السلام عليكم مستمعينا الأكارم، أطيب تحية مفعمة من الله الرحمان الرحيم بكل الرحمة والبركات نهديها لكم ونحن نلتقيكم بفضل الله في حلقة جديدة من هذا البرنامج نستنير فيها بطائفة من الأحاديث الشريفة تهيدنا الى وسيلة أخرى من وسائل الفوز بشرف الصيرورة من أهل البيت المحمدي – صلوات الله عليهم أجمعين – تابعونا مشكورين.
أيها الأفاضل، التحلي بصفات المحمديين هو من أهم الوسائل العملية التي هدتنا إليها النصوص الشريفة لنيل شرف الإنتماء الصادق لمحمد وأهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
وقد هدانا الله تبارك وتعالى الى أمهات صفات المحمديين في الآية الأخيرة من سورة الفتح المباركة، ومن أهم هذه الصفات النبيلة كونهم أذلاء على المؤمنين وأعزة على الكافرين، والتحلي بهذه الصفة علامة صدق الإنتماء لأهل البيت – عليهم السلام – نتأمل أولاً فيما رواه الشيخ الجليل ابن شعبة الحراني في كتابه القيم (تحف العقول عن آل الرسول) عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله أنه قال: "ألا إن شر أمتي الذين يكرمون مخافة شرهم، ألا ومن أكرمه الناس اتقاء شره فليس مني، وقال – صلى الله عليه وآله -: من أصبح من أمتي وهمته غير الله فليس من الله ومن لم يهتم بأمور المؤمنين فليس منهم، ومن أقر بالذل طائعاً فليس منا أهل البيت".
أيها الإخوة والأخوات، إن إباء الذل إنطلاقاً من التعزز بالله عزوجل هو من أوضح علامات صدق الإيمان بالعزيز المطلق الذي قضى بأن العزة له تبارك وتعالى ولرسوله – صلى الله عليه وآله – وللمؤمنين، ولذلك كان هذا الإباء الإيماني من أبرز سمات أهل البيت المحمدي – عليه السلام – فمثلاً قال السبط المحمدي سيد الشهداء الحسين – عليه السلام – في خطبته الشهيرة يوم عاشوراء وقد حاصرته عساكر البغي اليزيدي وطلبت منه مبايعة طاغيتهم، قال:
(ألا لعنة الله على الظالمين الناكثين الذين ينقضون الإيمان بعد توكيدها وقد جعلوا الله عليهم كفيلاً، ألا وإن الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة والذلة وهيهات له ذلك مني! هيهات منا الذلة! أبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طهرت وجدود طابت، أن يؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، وألا وإني زاحف بهذه الأسرة على قلة العدد، وكثرة العدو، وخذلة الناصر، ثم تمثل – عليه السلام – فقال شعراً:
فإن نَهزِم فهزامون قدما
وإن نُهزم فغير مهزمينا
وما أن طبنا جبن ولكن
منايانا ودولة آخرينا
فلو خلد الملوك إذا خلدنا
ولو بقي الكرام إذا بقينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا
سيلقى الشامتون بما لقينا
مستمعينا الأطياب، ونلتقي أخيراً بأحد مصاديق التأكيد النبوي على اجتناب أي شكل من أشكال القبول الطوعي بالذل، وهو مصداق ذكره الفقهاء في الكتب الفقهية إستناداً الى ما روي في كتاب الكافي وغيره مسنداً عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: لما بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ببراءة مع علي (عليه السلام) بعث معه أناساً وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهم: من استأسر من غير جراحة مثقلة فليس منا.
وبهذا نصل مستمعينا الأكارم الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (منا أهل البيت) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، وفقنا الله وإياكم للعمل بكل وسيلة تعين على الفوز بشرف الإنتماء الصادق لمحمد وآله الطاهرين – صلوات الله عليهم أجمعين – اللهم آمين، شكراً لكم ودمتم سالمين.