بسم الله الذي هو أعلم حيث يجعل رسالته والحمد لله الذي جعلنا من أمّة صفوة أصفيائه المصطفى محمد وآله مطالع الانوار.
تحية مباركة نستهلّ بها لقاءاً آخر من هذا البرنامج، وقد إخترنا لكم فيه ابياتاً في مدح اهل البيت المحمديّ عليهم السّلام لفقيه من فقهاء عامّة المسلمين وشاعر من أعلام أدبائهم هو احمد شوقي.
نبدأ بأبيات خمسة من قصيدة طويلة فيها بيان دقيق لكون آل محمد (صلى الله عليه وآله) هم مجاري ووسائط جريان الفيض الالهي في العالم، وهي من نظم الفقيه الأزهريّ سعيد الكرمي رحمه الله وقد ولد في مدينة (طول كرم) الفلسطينية، وتفقّه في الأزهر وأصبح مفتي بلدته ثمّ عضواً مؤسّساً في المجمع العلمي العربي في دمشق، ثم قاضي القضاة في الأردن، له مؤلفات عدّة منها رسالة في التصوف، وكتاب واضح في البرهان في الردّ على أهل البهتان، توفّي رحمه الله سنة ۱۳٥۳.
في أبيات اعتقادية اقتبس مضامينها من محكمات الآيات الكريمة وصحاح الاحاديث المرويّة في كتب أهل السنّة قال الشيخ سعيد الكرمي (رحمه الله):

فقد فضّل الرحمن آل محمد

وأودع ذاك الفضل في الطفل والكهل

وأذهب عنهم كلّ رجس كرامة

وطهّرهم أنعم بهذا العطا الجزل

بهم نحن نستسقي الغمام تضرّعاً

فنخصب بالخيرات في زمن المحل

بأيديهم تجري المنيّة والمنى

وأوّل مقتول لهم مهج البخل

وإن لمعت يوماً بوارق جودهم

أفاضت على الأحياء من غيثها الوبل

وفي البيت الاول من المتقدمة يشير الفقية الأزهريّ سعيد الكرمي الى أنّ آل محمد (عليهم السّلام) هم صغار وكبار أولياء الله وصفوة مختارة لرحمة العباد.
ومن هذه الأبيات ننقلكم الى أبيات مختارة من قصيدة طويلة لأمير شعراء عصره، الشاعر المصريّ احمد شوقي المتوفّى سنة ۱۳٥۱ ضمّنها.
صوراً فنّية جميلة في بيان مقامات سيد الرسل الهادي المختار (صلى الله عليه وآله). قال رحمه الله مخاطباً رسول الله الاعظم:

المصلحون أصابع جمعت يداً

هي أنت بل أنت اليد البيضاء

ماجئت بابك مادحاً بل داعياً

ومن المديح تضرّع ودعاء

أدعوك عن قومي الضعاف لأزمة

في مثلها يلقى عليك رجاء

أدرى رسول الله أنّ نفوسهم

ركبت هواها والقلوب هواء

متفكّكون فما تضمّ نفوسهم

ثقة ولا جمع القلوب صفاء

رقدوا وغرّهم نعيم باطل

ونعيم قوم في القيود بلاء

ظلموا شريعتك التي نلنا بها

ما لم ينل في رومه الفقهاء

مشت الحضارة في سناها واهتدى

في الدين والدنيا بها السعداء

يا من له عزّ الشفاعة وحده

وهو المنزّه ما له شفعاء

عرش القيامة أنت تحت لوائه

والحوض أنت حياله السقّاء

تروي وتسقي الصالحين ثوابهم

والصالحات ذخائر وجزاء

ألمل هذا دقت في الدنيا الطّوى

وانشقّ من خلق عليك رداء

لي في مديحك يا رسول عرائس

تيّمن فيك وشاقهنّ جلاء

هنّ الحسان فإن قبلت تكرّماً

فمهورهنّ شفاعة حسناء

أنت الذي نظم البريّة دينه

ماذا يقول وينظم الشعراء

هل كان حول محمّد من قومه

إلّا صبيّ واحد ونساء

فدعاء فلبّى في القبائل عصبة

مستضعفون قلائل أنضاء

ردّوا ببأس العزم عنه من الأذى

ما لا تردّ الصخرة الصمّاء

والحقّ والإيمان غن صبّا على

برد ففيه كتيبة خرساء

نسفوا بناء الشرك فهو خرائب

واستأصلوا الأصنام فهي هباء

يمشون تغضي الأرض منهم هيبة

وبهم حيال نعيمها إغضاء

صلّى عليك الله ما صحب الدّجى

حاد وحنّت بالفلا وجناء

واستقبل الرضوان في غرفاتهم

بجنان عدن آلك السمحاء

خير الوسائل من يقع منهم على

سبب إليك فحسبي الزّهراء

اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد بعدد ما أحاط به علمك وأحصاه كتابك. وبهذه الصلاة الزاكية نختم هذا اللقاء من برنامج مدائح الانوار. وقد قرأنا لكم فيه أبياتاً في مدح الأنوار المحمدية للفقيه الأزهريّ سعيد الكرمي وأمير شعراء مصر احمد شوقي الى لقاء آخر نستودعكم الله والسّلام عليكم ورحمة الله.