السلام عليكم مستمعينا الأطائب، طابت أوقاتكم بكل خير ورحمة وبركة، أهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج، ننقل لكم فيه رواية مؤثرة روتها المصادر الحديثية المعتبرة، تهدينا الى أن من أهم وسائل الفوز بشرف الصيرورة من أهل البيت المحمدي – عليهم السلام – هو التطهر من التعصب والقبول بالحق والتصديق به، تابعونا مشكورين.
أعزاءنا المستمعين روى الحافظ الجليل الشيخ محمد بن سليمان الكوفي في كتابه (مناقب أميرالمؤمنين) بسنده عن العبد الصالح حبة العرني قال: لما أن خرجنا مع علي بن أبي طالب – عليه السلام – عنه في مسيره الى صفين حتى نزلنا بـ "البليخ" وكان فيه دير فيه راهب يقال له "شمعون"، فنزل هذا الراهب الى علي فقال: يا أميرالمؤمنين إنه كان عند آبائي كتاب كتبه لهم أصحاب عيسى بن مريم فإن شئت تلوته عليك؟ قال: قد شئت؛ قال شمعون: وهذا نصه: بسم الله الرحمن الرحيم الذي قضى فيما قضى وصدّر فيما كتب أنه باعث في الأميين رسولاً يتلو عليهم آياته ويدلهم على سبيل الجنة لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، لا يجزي بالسيئة سيئة ولكن يعفو ويصفح، أمته الحامدون يحمدون الله على كل حال تذل ألسنتهم بالتهليل والتكبير، تنصر نبيهم على كل من ناواه فإذا توفي ذلك النبي اختلفت أمته ثم اجتمعت ثم اختلفت فيمر رجل من أمته يجر الجيش بشاطئ هذا الوادي (وهو) أولى الناس بذلك النبي الأمي في الدين والقرابة يقضي بالحق ولا يرتشي في الحكم، يخاف الله في السر وينصحه في العلانية ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، الدنيا أهون عليه من رماد عصفت به الريح، والموت أهون عليه في جنب الله من شربة الماء العذب على الظمآن، فمن أدرك ذلك النبي فليؤمن وبه ومن أدرك ذلك العبد الصالح فليتبعه فإن القتل معه شهادة.
مستمعينا الأفاضل، وهكذا قرأ هذا الراهب النصراني على أمير المؤمنين – صلوات الله عليه – الكتاب الذي ورثه من آبائه عن الحواريين عن عيسى المسيح – عليه السلام – وفيه البشارة الصريحة بالنبي الخاتم ووصيه المرتضى – صلوات الله عليهما وآلهما – وأثر أعلن تخليه عن جميع أشكال التعصب مبادراً الى القبول بالحق والهدى بأسمى مراتبه، متخذاً ذلك وسيلة لنيل شرف الصيرورة من آل محمد – صلى الله عليه وآله – جاء في تتمة هذه الرواية المؤثرة، أن هذا الراهب الصادق قال بعد أن تلا كتابه:
"فلما سمعت بالنبي آمنت به ولم أره ولما مررت (بي) أنت الآن يا أميرالمؤمنين نزلت إليك وأنت صاحبي ولست أفارقك حتى يصيبني ما أصابك".
قال الراوي حبة العرني: فبكى علي – عليه السلام – طويلاً وبكى أصحابه لبكائه ثم قال: الحمد لله الذي لم يجعلني عنده نسياً منسياً الحمد لله الذي ذكرني في كتاب الأبرار.
قال حبة (العرني): ثم صار شمعون رفيقي وكان علي إذا تعشى أو تغدى أرسل إليه فلما كان يوم الهرير وطلب الناس قتلاهم قال علي أطلبوا لي شمعون. فطلبوه فوجدوه مقتولاً بين القتلى فصلى عليه ودفنه ثم التفت إلينا فقال: هذا منا أهل البيت).
وهكذا ختم الله بأحسن العاقبة لهذا العبد الصالح الراهب الذي أصبح محمدياً علوياً ومن أهل البيت المبارك ببركة تخليه عن التعصب وقبوله بالحق –رضوان الله عليه-
وبهذا نصل الى ختام حلقة أخرى من برنامج (منا أهل البيت) إستمعتم له أعزاءنا من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.