من رئيس منقلب عليه إلى رئيس اضطرته الهبّة الشعبية الكبيرة الرافضة لحكمه إلى الاستقالة، لم تكن طريقة وصول الرؤساء إلى "قصر المرادية" (في الجزائر العاصمة) واحدة. كما آلت نهاية حكمهم إلى مسارات مختلفة بعضها مأساوي، وصل إلى حد اغتيال الرئيس أمام عدسات الكاميرات.
وفيما يلي قائمة بالرؤساء الذين حكموا الجزائر ما بين 1962 و2019، توضح الطريقة التي بدأ بها حكمهم وما آل إليه أمرهم.
أحمد بن بلة
يعتبر أول رئيس للجزائر المستقلة، وقد تولى قبل ذلك رئاسة الحكومة في سبتمبر/أيلول 1962، ثم رشح رئيسا للبلاد ووافق الأغلبية على توليه المنصب في استفتاء 15 أكتوبر/تشرين الأول 1963.
ولم يمتد عمر رئاسته طويلا، حيث أمضى نحو عشرين شهرا حتى 19 يونيو/حزيران 1965، وأزيح بانقلاب عسكري قاده وزير الدفاع حينها هواري بومدين الذي اعتبر الانقلاب العسكري "تصحيحا ثوريا".
وتوفي في 11 أبريل/نيسان 2012 في البلاد عن عمر ناهز 96 عاما.
هواري بومدين
اسمه الحقيقي محمد بوخروبة، وكان منافحا عن القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، طيلة فترة حكمه التي امتدت من عام 1965 وحتى 1978.
بدأ مساره الوظيفي عسكريا مع اندلاع الثورة في نوفمبر/تشرين الثاني 1954، وانضم لجيش التحرير الوطني بالمنطقة الغربية، وأشرف عام 1956 على تدريب وتشكيل خلايا عسكرية.
عام 1957 أصبح معروفا باسمه العسكري هواري بومدين، وبعد عام أصبح قائد الأركان الغربية، وأشرف عام 1960 على تنظيم جبهة التحرير الوطني عسكريا وعين قائدا للأركان ثم وزيرا للدفاع عام 1962 بحكومة الاستقلال.
وبعد ثلاث سنوات، تولى منصب نائب رئيس المجلس الثوري، وفي 19 يونيو/حزيران 1965 قاد انقلابا عسكريا على بن بله وأودعه السجن، وتولى الرئاسة بمبرر الحفاظ على الثورة وخطها السياسي والثوري، وقد شاركه في ذلك الانقلاب 26 ضابطا بينهم عبد العزيز بوتفليقة (الذي تولى رئاسة البلاد فيما بعد).
واستمرت فترة حكمه إلى حين وفاته يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 1978 إثر مرض مفاجئ استعصى علاجه.
الشاذلي بن جديد
تولى بعد وفاة بومدين، ورغم نشأته العسكرية التي توّجها بتولي وزارة الدفاع، فإن كثيرين يرون أن بن جديد الذي تولى الرئاسة حتى عام 1992 أضفى طابعا ديمقراطيا نسبيا على البلاد.
وفي عهده تم اعتماد دستور يقبل التعددية السياسية التي منحت للجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزا عريضا بالانتخابات التشريعية، قبل أن يقدّم استقالته في 11 يناير/كانون الثاني 1992 بضغط من الجيش الذي أوقف المسار الانتخابي، لتدخل البلد بعد ذلك دوامة عنف دموي.
توفي يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 2012 في مستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة الجزائر، وشُيع رسميا يوم 8 من الشهر نفسه.
محمد بوضياف
عقب استقالة بن جديد وتوقيف المسار الانتخابي، استُدعي بوضياف (وهو من أبرز الشخصيات الثورية) -الذي كان يعيش على مدى 28 عاما خارج بلاده- للعودة ليرأس المجلس الأعلى للدولة.
