له الحمد والمجد نور السموات والأرضين وأطيب وأكمل صلوات المصلين علي أنوار صراطه المستقيم ومصابيح نهجه القويم محمد الأمين وآله عدل الكتاب المبين.
نلتقيكم مع مديحةٍ أخري من مدائح الأنوار الإلهية في هذا اللقاء لأديب فقيه من جبل عامل من القرن الهجري الثالث عشر هو آية الله الشيخ ابراهيم يحيي المخزومي (رضوان الله عليه)، وفي هذه المديحة يصور سياحته التعبدية في المشاهد المشرفة في العراق، وتقربه بذلك الي الله جل جلاله؛ عملاً بواجب التعبير عن مودة عترة سيد البشر والخلائق أجمعين ابي القاسم محمد (صلي الله عليه وآله). قال الأديب العالم ابراهيم يحيي المخزومي بعد أبيات يذكر شطراً من معاناته:
أكف رفعناها إلي خير منعم
وكسر شكوناه إلي خير جائر
أخاطر بالنفس النفيسة راكبا
متون السري والمجد حظ المخاطر
أري نار موسي فأنزلوا جانب الحمي
علي رغم داجٍ للظلام وداجر
لعلي آتيكم بجذوة قابس
يسير علي أنوارها كل سائر
وبادرت أسعي والضياء يقودني
إلي بيت مجد بين تلك المشاعر
فنلت المني والحمد لله عندما
أنخت علي باب الجوادين ضامري
فصادفت خير الناس فرعاً ومحتداً
وأفضل ناهٍ في الزمان وامر
جوادين ومها بين أدني قراهما
لضيفهما محو الذنوب الكبائر
*******
ولما قضيت الفرض من لثم تربةٍ
مطهرة تطوي علي كل طاهر
رأيت السري فرضاً إلي سرمن رأي
فبادرت والتوفيق حظ المبادر
ولما تناهي السير كان مصيرنا
الي خير مغني بالمكارم عامر
أقام به بدران أدني سناهما
يزيد علي نور البدور الزواهر
وفيه لعمري غاب مصباحنا الذي
سنا فجره يقضي علي كل فاجر
وينشر فيها العدل رأيته التي
يذوق الردي في ظلها كل جائر
وشمرت ذيلي بعد ذلك ناهضاً
إلي ربع مفضال كريم العناصر
حسين سليل المصطفي وابن حيدر
وأفضل موتورله شر واتر
وريحانة الهادي وناظرعينه
وسيد شبان الجنان النواضر
فوافيت إذ وافيت أشرف بقعةٍ
تزر علي نور من الحق زاهر
حضيرة قدسٍ صير الله عفوه
ورضوانه فيها قِرا كل زائر
وزرت بنيه الطاهرين وما حوي
هنالك من أنصاره خير حائر
وزرنا أبا الفضل الذي زر قبره
علي أسد في الروع دامي الأضافر
ولما قضينا فرضنا وتحدثت
بضائعنا عن متجرغير خاسر
نهضنا سراعاً للغري كأننا
صواد نري فيه رواء الهواجر
نؤم أمير المؤمنين وكهفهم
عني كل بادٍ في الأنام وحاضر
ولو لا اختيار السبق كان مسيرنا
إليه علي أجفاننا والنواظر
ولما بلغنا ذلك الحي خِلتني
ظهرت من الفردوس فوق المظاهر
وبادرت لثماً للتراب وللحصي
ولا عذرلي والله إن لم أبادر
وبشرت نفسي بالغنا حين أصبحت
وصاحبها ضيف لكنز الجواهر
فيا لك نعمي لا يوازي أقلها
وحقك كل الشكر من كل شاكر
وفي ذلك المغني وجدت عصابة
علي المجد قد شدوا عقود المآزر
فعالمهم في عصره خيرعالم
وشاعرهم في مصره خير شاعر
فشا فضلهم بين الوري وتواترت
مكارهم في الناس أي تواتر
وقوضت عنهم حين عجت من الظما
إلي ربع موسي والجواد ضوامري
فسرت إلي مغناهما فوجدته
بإنسهما قيد القلوب النوافر
منازل مأوي لكل مقلقل
غريبٍ تحاماه بنو الدهر حائر
وكم ظفرت كفي هناك بسيد
ولوعٍ بإكرام الخليط المعاشر
وجدتُ به والله أنسي وإنني
علي وحشة ما بين قال وهاجر
جزا الله عني طالب الخير طالباً
بخير جزاء من كريم وقادر
فتي هام بالتقوي فطار مهاجراً
إليها ألا قرت عيون المهاجر
وألقي العصا عند الجوادين مقبلاً
علي الله يرجو متجراً غير بائر
وكنت جديراً أن أكون مجاوراً
له ما اغتدي ظل الحياة مجاوري
أبياتاً مختاره من قصيدة وجدانية للعالم الأديب ابراهيم يحيي المخزومي العاملي يصور فيها رحلته في حواضر المشاهد المشرفة في العراق مادحاً مشرفيها (عليهم السلام).