاله في احدى قصائده الولائية:
يا آل أحمد ماذا كان جرمكم؟!
فكل أرواحكم بالسيف تنتزع
تلفى جموعكم شتى مفرقة
بين العباد وشمل الناس مجتمع
وتستباحون أقمارا منكسة
تهوي وأرؤسها بالسمر تقترع
ألستم خير من قام الرشاد بكم
وقوضت سنن التضليل والبدع؟!
ووحد الصمد الأعلى بهديكم
اذ كنتم علما للرشد يتبع؟
ما للحوادث لا تجري بظالمكم؟
ما للمصائب عنكم ليس ترتدع
منكم طريد ومقتول على ظمأ
ومنكم دنف بالسمر منصرع
ومن محرّق جسم لايزار له
قبر ولا مشهد يأتيه مرتدع
وان نسيت فلا أنسى الحسين وقد
مالت اليه جنود الشرك تقترع
فجسمه لحوامي الخيل مطرد
ورأسه لسنان السمر مرتفع
رحم الله شاعر الولاء في القرن الهجري الرابع الأديب العالم أبا القاسم علي البغدادي الملقب بالزاهي على هذه الأبيات المؤثرة في مدح انوار العترة المحمدية عليهم السلام. والى هنا ينتهي هذا اللقاء من برنامج (مدائح الأنوار) قدمناه لكم من اذاعة طهران، دمتم بكل خير وفي أمان الله.