بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي سادات أوليائه أهل الجود والعطاء والتضحية والإيثار المصطفي الأمجد وآله أولي الشرف والسؤدد.
روي في المصادر الحديثية المعتبرة عن الإمام الصادق(عليه السلام) تصريحه بأن الجزع مذموم في كل أمر إلا علي الحسين وما جري له (عليه السلام) في واقعة كربلاء الدامية.
وهذه من الخصائص الحسينية التي أشار اليها الفقهاء في مدوناتهم الفقهية ونجدها أيضاً في كثير من نتاجات الشعر الحسيني، ومنها قصيدة هذا اللقاء وهي من إنشاء عالم جليل وأديب خصص جلّ شعره لواقعة كربلاء، إنه صاحب منظومة المقبولة الحسينية في هذه الواقعة ومؤلف كتاب المستدرك علي نهج البلاغة، الشيخ هادي كاشف الغطاء المتوفي سنة ستين وثلاثمائه بعد الألف للهجرة. قال (رضوان الله عليه):
أتعلم أيها السيف الصقيل
بحدك في الطفوف من القتيل
ومن تبكي السماء دما عليه
ومن ينعاه فيها جبرئيل
ومن بمصابه خير البرايا
معزي والبتول به ثكول
أتدري من فللت عضبا
حساما ما بشفرته فلول
أتدري من قتلت قتلت فردا
من الأشراف يفديه القبيل
به فقدت لؤي طود عز
تزول الراسيات ولا تزول
لئن جزع الصبور فرب خطب
به لا يحسن الصبر الجميل
أري حسنا بكاك علي حسين
ويحسن فيه نوحك والعويل
فيا كهف الأرامل من يرجي
وأنت لقيً تكفنك الرمول
ويا غوث الصريخ من المحامي
إذا ما فاجأ الخطب المهول
قضيت مبرءا من كل عيب
فما يدري حسودك ما يقول
بيوم تظمأ الأبطال فيه
ويروي الرمح والعضب الصقيل
لقرع السمهري به دوي
ووقع المشرفي له صليل
إذا رعدت لبرق ضباك نفس
جرت في الأرض من دمها سيول
أبت لك يا أبي الضيم نفس
مقدسة زكت منها الأصول
ويواصل الشيخ هادي كاشف الغطاء مديحته الرثائية في الملحمة الحسينية بخطاب إستنهاضي للمشاعر الإيمانية للثأر للمظلومية الحسينية، قال (قدس سره الشريف):
بني عمرو العلي هبوا سراعا
وقد أودي بعزكم الخمول
ويقرع من عميدك ثغر مجد
وقدما كان يلثمه الرسول
فلا بلغ الفطام لكم رضيع
وطفل السبط تفطمه النصول
ولا عذب الفرات لكم شرابا
وليس له إلي ورد سبيل
وفوق اليعملات بنات وحي
لها من هيبة الباري سدول
سرت وحماتها في الأرض صرعي
مرملة وكافلها عليل
قضوا حق العلي ومضو كراما
علي الأسلام أنفسهم تسيل
حلا مر الحتوف لهم مذاقا
كأن الموت شهد سلسبيل
وقد ثبتوا هضاب حجي بيوم
تطيش به البصائر والعقول
وجادوا في النفوس وليس فيهم
فتي بنفيس مهجته بخيل
ويختم الشيخ هادي كاشف الغطاء مديحته الرثائية بوقفة قصيرة عند مصاب الحسين (عليه السلام) بفتاه الزكي يوسف آل محمد علي الأكبر (عليه السلام)، فيقول:
وقد هد الإمام مصاب شبل
تحامته الضراغم والشبول
رآه علي الثري شلوا فنادي
وجاري دمع مقلته همول
علي الدنيا العفاء فما أراها
تطيب وأنت منعفر جديل
لكنت الكوكب الدري ضاءت
أشعته ففاجأه الأفول
وكنت الغصن منه عود
الرجا غضا ففاجأه الذبول
قصرت مهندا وقصرت عمرا
وفي العليا لك الباع الطويل
قرأنا لكم مديحة رثائية لأبي عبد الله الحسين (سلام الله عليه) من إنشاء العالم الورع والأديب الحسيني الشيخ هادي كاشف الغطاء (رضوان الله عليه).