بسم الله وله خالص الشكر والحمد رب العالمين وأسني الصلوات الزاكيات علي صفوته وأحبائه الذين ضحوا في محبته بكل غالٍ ونفيس المصطفي محمد وآله المظلومين.
نلتقيكم في برنامج مدائح الأنوار وحلقة أخري من الحلقات الخاصة بموسم العزاء الحسيني.
اعددنا لكم في هذا اللقاء قصيدتين من غرر المراثي الحسينية لصاحب القصيدة الكوثرية الشهيرة، العالم الفقيه والأديب الصادق والشاعر المبدع آية الله السيد رضا الموسوي الهندي من أعلام علماء الإمامية في القرن الرابع عشرمن الهجرة النبوية.
في مرثية شجية مفعمة بمشاعر التفجيع الإيماني لواقعة الطف الدامية قال السيد رضا الهندي (قدس سره):
إن كان عندك عبرة تجريها
فانزل بأرض الطف كي نسقيها
فعسي نبُلُّ بها مضاجع صفوة
ما بلَّتِ الأكباد من جاريها
ولقد مررت علي منازل عصمة
ثقل النبوة كان ألقي فيها
فبكيت حتي خلتها ستجيبني
ببكائها حزناً علي أهليها
وذكرت إذ وقفت عقيلة حيدرٍ
مذهولة تصغي لصوت أخيها
بأبي التي ورثت مصائب أمّها
فغدت تقابلها بصبرابيها
لم تلُه عن جميع العيال وحفظهم
بفراق إخوتها وفقد بنيها
تدعو فتحترق القلوب كأنّما
يرمي حشاها جمرَهُ من فيها
هذي نساؤك من يكون إذا سرت
في الأسرسائقها ومن حاديها
أيسوقها زجرٌ بضرب متونها
والشمر يحدوها بسبِّ أبيها
عجباً لها بالأمس أنت تصونها
واليوم آل أمية تبديها
حسري وعزَّ عليك أن لم يتركوا
لك من ثيابك ساتراً يكفيها
وسروا براسك في القنا وقلوبها
تسمو إليه ووجدها يضنيها
إن أخّروه شجاه رؤية حالها
أو قدموه فحاله يشجيها
ونبقي مع آية الله السيد رضا الموسوي الهندي وهو يبكي الحسين (عليه السلام) وصحبه الأبرار في مرثية أخري يفتتحها ويختمها بمدح وفاء وفداء أنصاره المنتجبين، قال (رضوان الله عليه):
كيف يصحو بما تقول اللواحي
من سقته الهموم أنكد راح
وغزته عساكر الحزن حتي
أفردت قلبه من الأفراح
كيف تهنيني الحياة وقلبي
بعد قتلي الطفوف دامي الجراح
بأبي من شروا لقاء حسين
بفراق النفوس والأرواح
وقفوا يدرأون سمر العوالي
عنه والنبل وقفة الأشباح
فوقوه بيض الظُبي بالنحور
البيض والنبلَ وقفة الأشباح
أدركوا بالحسين أكبرعيد
فغدوا في مني الطفوف أضاحي
لست أنسي من بعدهم طود عزٍ
وأعاديه مثل سيل البطاح
وهو يحمي دين النبي بعضبٍ
بسناه لظلمة الشرك ماح
فتطير القلوب منه ارتياعاً
كلما شدَّ راكباً ذا الجناح
ثم لما نال الظما منه والشمسُ
ونزفُ الدما وثقل السلاح
وقف الطرف يستريح قليلاً
فرماه القضا بسهم متاح
حرَّ قلبي لزينب إذ رأته
تَرِبَ الجسم مثخناً بالجراح
ثم يصوّر السيد رضا الهندي (رضوان الله عليه) عمق مأساة سبي الفاطميات في خطاب شجي بلسان حال شقيقة الحسين زينب الكبري (عليهما السلام) وكأنها تخاطبه قائلة:
يا منار الضـُلّالِ والليل داجٍ
وظلال الرميض واليوم ضاحي
كنت لي يوم كنت كهفاً منيعاً
سجحَ الظل خافق الأرواحِ
أتري القوم إذ عليك مررنا
منعونا من البكا والنواح
لم يكن هيناً عليك هواني
واغترابي مع العدي وانتزاحي
ومسيري أسيرة للأعادي
وركوبي علي النياق الطلاح
فبرغمي أني أراك مقيماً
بين سمر القنا وبيض الصفاح
لك جسم علي الرمال ورأس
رفعوه علي رؤوس الرماح
بأبي الذاهبون بالعزِّ والنجدة
والبأس والهدي والصلاحِ
بأبي الواردون حوض المنايا
يوم ذيدوا عن الفرات المتاح
بأبي اللابسون حمر ثياب
طرزتهن سافيات الرياح
أشرق الطف منهم وزهاها
كل وجه يضيء كالمصباح
فازدهت منهم بخير مساءٍ
ورجعنا منهم بشرِّ صباحِ