بسم الله وله الحمد والثناء نور السموات والارضين والصلاة والسلام علي مصابيح صراطه المستقيم محمد وآله الطاهرين.
إخترنا لكم في هذا اللقاء قصيدة في مدح مصباح الهدي المحمدي مولانا سيد الشهداء الحسين بن علي (عليهما السلام) أنشأها في زيارته والتوسل به (عليه السلام) الي الله جل جلاله الفقيه الشافعي نجم الدين الحسين بن علي البغدادي من أعلام علماء القرن الهجري الثاني عشر والمتوفي سنة خمس وتسعين بعد التسعمائة والألف وهو صاحب الحاشية علي كتاب شرح الحضرميّه لابن حجر الهيثمي وكذلك مؤلف رسالة مباحث في الإمامة والحاشية علي جمع الجوامع في أصول الفقه.
وقد ضمّن هذا الفقيه مديحته مضامين عدة من الأحاديث النبوية المبينة لمنزلةِ أهل البيت (عليهم السلام) ممهداً بها لقبول الله عزوجل توسله بالحسين (عليه السلام)؛ متوجهاً في مدحه الي ذكر مناقب العترة المحمدية الطاهرة لا سيما سيد الوصيين الامام المرتضي (عليه السلام).
قال الفقيه البغدادي في إستهلال بليغ لمديحته يصور شوق القلوب المؤمنة لزيارة الحسين (عليه السلام):
طوبي لتلك المطايا يومَ مسراها
فالنصر قارنهـا والفخر حياها
بُشري لها من مطايا قد سرت ومرت
الشوق سابقها والسَعد وافاها
تطوي السباسب والاطام تقطعـهـا
كأنّها فوق هام المجد ممشاها
دعها فإن عظيم الشـوق أنحلها
والوزر أثقلَها والوجد أعياهـا
لا تستقل ولا تلفي السهاد إلـي
أن ترتوي من حياض الطف أحشاها
ولا تميل إلـي دار المقـام إلـي
أن تلقي الرحل باب النيل سؤلاها
سر الرسالة بيت العلم من فخـرت
بفخرهم هامة العليا وعيناهـا
أئمة رفعت أقدارهـم فعلـت
بهم قريش وسادت فـوق علياها
مبرؤون عن الأدناس ساحتهـم
محروسة وآلـه العـرش زكاها
طابت عناصرهم جلت مفاخرهم
من التقي والندي حازت معلاهـا
ان أَمهم وفد طلاب لهُم رفـدوا
وأكرَموا بالعطاء الجم مثواهـا
حازوا بفضلهم السامي ومحتدهم
منازل العز أسمـاها وأغلاهـا
للمستجير بهم من كل نائبة
حصن إذا انبعث الطاغي واشقاهـا
بكم نجوت بني الزهرا لأَنكـم
أَنتم سفينة نـوح يومَ مجراهـا
بالجد والجد سدتم كل ذي شرف
فمن كجدكم خير الوري طـه
فأنتم غـرر الدنيـا وانجمهـا
وذُروة المجد أدناهـا وأقصاها
الجَد خير الوري والأُم فاطمة
خيرَ النساء الّتي قد طابَ منشاها
ومن يباريكم يا آل حيدرة
وحيدر قد غدا في خم مولاهـا
هو الشهيد الّذي حقاً قد افتخرت
به الشهادة فيما نالَ عُقباها
بالعلم والحلم فاق الأكرمين تقي
وحازَمن قصبات السبق أجلاها
عين الكمال وكنز السر معدنه
ودوحة العز أغلاها وأعلاها
ضاق الخناق فلا ذخر ولا سنـد
وكم علي ذنوب صُرت أخشاهـا
والقلب إلا بكم لم يلقَ مُستنداً
والنفس إلا بُكم لا تلقَ منجاهـا
ناديت والدمع يجري سيدَ الشهدا
وبضعةَ المصطفي كم شم رياها
ويواصل الفقيه الأديب نجم الدين البغدادي خطابه للإمام الحسين (عليه السلام) قائلاً:
يا ابن الغطارفة السامين من مُضَر
قد أنحلتني ذنـوب جل أدناها
غث والهاً قاصداً بالوزر مرتدياً
جنابك الرحب يا من قد سما جاها
وصل فقيراً أتي يسعي بمسكنـة
بحراً لئاليه أيدي الجود ألقاهـا
والعم جعفر حازَ الفضل إذ كملت
بهِ المراتب أعلاها وأسمـاها
لو أن كل حُطام الناس قبضته
صفراً وبيضاً لوجه الله أفناها
أو كان كل عقار الناس في يـده
براً وبحراً وما فيها لأعطاهـا
من مثله وعلي كـان والـده
وجَده سيد الدُنيـا ومولاها
يا ابن المطهر والليث الغضنفر
والمردي العِدي بالعوالي حينَ طغياها
وهُوَ الهزبر ولكن غيثه غَـدَق
همي عَلي ساحة الدُنيا فأحياها
مدينة العلم أضحي بابها وَحَوي
من المناقب أحلاها وأجلاها
وحازَلما أَلم المسلمون ضحي
بباب خيبر فضلاً حيث جلاهـا
لما غدا وعقاب النصر في يـَده
كالليث يضرب يُمناها بيُسراها
يكفيه بالسبق في الإسلام مُفتخراً
وأنّـهُ لعري الإسلام قواهـا
وَجَمرة الكفر أطفاها وأخمدَها
وعُصبة الشُرك أخزاها وأفناها
عليه أزكي سلام الله ما سجعت
قَمرية وحمام الأيك غناها
وروح الله قبراً منهُ ما هتَفَـت
حمامة الايك والقمري ناجاها
كانت هذه مديحة في مناقب العترة المحمدية خاطب بها الفقيه الشافعي نجم الدين البغدادي الإمام الحسين (عليه السلام) وهو يتوسل به وبزيارته الي الله عزوجل لقضاء حوائجه.