بسم الله العلي الأعلي وله خالص الحمد والمدح والشكر والثناء، والصلاة والسلام علي سادة عباده الإصفياء سيد الأنبياء وآله النجباء.
إهتم إدباء المسلمين بذكر مصاهرة الوصي المرتضي (عليه السلام) للنبي الأكرم (صلي الله عليه وآله)، مشيدين بذلك كأحدي مناقبه الكبري (سلام الله عليه).
وهذه المنقبة تمتاز مع الوصي المرتضي بخصوصيات خاصة تميزها عن باقي المصاهرات، فهي مصاهرة بأمر الله جل جلاله كما ذكرت الأحاديث الشريفة والمرتضي هو زوج الصديقة الكبري والبنت الوحيدة للمصطفي (صلي الله عليه وآله) وهي سيدة نساء العالمين التي لو لا علي لم يكن لها كفو بين رجال العالمين.
هذه المنقبة نجدها متجلية في النماذج التي إخترناها لهذه الحلقة وهي من مختلف قرون التأريخ الإسلامي فمن شعراء الصحابة نقرأ لشاعر كنانه وفارسها ابي الطفيل عامر بن واثلة وآخر من توفي من الصحابة سنة مئة للهجرة.
كما نقرأ من ديوان أديب الولاء في القرن الهجري الثالث دعبل الخزاعي ونختم اللقاء بأديب عالم من القرن الهجري الرابع عشر هو ابو الهدي الصيادي شيخ مشائح الدولة العثمانية في زمن السلطان عبد الحميد الثاني.
نبدأ من صدر الإسلام حيث يقول الأديب الفارس الصحابي ابو الطفيل الكناني مادحاً كفو الصديقة الزهراء (سلام الله عليه) الوصي المرتضي (عليه السلام) بقوله (رضي الله عنه):
صهرُ النبي بذاك الله أكرَمَه
إذا اصطفاه وذاك الصَّهر مُذّخَرُ
فَقام بالأمر والتقوي أبو حسنٍ
بخٍ هنا لك فضلٌ ما له خَطَرُ
لا يسلم القَرمُ منه إن ألَّم به
ولا يهابُ وإن اعداؤه كثروا
من رامَ صولته وافي منيته
لا يدفعُ الثكل عن أقرانه الحذرُ
نبقي في قرون صدر الإسلام الأولي فننقلكم من القرن الهجري الأول الي الثالث، ومع الأديب الولائي المبدع دعبل الخزاعي (رضوان الله عليه)، فنقرأ من ديوانه المديحة الرسالية التالية؛ قال:
وَإنَّك إن غِبتَ عنّي وَلَم
أَجد لي سوي ذكرِ قلبٍ وَفمِ
ليَ اللهُ ثُمَّ النبيُّ الكريمُ
وأكرمُ صهرٍ لهُ وَابنِ عَم
قسيمُ الجحيمِ فهذا لهُ
وَهَذا لها باعتِدالِ القِسَمِ
وساقي الوُفودِ بيومِ الوُرودِ
علي كوثرٍ ماؤُهُ قد شَبِم
يذودُ عنِ الحوضِ أعداءَهُ
فَكم من لعينٍ طريدٍ وكم
فمِن ناكثينَ ومَن قاسطينَ
وَمِن مارقينَ ومَن مُجترم
إذا قالَ أحمَدُ صَحبي يقالُ
لم تَدرِما أحدثوا في الأُمَم
من ديوان شاعر الولاء الصادق دعبل الخزاعي نختار أيضاً المقطوعة التالية في الولاية والبراءة فنقرأ قوله (رحمه الله):
آلِ الرَسولِ مصابيحِ الهدايةِ لا
أهلِ الغوايةِ أربابِ الضَلالاتِ
قد أنزلَ اللهُ في إطرائِهم سوراً
تـُثني عَليهم وَثنـّاها بآياتِ
منهُم أبو الحَسنِ الساقي العدا جُرعاً
من الردي بحُسامٍ لا بكاساتِ
إن كرَّفي الجيشِ فَرَّ الجيشُ منهزِماً
عنهُ فتعثُرُ أبدانٌ بهاماتِ
صهرُ الرسول علي الزهراءِ زوجّهُ اللهُ
العليُّ بها فوقَ السَمواتِ
فأثمرت خيرَ أهلِ الأرضِ بعدَهُما
أعني الشهيدينِ ساداتِ البريّاتِ
إذا سقي حسناً سُمّاً مُعيّةُ أو
علي حسينٍ يزيدٌ شنَّ غاراتِ
لذاك ممّن بدا في ظُلمِ أُمّهما
حتي قضت غضباً من ظُلمِها العاتي
ظلامةٌ لم تزَل تُستنُّ إثرَهُمُ
لَم تُثنَ عن سالفٍ منهُم ولا آتِ
يا ربِّ زدني رُشداً في مَحبَّتِهم
وَاِشفِ فؤاديَ من أهلِ الضَلالاتِ
زادنا الله وإياكم محبة وموالاة لأهل المودة المحمدية (عليهم السلام) مقرونة بالبراءة من أعدائهم الأئمة المضلين.
أما الآن فمع مقطوعة من الأدب العرفاني في مقام عبد الله وأخي رسوله (صلي الله عليه وآله) الوصي المرتضي من إنشاء العالم الأديب شيخ مشائخ الإسلام في الدولة العثمانية أبي الهدي الصيادي يقول (رحمه الله) فيها مخاطباً مولاه:
سلطان عزك في غيب الوجود جلا
غيم الضلال وفي شأو الفخارعلا
أنت الولي لكل المؤمنين كما
صح الحديث وبالإسناد قد نقلا
يا حيدر الغيب يا باب المدينة يا
سبع الجلالة يا وصال من فصلا
يا هيكل العلم في كل العوالم يا
صهر النبي ويا كشاف ما نزلا
لك اتحاد من المختار حكمته
مخيفة لم تكن تجلي لمن جهلا
أيدته بعلي سر مظهرها
يدريه من أدرك التفصيل والجملا
وهذه الأبيات العرفانية في المقامات العلوية التي أنشأها العالم الأديب ابو الهدي الصيادي.