السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة مباركة نحييكم بها ونحن نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة اليوم من هذا البرنامج.
أيها الأفاضل، إن من أهم الوسائل التي جعلها الله عزوجل للفوز بشرف الإنتماء الصادق لمحمد وآله الطاهرين – صلوات الله عليه وعليهم أجمعين – هي وسيلة أخذ الإنسان عقائده من الينابيع النقية التي تنطق عن الله تبارك وتعالى بعيداً عن جميع أشكال الإفراط والتفريط والغلو والتقصير وكلها ناشئة من الأهواء والتعصبات.
وهذا ما دلتنا عليه كثير من الأحاديث الشريفة التي روتها المصادر المعتبرة نستنير ببعضها في هذا اللقاء، فتابعونا مشكورين.
نبدأ – أحباءنا - بالحديث النبوي التالي وهو مقطع من رسالة مهمة كتبها سيد الأنبياء – صلى الله عليه وآله – بعد فتح مكة في حكم تنصيب واليها عليها، وهي تشتمل على أصول العقائد الحقة التي تمثل الطريقة المحمدية الوسطى اللاشرقية واللاغربية، جاء في هذه الرواية التي نقلها العلامة المجلسي في الجزء الحادي والعشرين من موسوعة البحار: كتب رسول الله صلى الله عليه وآله لعتاب بن أسيد عهدا على مكة وكتب في أوله: من محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى جيران بيت الله الحرام، وسكان حرم الله، أما بعد فمن كان منكم بالله مؤمناً، وبمحمد رسوله في أقواله مصدقاً وفي أفعاله مصوبا، ولعلي أخي محمد رسوله ونبيه وصفيه ووصيه وخير خلق الله بعده مواليا فهو منا وإلينا ومن كان لذلك أو لشيء منه مخالفا فسحقا وبعدا لأصحاب السعير، لا يقبل الله شيئاً من أعماله وإن عظم وكبر، يصليه نار جهنم خالداً مخلدا.
أيها الإخوة والأخوات، ومن هذا النص النبوي ننتقل الى بيان من شبيه المصطفى – صلى الله عليه وآله – وخامس أئمة عترته – عليهم السلام – الذي بعث إليه رسول الله سلامه على يد الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري كما ورد في الرواية المشهورة، وفي هذا البيان تأكيد على أن شرط الفوز بشرف الكينونة من آل محمد – صلى الله عليه وآله – هو العمل بمقتضى هذه العقائد المحمدية الحقة، فقد روي في كتاب الكافي مسنداً عن أبي جعفر الإمام الباقر – عليه السلام – قال: "يا معشر شيعة آل محمد – صلى الله عليه وآله – كونوا النمرقة الوسطى يرجع إليكم الغالي؟ ويلحق بكم التالي، فقال له رجل من الأنصار يقال له سعد: جعلت فداك ما الغالي؟ قال: قوم يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا، فليس اولئك منا ولسنا منهم، قال: فما التالي؟ قال: المرتاد يريد الخير، يبلغه الخير يؤجر عليه.. قال الراوي: ثم أقبل – عليه السلام – علينا فقال: والله ما معنا من الله براءة ولا بيننا وبين الله قرابة ولا لنا على الله حجة ولا نتقرب الى الله إلا بالطاعة، فمن كان منكم مطيعاً لله تنفعه ولايتنا، ومن كان منكم عاصياً لله لم تنفعه ولايتنا".
أيها الأكارم، وأخيراً نتأمل معاً في البيان الرضوي التالي وفيه تنبيه الى أن كل ما لا ينسجم مع الأصول العقائدية المحمدية غلواً كان أو تقصيراً تجاه أهل البيت – عليهم السلام – إنما يصدر عن أعدائهم وليس منهم – عليهم السلام – روى الشيخ الصدوق في كتاب (عيون أخبار الرضا) ضمن حديث طويل عن أحد أصحاب الرضا – عليه السلام – هو إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرضا – عليه السلام -: يا بن رسول الله إن عندنا أخباراً في فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام وفضلكم أهل البيت وهي من رواية مخالفيكم ولا نعرف مثلها عندكم أفندين بها؟ فقال: يا ابن أبي محمود لقد أخبرني أبي عن أبيه عن جده عليه السلام أن رسول الله (ص) قال: من أصغي إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق عن الله عزوجل فقد عبد الله وإن كان الناطق عن إبليس فقد عبد ابليس، ثم قال الرضا: يا ابن أبي محمود إن مخالفينا وضعوا أخباراً في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام أحدها الغلو وثانيها التقصير في أمرنا وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا ونسبوهم الى القول بربوبيتنا وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا وإذا سمعوا مثالب أعداءنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا وقد قال الله عزوجل: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم" يا ابن أبي محمود إذا أخذ الناس يمينا وشمالاً فالزم طريقتنا فإنه من لزمنا لزمناه ومن فارقنا فارقناه إن أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يقول للحصاة هذه نواه ثم يدين بذلك ويبرء ممن خالفه، يا بن أبي محمود إحفظ ما حدثتك به فقد جمعت لك خير الدنيا والآخرة.
ونلخص مما تقدم أيها الأكارم الى أن أخذ الدين الحق من مصادره النقية المعصومة التي ترجع الى الله عزوجل، والعمل به هو وسيلة الفوز بالإنتماء الصادق لأهل البيت المحمدي – عليهم السلام – وبالتالي الفوز بخير الدنيا والآخرة.
وبهذه النتيجة نختم حلقة اليوم من برنامجكم (منا أهل البيت) شاكرين لكم كرم المتابعة... لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص التحيات ودمتم بكل خير.