بسم الله وله المجد والحمد خالق البريات ومجيب الدعوات واسني وأتم الصلوات والتحيات علي معادن البركات وسادة السادات المصطفي المختار وآله الأطهار.
في هذا الحلقة من البرنامج نعيش في أجواء ثلاث مقطوعات من غرر الشعر الولائي لشاعر إندلسي بليغ من القرن الهجري السادس هو الأديب المبدع ابو العباس أحمد بن يعيش ابن شكيل الصوفي المتوفي سنة خمس وستمائة للهجرة النبوية المباركة.
ولعل من أهم ما يميز شعر هذا الأديب المتعبد هو لغته الإحتجاجية المفعمة بقوة البرهان الديني من جهة وجمال التصوير وفوران عواطف الولاء الجياشة من جهةٍ ثانية.
وهذه الميزة تكشف عن متانة البناء العقائدي والولائي لهذا الأديب الاندلسي وكذلك عن قوة شاعريته في تصوير العقائد التي أمن بها. قال ابو العباس الأندلسي في قصيدة إحتجاجية بليغة يمدح فيها العترة المحمدية (عليهم السلام):
لقد طهّر الرحمانُ آل محمدٍ
وأذهب عنهم رجسها وهدوا كُلا
عجبتُ لقومٍ لا يرون وصيّهُ
أبا حسنٍ للأمر يوم انتدوا أهلا
أما كان في آل النبيّ محمّد
بزعمكُمُ من يشهدُ العقدَ والــحلا
فمن كان يدعوه الرسولُ لنصره
إذا لقحت حربٌ ومن كان للجلـّا
ومن كان في دار النبيّ خليفةً
كهارونَ من موسي ومن بسط العدلا
ومن كان مولي من يوالي محمّداً
ومن كان أسمي في المناسب أو أعلي
فموسي وهارون كأحمد والرضا
عليٍ فهل من ثالثٍ نال ذا الفضلا
أخوّةُ خير الناس خيرُ مزيّــــةٍ
فأينَ بكمُ عن هذه أوضحوا السُبلا
وأربعةٌ والمصطفي خامسٌ لهم
أفاض عليهم مرطهُ وتلا فصلا
وفيهم عليٌّ بالكساء ملقّعاً
وفي سورة الإنسان أمدحُهُ تُتلي
وإنّي لأعطي أوّل الفضل رتبةً
وإن لامني قومٌ لأوّل من صلي
وفي مقطوعةٍ ثانية يجسدُ أبو العباس أحمد بن يعيش الصوفي الأندلسي مشاعر البراءة من أعداء محمد وآله (عليهم السلام). فيقول (رضوان الله عليه):
عاديتُ في الله قوماً أنكروا رَصَداً
للدين تطهير أهل البيت ذي الحُجُب
يا أهل بيت النبيّ المصطفي حربي
ممّن يخفّضُ من أقداركم حربي
من لم يقُل إنّ خير الناس كلّهمُ
أنتم فقد سدّ باب الصدق بالكذب
الله طهّركم والرجسُ أذهَبَه
عنكم شهادة ربّ العرش في الكتب
يا من يفاخر بالأنساب هل لك في
فخرٍ فحُبُّ النبيّ المصطفي حسبي
بيوم البعير ويوم النهروان وفي
صفين داوي شكاة الدين بالقضب
ما كنت أجعل شكاً في أبي حسنٍ
ولو رمتني جميع العجم والعرب
ولهذا الشاعرالأندلسي المبدع بديعة في مدح سيد الشهداء (عليه السلام) ورثائهِ تجيش بصور الولاء الصادق يقول فيها (رضوان الله عليه):
أحقُّ ما كان من قلبي تباريحُ
فليُهنيء العين إنّ الدمع مسفوحُ
وسوف أجشمُ نفسي سيرتلك إلي
بيتٍ أطاف به في فُلكه نوحُ
قبرٌ بيثرب همّي لوظفرتُ به
ومقصدٌ بجبال الطفّ مطروح
من كان في جفنه دمعٌ يضنُّ به
فإنّ دمعي لأهل البيت ممنوحُ
آل النبيّ لقد سقيّتم عللا
كأسَ المنايا فمغبوقٌ ومصبوح
صلي الإلهُ علي أشلاء منجدلٍ
بكربلاء تحيي روحهُ الروح
أوفي علي معركِ الأبطال محتسباً
ليثُ شعاراهُ تهليلٌ وتسبيح
يا فارساً هاشميّاً ما أضرّبه
تثاقلُ القوم إذ ناداهم روحوا
طاروا وأثبتَ في الهيجاء أخمصهُ
صبراً وكان لهُ عنها مناديح
حتّي توي الفارس الحجّاج يتبعُهُ
من هاشمِ الخير فرسانٌ جحاجيحُ
تندي الوجوهُ نجيعاً وهي مشرقةٌ
كأنّها في دجي الهيجا مصابيحُ
ضلّت حلومُ أناسٍ كيف لم يردوا
نارَ الكفاح وزندُ الحرب مقدوح
أمّ الحسينُ بهم عدناً فلم يلجوا
باب الحنان عياناً وهو مفتوح
أمّا ابنُ حربٍ فدع حرباً وأسرتهَ
تلك الجسوم لو انّ العرض ممدوح
طافوا برأس ابن خير الناس كلّهمُ
بئس الطواف ونعم الرأس والروحُ
ولستُ أبسطُ قولاً في دعيّهمُ
كلُّ الدعيين ملعون ومقبوح
يا عين جودي علي قتل الحسين دماً
وأبكي جهاراً فإنّ الوجد تصريح
ويا لساني عاود مدحهُ أبداً
وإنّ أيسرَ ما فيه الأماديحُ