له الحمد الهادي الي الصراط المستقيم والصلاة والسلام علي أنوار هداية لنهجه القويم المصطفي الأمين وعترته الطيبين.
الشجاعة العلوية هي من محاسن التأريخ الفريدة التي إهتم شعراء المسلمين بذكرها والحديث عنها فيما تفجرت به قرائحهم من مدائح الأنوار ولكن شجاعة الوصي المرتضي (عليه السلام) ليست كشجاعة سائر شجعان التأريخ الإنساني، فسيفه هو ذو الفقار الذي يميزُ بين الحق والباطل فلا يُشهر إلا علي باطل ولا يُقتل إلا من أعلمه الله أن صلبه قد خلا من ذرية يمكن أن تكون من أهل الإيمان.
في أبيات هذا اللقاء نقرأ القسم الثاني من مديحة غراء لأمير المؤمنين (عليه السلام) من إنشاء الشاعر التركي المبدع والعالم المحدث إيدمر بن عبد الله الإسكندري من أعلام المحدثين في القرن الهجري السابع وتتضمن هذه الأبيات مدحاً لكفيل المصطفي ووالد المرتضي عليهما وآلهما السلام سيد البطحاء أبي طالب فيه بعض التألم لمظلوميته (سلام الله عليه).
يقول العالم الأديب إيدمر المَحبَوي (رحمه الله) عن الوصي المرتضي (عليه السلام):
فهوَ الشجاع إذا الكماةُ تلاحظت
والبيض تُبرق بالمَنونِ وتُرعِدُ
ما فرَّقطّ وَما أعدَّ لِظَهرِه
درعاً لظامي الرُمح فيها موردُ
طلقُ الأسرّةِ والوجوهُ عوابسٌ
ماضي العزيمةِ والقنا يتقصَّدُ
حمّال أَلويةِ النبي ومَن لهُ
في كلِّ معترك بَلاءٌ يحمَدُ
في يومِ بدرٍ لاحَ في ليل الوغي
بدراً نهارُ الشُرك منهُ أسوَدُ
وَبسَفح أُحدٍ منهُ موقف واحدٍ
بدَّ الفَوارسَ فَهُوَ فيها أوحدُ
ولَهُ بجزع الخَندَقِ الأثر الَّذي
فُقد المؤثروَهُوَ ذا لا يفقَدُ
أودي اِبنَ وُدّ ما هُناك بضَربَةٍ
ما قيلَ إن العودَ فيها أحمدُ
وغداةَ خبيرَ حينَ صبَّحها
الخَميسُ المجرُ يقدُمه إليها أحمدُ
أعطاه رايته وولّي بارئَ
العينين وَهُوَ وقَد أتاه أرمدُ
رَفعت عَليهِ فَمن لحامل رايةٍ
جبريلُ تَحتَ لوائه وَمحمَّدُ
فَمَشي إلَيها مَشي أروعَ باسلٍ
قَد مارس الغمراتِ فَهُوَ مَنَّجدُ
فكفاك رأي العَين من فعلاتِهِ
ما طابَ مصدرُذكرهِ وَالموردُ
وَغداةَ حانت في حُنينٍ جَولَةٌ
للمُسلمين بمثلها ما عُوِّدوا
ألقي مَراسيَ صبرِهِ وثباتِه
يحمي الحقيقةَ والملائك شُهَّدُ
وشجاعة علي هي شجاعة المدافع عن رسالة السماء ممثلةً بالنبي الأكرم (صلي الله عليه وآله)، وهذه الحقيقة يذكر بها الأديب التركي المبدع ايدمر المَحبَوي قبل أن ينتقل لبيان البلاغة العلوية، قال (رحمه الله):
أسدُ الحُروبِ سِنانهُ لا ينثَني
دون الرسولِ وَسيفُهُ لا يغَمَدُ
وَأَخو البلاغة يجتني من لَفظِهِ
بيد المَسامع لؤلؤ وَزَبَرجدُ
تَتَدفَّق الكلِمُ الفِصاح إذا انبَري
للقَول تَحسبَها إلَيه تُحشَدُ
كلَمٌ تسحَّبَ في الفصاحة دَوحَها
كالبُرد منهُ مسهَّمٌ وَمنضَّدُ
سَلِسٌ كما سالَ الغديرُ وبَعضُهُ
جَزلٌ كما سُلَّ الحسامُ المغَمدُ
من مثلُهُ جَذا سَما فَبَني لَهُ
بيتاً لهُ فوقَ الكواكب مقعَدُ
أم من كمثلِ أبيهِ أعظَمُ منّةً
عِندَ النبي يذُبُّ عنهُ ويعضُدُ
أيّامَ تهجُره قُريشُ فَكلُّهم
قالٍ لَهُ متهدّدٌ متوِعّدُ
لا ذنبَ إلاّ منعهُ لمحمَّدٍ
منهُم فكلُّ عنهُ أزور أصيدُ
وَغداة تُكتتبُ الصحيفةُ بَينَهُم
جَهدوا هُنا لك جَهدَهم فَاستنفَدوا
قَطعوا بها أرحامَهُم وَتألَّبوا
بَغياً فَما كرموا هُناك ولا هُدُوا
أم من كعتريةِ المُطهَّرة الَّتي
من تلقَ منهُم قلتَ هَذا السيّدُ
مدحته آياتُ الكتاب فأطنَبَت
وَلَهُ بكلِّ فمٍ مديحٌ ينشَدُ
من حازَأوصافَ الكمال فظنَّهُ
قومٌ بجهلِهمُ إلهاً يعبَدُ
كانت هذه أبياتاً في مدح الوصي المرتضي (عليه السلام) للأديب التركي المبدع والعالم المحدث إيدمر المَحبوي المتوفي سنة أربع وسبعين بعد الستمائة.