السلام عليكم مستمعينا الأطائب؛ طابت أوقاتكم برحمة الله وبركاته تبارك وتعالى، أهلاً بكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج، نتعرف فيها الى وسيلة أخرى من الوسائل التي أتاحها الله لخلقه لكي يفوزوا بشرف الإنتماء الصادق لبيت صفوته من العالمين حبيبه وحبيبنا المصطفى الأمين – صلى الله عليه وآله الطاهرين -.
أيها الأفاضل، الوسيلة التي نتناولها في هذا اللقاء هي القبول والرضا بحكم الله عزوجل في كل شأن والتسليم له، وقد هدتنا إليها نصوص شريفة عدة تصرح بأن المسلّم لحكم الله وأمره عزوجل هو من أهل بيت نبيه الأكرم – صلى الله عليه وآله – نستنير هنا بإثنين من هذه النصوص، فتابعونا مشكورين.
نتأمل معاً وأولاً أيها الإخوة والأخوات في الحديث النبوي التالي الذي رواه ثقة الإسلام الكليني في الجزء الثامن من كتاب الكافي بسنده عن الصحابي الجليل الشهيد قتيل الفئة الباغية في صفين عمار بن ياسر – رضوان الله عليه – قال: بينا أنا عند رسول الله – صلى الله عليه وآله – إذ قال: إن الشيعة الخاصة الخالصة منا أهل البيت.. فقال رجل: يا رسول الله! عرفّناهم حتى نعرفهم، فقال – صلى الله عليه وآله -: ما قلت لكم إلا وأنا أريد أن أخبركم .. ثم قال – صلى الله عليه وآله - : أنا الدليل على الله عزوجل وعلي نصر الدين [أي ناصره] ومناره أهل البيت وهم المصابيح الذين يستضاء بهم، فقال الرجل: يا رسول الله! فمن لم يكن قلبه موافقاً لهذا؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وآله -: ما وضع القلب في ذلك الموضع إلا ليوافق أو ليخالف، فمن كان قلبه موافقا لنا أهل البيت كان ناجياً ومن كان قلبه مخالفاً لنا أهل البيت كان هالكاً.
مستمعينا الأفاضل، يتضح من هذا النص الشريف أن القبول والرضا بحكم الله وأمره عزوجل هو جوهر التشيع لمحمد وآله المعصومين – عليه وعليهم السلام – وهذا ما يتحقق بموالاتهم ومتابعتهم فيما يحكمون به لأنهم – عليهم السلام – المنار الإلهي الذي يستضاء به لمعرفة حكم الله عزوجل.
فيكون إتباعهم سبب النجاة والفوز في حين أن عدم القبول بحكمهم الإلهي يسوق الى النار أعاذنا الله وإياكم منها.
نرجع مرة ثانية الى روضة الكافي لنقرأ المقطع التالي من خطبة للوصي المرتضى الإمام علي – عليه السلام – خاطب فيها المسلمين بعد مبايعة المهاجرين والأنصار له بالخلافة الظاهرية، وقد جاءه عدد من الذين حصلوا على امتيازات مادية خاصة لم تعط لجميع المسلمين بالمساواة، وطالبوا الإمام بأن يبقي لهم هذه الإمتيازات فأبى – صلوات الله عليه – وجدد تأكيده العودة لمبدأ المساواة المحمدية في العطاء، قال في جانباً من خطبته: "من استقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا وآمن بنبينا وشهد شهادتنا ودخل في ديننا أجرينا عليه حكم القرآن وحدود الإسلام، ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى، ألا وإن للمتقين عند الله تعالى أفضل الثواب وأحسن الجزاء والمآب لم يجعل الله تبارك وتعالى الدنيا للمتقين ثواباً وما عند الله خير للأبرار، أنظروا أهل دين الله فيما أصبتم في كتاب الله وتركتم عند رسول الله – صلى الله عليه وآله – وجاهدتم به في ذات الله أبحسب أم بنسب أم بعمل أم بطاعة أم زهادة وفيما أصبحتم فيه راغبين فسارعوا إلى منازلكم – رحمكم الله – التي أمرتم بعمارتها، العامرة التي لاتخرب، الباقية التي لا تنفد، التي دعاكم إليها وحضكم عليها ورغبكم فيها وجعل الثواب عنده عنها، فاستتموا نعم الله عز ذكره بالتسليم لقضائه والشكر على نعمائه، فمن لم يرض بهذا فليس منا ولا إلينا وإن الحاكم يحكم بحكم الله ولا خشية عليه من ذلك اولئك هم المفلحون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
وبهذه القبسة النيرة من الهداة المحمدية العلوية الإلهية ننهي أيها الأطائب حلقة اليوم من برنامج (منا أهل البيت) إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم ودمتم بكل خير.