بوضياف (مواقع التواصل)
خلف بن جديد وأدى اليمين في 16 يناير/كانون الثاني 1992، وشن خلال فترة رئاسته القصيرة هجوما إعلاميا شديدا على الفساد، وتعهد بجعل القضاء عليه أهم ركائز برنامجه السياسي.
وبعد قضائه 166 يوما فقط في الحكم، اغتيل بنيران العسكري مبارك بومعرافي خلال اجتماع عام بمدينة عنابة شرقي البلاد يوم 29 يونيو/حزيران 1992.
علي كافي
من قياديي الثورة التحريرية، تقلد منصب عقيد بجيش التحرير الوطني بعد الاستقلال، ثم منصب سفير في عدة دول، لا سيما العربية منها.
وعين عام 1992 عضوا بالمجلس الأعلى للدولة الذي حكم بعد إلغاء الانتخابات التشريعية التي فازت بدورتها الأولى الجبهة الإسلامية للإنقاذ، واستقالة بن جديد.
وبعد اغتيال بوضياف عين رئيسا للمجلس في 14 يوليو/تموز إلى أن نُصب اليامين زروال رئيسا للدولة في 30 يناير/كانون الثاني 1994.
ابتعد في سنواته الأخيرة عن كل عمل سياسي، وتفرغ لكتابة مذكراته حول حرب التحرير باعتباره عقيدا سابقا بجيش التحرير الوطني الذي حارب الاستعمار الفرنسي.
وتوفي في 16 أبريل/نيسان عن عمر يناهز 85 عاما.
اليامين زروال
عُين رئيسا للدولة في 30 يناير/كانون الثاني 1994 خلفا لكافي، تولى منصب وزير الدفاع عام 1993، ثم انتخب رئيسا للجمهورية في نوفمبر/تشرين الثاني 1995.
أصدر "قانون الرحمة" في 25 فبراير/شباط 1995، الذي بني على أساسه قانون "الوئام المدني" الذي اقترحه بوتفليقة بعد وصوله السلطة في أبريل/نيسان 1999 لإنهاء الأزمة الأمنية والسياسية التي كانت تعاني منها البلاد.
وبعد خلافات كبيرة مع صناع القرار، أعلن إجراء انتخابات رئاسية مسبقة فسحت المجال لتولي بوتفليقة الحكم منذ أبريل/نيسان 1999.
عبد العزيز بوتفليقة
يعتبر أطول الرؤساء بقاء في سدة الحكم، بعد أن ختم عشرين عاما بالسلطة قبل أن يقرر الاستقالة يوم 2 أبريل/نيسان 2019 عقب أضخم احتجاجات شعبية في تاريخ الجزائر الحديث.
وتولى الحكم لأربع عهدات متتالية، وعدّل الدستور الذي كان يسمح بعهدتين فقط، من أجل البقاء في الحكم، وبعد إعلان رغبته للترشح لعهدة خامسة أعلن ملايين الجزائريين رفضهم وخرجوا للشارع مطالبين برحيله ومن كانوا معه.
وأبلغ الرئيس المجلس الدستوري بتنحيه عن منصبه ابتداء من اليوم الثاني من أبريل/نيسان من العام الحالي.
عبد القادر بن صالح
بعد استقالة بوتفليقة، تولى منصب رئيس الدولة، وهو "مؤقت" لا يتيح له صلاحيات كبيرة، ويتمثل هدفه الرئيس في الإعداد لانتخابات تتيح اختيار رئيس للجمهورية ليتنحى على إثرها من منصبه، حسب ما يقوله الدستور.
غير أن رفض عدد كبير من الجزائريين إجراء انتخابات رئاسية في الرابع من يوليو/تموز اضطر السلطة لتأجيلها وتعيين موعد آخر هو 12 ديسمبر/كانون الأول، ويتسابق فيها خمسة مترشحين، لكن الشارع ما زال يشهد جدلا كبيرا بشأنها وما إذا كانت هي الحل الذي سيخرج البلاد من أزمتها.