بسم الله نورالسموات والارضين وله الحمد والمجد حبيب قلوب الصادقين وأسني الصلوات الزاكيات والتحيات الطيبات علي مصابيح الهداية الالهية وشموس الكرامة الربانية المصطفي محمد وآله الطاهرين.
معكم في لقاء آخرمن برنامج مدائح الانوار نقرأ لكم فيها أربع مقطوعات في مدح آل فاطمة سلام الله عليها لشاعرٍ مبدع هو من أعلام الشعراء في القرن الهجري الثالث، إنه ابو محمد عبد السلام بن رغبان المشتهر بلقب ديك الجن الحمصي المتوفي سنة ۲۳٥ للهجرة إمتاز هذا الشاعر بلوعةٍ حبية خاصة تصبغ أشعاره في أهل البيت المحمدي (عليه السلام).
ففي أكثرمدائحه ينطلق ابو محمد الحمصي الي بيان عظمة أولياء الله المقربين (عليهم السلام) من خلال الإشارة الي المظلومية التي تعرضوا لها، وهذه الخاصية تنبع من شدة مودتهم للقربي المحمدية وهي مودة تجعله يثور بلوعة لكل أذيً يمس أحباءه (عليهم السلام).
نبدأ بهذه الأبيات الخمسة التي يخاطب فيها الشاعر المبدع ديك الجن الحمصي القبر المخفي لسيدة نساء العالمين (سلام الله عليها) قائلاً:
يا قبر فاطمة الذي ما مثله
قبرٌ بطيبئ طاب فيه ميتا
إذ فيك حلّت بضعة الهادي التي
تجلي محاسن وجهها حلّيتا
إن تنأ عنه فما نأيت تباعداً
أو لم تبن بدراً فما أخفيتا
فسقي ثراك الغيث ما بقيت به
لمع القبور بطيبةٍ وبقيتا
فلقد بريّاها ظللت مطيّبا
تستاف مسكاً في الأنوف فتيتا
وفي قصيدة أخري يتحدث الشاعرالولائي ديك الجن ابو محمد الحمصي يتحدث بحرقة عن فاجعة كربلاء وما لحق بسائرأئمة العترة المحمّدية (عليه السلام) ثم يعرض الصور الإبداعية التالية في مدحهم وبيان بركات آثارهم قال (رحمه الله):
مقابرٌ تحتها منابر من
علمٍ وحلمٍ ومنظرٍ عجب
من البهاليل آل فاطمةٍ
أهل المعالي والسادة النجب
كم شرقت منهم السيوف وكم
رويت الأرض من دمٍ سرب
نفسي فداءٌ لكم ومن لكم
نفسي وأمي وأسرتي وأبي
لا تبعدوا يا بني النبيّ علي
أن قد بعدتم والدهر ذو نُوبِ
يا صفوة الله في خلائقه
وأكرم الأعجمين والعرب
أنتم بدور الهدي وأنجمه
ودوحة المكرمات والحسب
وساسة الحوض يوم لانهلٌ
لمورديكم موارد العطب
وفي البيت الأخيرنجد في قصيدة هذا الشاعرالحمصي المبدع ابو محمد عبد السلام بن رغبان تصويراً جميلاً لعاقبة ظالمي آل محمد (عليهم السلام) يوم القيامة. وإستمعوا أعزاءنا الي جميل الأوصاف في هذه الأبيات المنتخبة من قصيدة إحتجاجية بليغة فيما نزل من ظلم بأمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يصف لوعته لما جري قائلاً:
أصبحت جمّ بلابل الصدر
وأبيت منطويا علي الجمر
إن بحت يوماً طلّ فيه دمي
ولئن كتمت يضيق به صدري
وتشعّبت طرق الضّلال فلو
لاكم مشوا بالشّرك والكفر
أنتم أدلاءُ الهدي وبكم
قد سيرفي برٍّ وفي بحر
ودعائم التقوي وقادتها
للفوز يوم الحشر والنشر
والعارف وسيما الوجوه علي
الأعراف معرفةً بلا نكر
ومقاسم النيران أنت لمن
أخذوا العهود بعالم الذّر
فتقول يا نارا تركي لي ذا
ولذا خذي فتدين للأمر
ونبقي مع الشاعرالولائي المبدع ديك الجن الحمصي وهذا التصويرالرائع لجناية رفع اليزيدين لرأس الحسين (عليه السلام) علي الرماح حيث يقول:
جاؤوا برأسك يا ابن بنت محمّدٍ
مترملاً بدمائه ترميلا
وكأنّما بك يا ابن بنت محمّدٍ
قتلوا جهاراً عامدين رسولا
قتلوك عطشاناً ولماّ يرقبوا
في قتلك التنزيل والتأويلا
ويكبّرون بأن قتلت وإنّما
قتلوا بك التكبير والتهليلا