بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين له في السراء والضراء وأزكي الصلوات التحيات علي سيد الأنبياء وآله الأصفياء.
من الأغراض المهمة في الشعر الحسيني الإنطلاق من مظاهر المصيبة المروعة التي اشتملت عليها واقعة الطف الفجيعة لبعث روح الغيرة الإيمانية في المؤمنين بأتجاه رفض جميع أشكال الظلم من جهة ومن جهة أخري بعث روح الإنتصار للمظلومية الحسينية بجميع أشكالها.
وهذا ما نتلمسه في الأبيات التي إخترناها لهذا اللقاء من برنامج مدائح الأنوار وهي من قصيدة حسينية مهدوية للعالم الورع والأديب الولائي المخلص الشيخ علي نجل الشيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفي سنة إثنتين بعد الخمسين والمئتين والألف للهجرة المباركة.
قال الشيخ علي كاشف الغطاء في تصوير جانب من الملحمية والمظلومية في واقعة كربلاء:
وكم من آل أحمد من أبي
قضي ظماً ولج الماء طامي
بنفسي كل ابلج من قريش
أشم الانف معروق الفطام
علي الرمضاء دامي النحر عار
ولا ظل له غير القتام
ويا لك عصبة لم ترع إلا
لآل الله في الشهر الحرام
فهذا موثق عان وهذا
عليل لا يفيق من السقام
وذاك مجرع كأس المنايا
بضرب السيف أورشق السهام
وأفئدة الفواطم طائرات
لها خفقان أجنحة الحمام
سقطن علي الشهيد بحر قلب
إلي تقبيل منحره ظوامي
وان أبعدن قسراً عن حماه
لحظناه بأجفان دوامي
وبعد وصف مفجع لما جري في واقعة الطف الأليمة يندفع الأديب الولائي الشيخ علي بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء الي إستنهاض الغيرة الهاشمية والحمية الإيمانية بعيداً عن شوائب الجاهلية فيقول:
ألا من مبلغ عني نزاراً
ببطحاء المشاعر والحرام
لأنتم أطول الثقلين باعا
وأبعد موطنا عن كل ذام
فلا حملت عواتقكم سيوفا
ورأس السبط فوق الرمح سامي
ولا ركبت فوارسكم خيولا
وصدر السبط مرضوض العظام
ويواصل الأديب الشيخ علي كاشف الغطاء خطابه الإستنهاضي بلغة مؤثرة في عرض رموز المصاب الحسيني، قال (رضوان الله عليه):
ولا حجبت كرائمكم خيام
ورحل السبط منهوب الخيام
ولا نقع الغليل لكم رواء
ونجل محمد في الطف ظامي
ولا بلغ الفطام لكم رضيع
وطفل السبط يفطم بالسهام
وأنصار له في الله باعوا
حياة النفس بالموت الزوام
لقد ألفوا الوغي قدما فحنوا
إلي الهيجا حنين المستهام
إذا شبت لظي الهيجاء كانوا
أمام الدار عين إلي الأمام
حموا وسموا فما حام وسام
سواهم من بني حام وسام
لقد نالوا المني وجنوا ثماراً
من الشرف الرفيع المستدام
وبعد هذا المدح البليغ لأنصار الحسين (عليه وعليهم السلام) يتوجه الأديب العالم الشيخ علي كاشف الغطاء بخاطبه الي الإمام المهدي متشوقاً لظهوره (عجل الله فرجه)، قال (رحمه الله):
أيا بن القادمين علي المنايا
إذا ما الصيد تحجم في الصدام
وهم حجج الإله علي البر
بهم عرف الحلال من الحرام
متي أنا قائم أعلي مقام
ولاق ضوء وجهك بالسلام
وقد نشرت لك الرايات تبدو
خوافقها بمكة فالمقام
وأشرقت البلاد بجيش نصر
رماحهم أخف من السهام
هناك يشتفي الصادي ويحظي
وليكم بإدراك المرام
كانت هذه أبيات من قصيدة مهدوية حسينية للعالم الورع والأديب الصادق الشيخ علي بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء من أعلام الإمامية في القرن الهجري الثالث عشر.