بسم الله وله الحمد على أن جعلنا من أهل محبة محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. السلام عليكم اخوتنا المستمعين، للشعر الأندلسي مساهمة مؤثرة في الرثاء الحسيني وبلغة مفعمة بمشاعر التفجع، من نماذجها ما اخترناه من قصيدة لأحد أعلام الأدب الأندلسي هو أبو العباس أحمد بن يعيش بن شكيل الصوفي الشاعر الصوفي الأندلسي من أهل شربش، وصفه ابن الأبار في كتابه (تحفة القادم) بانه أحد الشعراء الفحول مع نزاهة سابغة الذيول، توفي بدون علة سنة خمس وستمائة للهجرة، كما نقل عنه ذلك الصفدي في كتاب الوافي بالوفيات.
قال رحمه الله في احدى وجدانياته البليغة في رثاء أهل بيت النبوة عليهم السلام لاسيما الحسين سيد الشهداء:
يا برق برقاً بين مروة والصفا
باكر بسقيا الحج ديناً قد عفا
واهد الحجيج الى معالم مكةٍ
فلقد تركتهم حيارى وقفا
حمل عمامك ديمةً من زمزم
انضح برياها القلوب الرجفا
واكحل جفوني من سوافي ريحها
إني أشح بتربها أن ينسفا
بين الحجون الى الحطيم لأحمد ٍ
أثر زكا منه الثرى وتشرفا
بمنى بجمرته الى عرفاته
ناهيك مسعى للنبي وموقفا
والحجر والحجر الأحم تألقت
أنواره فأبى الهدى أن تكسفا
ومقام ابراهيم يدعو ربه
قد أثرت قدماه في صم الصفا
والبيت ذو الاستار تمسح ركنه
ورق الحمام عياذة وتعطفا
يا ليت أني في ذراه حمامةٌ
أدع الهديل سدى وأبكي المصطفى
يا عين ابكي للدفين بطيبةٍ
ولمفرق بدم الوصي تغلفا
أخوين خيرهما بحرّة يثرب
ثاوٍ وآخر بالعراق تخلفا
ثم ينقل الاديب الأندلسي أحمد بن يعيش وبعد أبيات الى ذكر مصاب السبطين عليهما السلام فيقول:
وأبكي على السبطين بعد أبيهما
حباً لجدهما الرحيم الأرأفا
عمري لقد جار الضلال على الهدى
بالطف في قتل الحسين وطففا
واهاً لها من عثرهٍ لو تتقى
واهاً لها من ضلةٍ لو تقتفى
رضيت قريش أن تقتل هاشم
فعلى قريش بعد هاشم ٍ العفا
لو أن صقراً في مكان أميةٍ
لحماً لحام على الحسين ورفرفا
إني لأشرق بالزلال تذكراً
لهم وأقلق بالنعيم تأسفا
يا ليت شعري كيف كان على العصا
رأس الحسين ونوره كيف انطفا
أم كيف تقرع بالقضيب ثنيةً
كانت ملذاً للنبي ومرشفا
إن يرفعوا رأس الحسين فقبله
رفعوا لواذاً من أبيه المصحفا
ايها حديثاً عن فؤادي إنه
ذكر الرسول وآله فتشوقا
أقم الصلاة على النبي فأنها
تذر الذنوب الشم قاعاً صفصفا
يارب أني قد أنست بحبهم
فاجعلهم لي عن سواه مصرفا
مستمعينا الأكارم ونختار من مرثية حسينية أخرى أنشأها الشاعر الأندلسي ابو العباس أحمد بن شكيل قوله رحمه الله:
أحق ما كان من قلبي تباريح
فليهنيء العين إن الدمع مسفوح
من كان في جفنه دمع يضن به
فإن دمعي لأهل البيت ممنوح
آل النبي لقد سقيتم عللا
كأس المنايا فمغبوق ومصبوح
صلى الاله على أشلاء منجدل
بكربلاء يحيي روحه الروح
أوفى على معرك الأبطال محتسباً
ليث شعاراه تهليل وتسبيح
يا فارسا هاشمياً ما أضر به
تثاقل القوم اذ ناداهم روحوا
طاروا وأثبت في الهيجاء أخمصه
صبراً وكان له عنها مناديح
حتى توى الفارس الحجاج يتبعه
من هاشم الخير فرسان جحاجيح
لم يتقوا الضرب بالاكتاف اذ صرعوا
بل النجيع على اللباب منضوح
تندى الوجوه نجيعاً وهي مشرقة
كأنها في دجى الهيجا مصابيح
وبعد أبيات يذكر فيها جرائم بني أمية يوم الطف يقول هذا الأديب الأندلسي:
طافوا برأس ابن خير الناس كلهم
بئس الطواف ونعم الرأس والروح
ولست أبسط قولاً في دعيهم
كل الدعيين ملعون ومقبوح
ياعين جودي على قتل الحسين دماً
وأبكي جهاراً فإن الوجد تصريح
ويا لساني عاود مدحه أبداً
وإن أيسر ما فيه الأماديح
كانت هذه اخوتنا مستمعي اذاعة طهران مراثي حسينية من الشعر الأندلسي اخترناها من شعر الأديب المبدع ابي العباس أحمد بن يعيش بن شكيل الصوفي رحمه الله، انتهى هذا اللقاء من برنامج (مدائح الأنوار)، دمتم بكل خير والسلام عليكم.