بسم الله وله خالص المدح والثناء واسع الرحمة والنعماء أزكى صلواته الغراء على صفوة الأنبياء والأوصياء محمد وآله الأصفياء. السلام عليكم مستمعينا الأكارم، من الثابت في تجارب أهل الأيمان أن قسماً من أشعار أدباء الولاء يحظى بأهتمام وقبول خاص من قبل أهل بيت النبوة عليهم السلام، وهذا ما تكشفه كثيرٌ من الشواهد ومنها الحكاية التي نقلتها المصادر المعتبرة بشأن إحدى قصائد الأديب الفقيه والمحدث الكلامي الثقة الناشيء الصغير. وسننقل الحكاية وبعض نماذج شعره الولائي رحمة الله عليه، ولكن بعد تعريف مختصر له ننقله من كتاب معجم رجال الحديث للسيد الخوئي فقد جاء فيه: قال النجاشي علي بن وصيف أبوالحسن الناشيء، الشاعر المتكلم، ذكر شيخنا (رضي الله عنه) له كتابا في الإمامة. وقال الشيخ الطوسي: علي بن وصيف أبوالحسين الناشيء، وكان متكلما شاعرا مجودا وله كتب، يتكلم على مذهب أهل الظاهر في الفقه، أخبرنا عنه الشيخ أبو عبدالله المفيد. وقال ابن شهرآشوب في المعالم: أبوالحسين علي بن وصيف بن يوسف الناشيء المتكلم بغدادي من باب الطاق، حرقوه بالنار! ذكره في شعراء أهل البيت المجاهرين (۷). وقال الشيخ الحرفي تذكرة المتبحرين (٦۲۹): وقال ابن خلكان: أبو الحسين علي بن عبدالله بن وصيف النجاشي الأصغر الحلاء، كان من الشعراء المجيدين وله في أهل البيت قصائد كثيرة، وكان متكلما بارعا، أخذ علم الكلام عن أبي إسماعيل بن علي بن نوبخت المتكلم، من كبار الشيعة وله تصانيف. ولد الناشيء الصغير سنة ۲۷۱ للهجرة وتوفي سنة ۳٦٥ رضوان الله عليه.
مستمعينا الأكارم أما الحكاية التي أشرنا إليها في مقدمة اللقاء فقد رواها الحموي في كتاب (معجم الأدباء)، قال: حدثني الخالع قال: كنت مع والدي في سنة ست وأربعين وثلاثمائة وأنا صبي في المسجد الذي بين الوراقين والصاغة وهو غاص بالناس وإذا رجل قد وافى وعليه مرقعة ومعه عكاز، وهو شعث، فسلم على الجماعة بصوت يرفعه، ثم قال: أنا رسول فاطمة الزهراء صلوات الله عليها فقالوا: مرحبا بك وأهلا ورفعوه فقال: أتعرّفون لي أحمد المزوق النائح؟ فقالوا: ها هو جالس، فقال: رأيت مولاتنا عليها السلام في النوم فقالت لي امض إلى بغداد واطلبه وقل له: نح على ابني بشعر الناشي الذي يقول فيه:
بني أحمد قلبي لكم يتقطع
بمثل مصابي فيكم ليس يسمع
وكان الناشي حاضرا فلطم لطما عظيما على وجهه وتبعه المزوق والناس كلهم، وكان أشد الناس في ذلك الناشي ثم المزوق ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم إلى أن صلى الناس الظهر، وتقوّض المجلس، وجهدوا بالرجل أن يقبل شيئا منهم، فقال: والله لو أعطيت الدنيا ما أخذتها فإنني لا أرى أن أكون رسول مولاتي عليها السلام ثم آخذ عن ذلك عوضا. وانصرف ولم يقبل شيئا.
أيها الأخوة والأخوات وما حصلنا عليه من قصيدة الناشيء لصغير المذكورة في هذه الحكاية هو قوله رحمة الله عليه:
بني أحمد قلبي لكم يتقطع
بمثل مصابي فيكم ليس يسمع
فما بقعة في الأرض شرقا ومغربا
وليس لكم فيها قتيل ومصرع
ظلمتم وقتلتم وقسّم فيؤكم
وضاقت بكم أرض فلم يحم موضع
جسوم على الرمضاء ترمى وأرؤس
على أرؤس اللدن الذوابل ترفع
توارون لم تأو فراشا جنوبكم
ويسلمني طيب الهجوع فأهجع
عجب لكم تفنون قتلا بسيفكم
ويسطو عليكم من لكم كان يخضع
كأن رسول الله أوصى بقتلكم
وأجسامكم في كل أرض توزع
مستمعينا الأفاضل، ومن شعر الناشيء الصغيرفي الرثاء الحسيني قوله رحمه الله:
مصائب نسل فاطمة البتول
نكت حسراتها كبد الرسول
الا بأبي البدور لقين كسفا
وأسلمها الطلوع إلى الأفول
الا يا يوم عاشورا رماني
مصابي منك بالداء الدخيل
كأني بابن فاطمة جديلا
يلاقي الترب بالوجه الجميل
صريعا ظل فوق الأرض أرضا
فوا أسفا على الجسم النحيل
أعاديه توطئه ولكن
تخطاه العتاق من الخيول
وقد قطع العداة الرأس منه
وعلوه على رمح طويل
وقال رحمه الله في قصيدة أخرى:
لقد كسرت للدين في يوم كربلا
كسائر لا تواسى ولا هي تجبر
فاما سباً بالرماح مسوّق
واما قتيل بالتراب معفّر
إنتهى لقاء اليوم من برنامج (مدائح الأنوار)، وقد إخترنا لكم إخوتنا مستمعي إذاعة طهران مقاطع في الرثاء الحسيني من شعر الأديب المحدث والعالم الورع أبي الحسن علي بن وصيف الملقب بالناشيء الصغير، شكراً لكم والسلام عليكم.