بسم الله وله الحمد والمجد، النور المنير واللطيف الخبير، وأتم الصلوات الزاكيات والتحيات المتناميات علي سراجه المنير وسفيره البشير النذير محمد وآله الطاهرين.
أهلاً بكم في لقاء آخر من هذا البرنامج، نخصصها لتصوير شعري جميل لمديحة قرآنية بليغة خلّد فيها الله تعالي منقبة من مناقب آل حبيبه المصطفي (صلي الله عليه وآله)، وأثني في كتابه المجيد علي موقفهم النبيل (عليهم السلام) وهم يجسدون مظاهر الرحمة الإلهية بالعباد فيؤثرون المحتاجين علي أنفسهم وهم في أشد صور الحاجة لما يقدمونه لهم.
والأبيات التي إخترناها هي لشاعرين الأول هو لأديب عالم من القرن الهجري الرابع هو علي بن عبد الله بن وصيف البغدادي الملقب بالناشئ الصغير المتوفي سنة خمس وستين وثلاثمائة للهجرة، وقد وصفه النقاد بأنه أشعر شعراء عصره لكنه تعرض للتجاهل والتعتيم لأن أكثر شعره في مدح النبي وآله عليه وعليهم السلام.
أما الشاعر الثاني فهو من القرن الهجري السادس وهو الملقب بالملك الصالح، الوزير الفارس طلائع بن رزيك المتوفي سنة إثنتين وخمسين وخمسمائة للهجرة.
نبدأ أولاً بالناشئ الصغير حيث يقول أولاً في مقطوعة قصيرة يشير فيها الي المدح القرآني المذكور إجمالاً:
ولقد تبين فضلهم في هل أتي
فضل تذوب به قلوب الحسّد
وجزاؤهم بالصبر ما هو جنة
فيها الحرير لباسهم لم ينفد
يسقون فيها سلسبيل يديرها
ولدان حور بين حور خرد
وفي قصيدة أخري ينقلها أيضاً الحافظ السروي الحلبي في كتاب المناقب يتحدث الناشئ الصغير عن هذه المنقبة القرآنية بصورة اكثر تفصيلاً حيث يقول:
هل اتي علي الانسان حين من
الدهر مع الخلق لم يكن مذكوراً
إن الأبرار يشربون بكأس
كان مزاجها لهم كافوراً
هي عين تجري بقدرة ربي
فجرتها عباده تفجيراً
إذ وفوا نذرهم يخافون يوماً
في غد كان شره مستطيراً
ويبقي الناشئ الصغير ملتزماً بالتعبيرات القرآنية في بيان ما قام به الموفون بالنذر علي وفاطمة والحسنان (عليهم السلام)، حيث يقول:
يطعمون الطعام مسكينهم ثم
يتيماً ويطعمون الأسيراً
أطعموهم لله لا لجزاء
أطعموهم ولم يريدوا شكوراً
ثم قالوا نخاف من ربنا يوماً
عبوساً لهوله قمطريراً
فيوقون شر ذلك اليوم
ويلقون نضرة وسروراً
وجزاهم بصبرهم في العظيمات
علي الضيم جنة وحريراً
وعليهم تدور آنية الفضة
تحوي شرابها المذخوراً
في قوارير فضة قدروها
في ثنايا كمالها تقديراً
ويسقون زنجبيلاً لدي الكاس
مزاجاً وسلسبيلاً عبيراً
ويطوف الولدان فيهم يخالون
من الحسن لؤلؤاً منثوراً
وإذا ما رأيت ثم تأمّلت
نعيماً لهم وملكاً كبيراً
وثياب عليهم سندس خضر
وحلوا أساوراً وشذوراً
وسقاهم في القدس ربهم الله
شراباً من الجنان طهوراً
ان هذا هو الجزاء وما زال
بلا شك سعيهم مشكوراً
ومن عصر الأديب البغدادي العالم الناشيء الصغير وهو القرن الرابع عشر ننقلكم الي القرن الهجري السادس ومع الأديب الفارس والوزير العالم طلائع بن رزيك حيث يقول في تصوير المنقبة نفسها في قصيدة بالقافية نفسها يذكر فيها مناقب الزهراء والمرتضي وولدهما (عليهم السلام):
إن الأبرار يشربون بكأس
كان حقاً مزاجها كافوراً
ولهم أنشأ المهيمن عيناً
فجروها عباده تفجيراً
وهداهم وقال يوفون بالنذر
فمن مثلهم يوفي النذوراً
ويخافون بعد ذلك يوماً
هائلاً كان شره مستطيراً
يطعمون الطعام ذا اليتم
والمسكين في حب ربهم والأسيراً
إنما نطعم الطعام لوجه الله
لا نبتغي لديكم شكوراً
غير إنا نخاف من ربنا يوماً
عبوساً عصبصباً قمطريراً
فوقاهم الههم ذلك اليوم
يلقون نضرة وسروراً
وجزاهم بأنهم صبروا في
السر والجهر جنة وحريراً
في اتكاءهم لا يرون لدي الجنة
شمساً كلا ولا زمهريراً
وعليهم ظلالها دانيات
ذللت في قطوفها تيسيراً
وبأكواب فضة وقوارير
قوارير قدرت تقديراً
ويطوف الولدان فيها عليهم
فيخالون لؤلؤاً منثوراً
بكؤس قد مزجت زنجبيلاً
لذة الشاربين تشفي الصدوراً
ويحلون بالاساور فيها
وسقاهم ربي شراباً طهوراً
وعليهم فيها ثياب من السندس
خضر في الخلد تلمع نوراً
إن هذا لكم جزاءاً من الله
وقد كان سعيكم مشكوراً
كانت هذه ابيات للملك الصالح طلائع بن رزيك في تصوير المدح القرآني لعلي وفاطمة والحسنين (عليهم السلام) ومعهم السيدة فضة (رضي الله عنها) وهم يؤثرون الناس عَلَى أَنفُسِهِمْ وهم بِهِمْ خَصَاصَةٌ.