نور السموات والارضين ومنور قلوب الذاكرين وأسنى صلواته وتحياته على أحب الخلق اليه من العالمين المصطفى الامين وآله الطاهرين.
أهلاً بكم في لقاء آخر من هذا البرنامج إخترنا لكم فيه مقطوعتين في مدح سيد الانبياء وسيد الاوصياء عليهما السلام.
الاولى من القرن الهجري الثاني عشر والثانية من القرن الرابع عشر، فالاولى تشتمل على ابيات دعائية رقيقة في عرفان جميل خاتم الرسل (صلى الله عليه وآله) والتوسل به الى بارئه جل جلاله، وهي من انشاء العالم الاديب عبد الغني النابلسي وهو المحدث صاحب المؤلفات المتعددة في العقائد والاخلاق وليد دمشق والسائح في معظم الحواضر الاسلامية والمتوفى سنة ۱۱٤۲ للهجرة.
أما الثانية فهي ابيات جزلة في مدح الوصي (عليه السلام) تفجرت بها قريحة الفقيه الاديب صاحب المنظومات في الفقه والاصول آية الله الشيخ علي المظفر المتوفى في النجف الاشرف سنة ۱۳۱۱ للهجرة، نبدأ بالاولى:
قال الاديب عبد الغني النابلسي مناجياً ربه جل جلاله ومادحاً نبيه (صلى الله عليه وآله):
من مات يعلم أنك الحق المبين
فأنا الذي قد مت فيك على اليقين
وفنيت حتى في وجودك بان لي
كيف التمسك منك بالحبل المتين
يا نور نور الكائنات جميعها
نور على نور هو النور المبين
أنا ظلمة ظهرت بنور محمد
ومحمد نور بنورك مستبين
والنور بالظلمات يظهر عادة
وكذلك الظلمات من نور تبين
نحن التقادير التي قدرتها
في نور نورك يا مهيمن يا معين
فالطف بنا وامنن علينا بالذي
نرجوه منك ولا تدعنا حائرين
وتول حفظ قلوبنا وجسومنا
مما يعيب من الامور وما يشين
وأعن وثبتنا عن سنن الهدى
دنيا وآخرة كما ترضى ودين
بحبيبك الهادي اليك محمد
خير الورى وأجلهم طه الامين
ومن مدح النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) ننقلكم أحباءنا الى مدح وصيه المرتضى (عليه السلام) وأبيات عصماء لاحد الفقهاء الذين جاوروا المشهد العلوي المبارك سنين هو آية الله الشيخ علي المظفر (قدس سره)، وها هو يخاطب هذا المشهد المقدس وقبته المنيفة قائلاً:
ظلت تجوب بنا في جريها لججا
تطوي على الكشح أحياناً على السغب
مهما سرت نشرت في الكون اجنحة
بيضا تقشع عنها داجن السحب
مدت جناحا فلو شاءت قوادمه
حكت بها الفلك الاعلى على الشهب
تهوي بكلكلها ريح الصبا فسرت
أجرى من السيل مُنهل من الكثب
شوقا وتوقا لمغنى حيدر ٍ سفرت
عنها قناع السرى في الاربع الرحب
تؤم أبنية في الافق شامخة
في الجو مشرقة كالشمس في الحجب
فيها الملائك والارواح خاضعة
كل يمرغ خديه على الترب
تخال اجسامها تحفاً ومن برح
تذوب أكبادها طوراً من الرهب
حمص البطون تهادى في قبا ورع
تضلهم قبة الهادي عن النصب
فيا لها قبة ماذا حوت شرفا
كأنها الشمس تخفي أنجم الشهب
تضمنت علة التكوين حين غدت
مثوى لحازن وحي الله والكتب
ظلت تظل ضريحا قد سما شرفا
على الضراح وما في العرش والحجب
تهدي الوفود إذا ظلت مواكبها
بناظر من وميض البرق ملتهب
يا مفرغ الخلق إذ زاغت قلوبهم
ويا غياثهم في موقف العطب
من لي سوى السامي ألوذ به
ومن أؤمل يوم الروع والخطب