السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء طابت أوقاتكم بكل خير وبركة، ان من مظاهر التمسك بولاية وإمامة الإمام المهدي في عصر غيبته عجل الله فرجه التوسل به الى الله عزوجل والإستغاثة به عليه السلام وعرض الحوائج عليه عجل الله فرجه. هذا هو موضوع الإضاءة المعرفية التي اخترناها لكم في هذا اللقاء ونعرفكم أولاً بصاحبها وهو الميرزا افتخار الدين أبو عبد الله محمد تقي بن عبد الرزاق بن عبد الجواغد بن محمد مهدي الموسوي الأصفهاني أحد أعلام العلماء النابغين في القرن الرابع عشر وشهد لذلك كثرة مؤلفاته وكتبه، الأخلاق الرفيعة والتلهج بذكر الله سبحانه وتعالى من الصفات التي كانت واضحة بشكل جلي على المترجم له رحمه الله، مما حدا به إلى اتخاذ طريق العرفان والسير والسلوك، ثم ظهرت صفة ثالثة أكثر جلاء من الأوليين وهي عشقه الكبير وتعلقه العجيب بصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف حتى وصل إلى مرحلة الملاقاة مع الإمام عجل الله تعالى فرجه، وهذه مرحلة لا ينالها إلا ذو حظ عظيم. ونتيجة لهذا التأثر الكبير في حياته، انعكس الأثر في مؤلفاته ورسائله وأشعاره، وكان كثير الإشتغال بجمع الأحاديث والآثار الواردة في الإمام المهدي عليه السلام الى حين وفاته سنة ۱۳٤۸ للهجرة رضوان الله عليه. أما عن كتابه المذكور الذي إخترنا منه إضاءة هذه الحلقة فقد قال آية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي في كتابه منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر عليه السلام: إن كتاب (مكيال المكارم) كتاب كبير حسن نافع لم أر مثله في موضوعه، أفرده مصنفه (رضي الله عنه) لذكر فوائد الدعاء للقائم عليه السلام، وما ورد في الأدعية له ولفرجه وما يتقرب به إليه، وقد جمع فيه أدعية كثيرة جليلة من الكتب المفيدة، وذكر فيه من الآداب والفوائد أو الجهات الموجبة للدعاء له والآثار المترتبة عليه، والأوقات والحالات والأماكن التي يتأكد فيها الدعاء له ما لا يتسعه هذا الكتاب.
مستمعينا الأكارم، ولهذا الكتاب قصة لها إرتباط بالوصية التي يوصي المؤمنين بها هذا العالم المهدوي المخلص والتي سننقلها لكم بعد أن نشير الى قصة تأليف هذا الكتاب، وملخصها هو أنه في عام ۱۳۳۰ سافر سيدنا التقي رحمه الله إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، واتفق أن ظهر الوباء الشديد الكوليرا بين الحجاج مما أدى إلى مقتل الكثير من أهل مكة والحجاج والزوار، وعندها توجه السيد التقي متضرعا الى الله سبحانه وتعالى متوسلاً اليه بالامام المهدي عجل الله تعالى فرجه طالبا أن يخلصه من هذا البلاء الكبير، معاهدا إياه أن يقوم بتأليف هذا الكتاب إذا عاد الى وطنه سالما، فاستجاب الله سبحانه وتعالى دعاءه ورجع سالما الى وطنه وأنجز ما عاهد الله عليه. وبسبب تعلقه الشديد وشوقه الذي لا يتوقف الى رحاب مولانا صاحب الزمان (عج) فقد تشرف برؤيته في المنام وأمره بإتمام هذا الكتاب وأن يسميه بـ "مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم عجل الله فرجه".
مستمعينا الأكارم أما الوصية التي وجهها هذا العالم المهدوي التقي في كتابه المذكور فهي قوله قدس سره الشريف: فيا أخواني في الدين وخلاني على اليقين، أوصيكم بعرض حوائجكم اليه (يعني إمام العصر عجل الله فرجه) فلا يخفى شئ من أموركم عليه، فعن كشف المحجة عن الكليني في كتاب الرسائل عمن سماه قال: كتبت الى أبي الحسن الهادي عليه السلام: إن الرجل يحب أن يفضي إلى إمامه ما يحب أن يفضي به إلى ربه، قال: فكتب عليه السلام: "إن كانت لك حاجة فحرك شفتيك فإن الجواب يأتيك". وقال قدس سره الشريف أيضاً: وإعلم أن الإستغاثة به عليه السلام وعرض الحاجة عليه ليست مقيدة بلسان خاص وكيفية خاصة ووقت مخصوص، بل المهم في ذلك إصلاح القلب والتوجه التام والتوبة عن الآثام، واليقين الثابت والإعتقاد الراسخ، إنه عليه السلام الغوث وغياث المضطر المستكين، وهو الكهف الحصين وملجأ الهاربين، وإن وظيفة الرعية الرجوع في دفع أعدائهم الى رئيسهم في كل زمان كما كان ذلك عادة أهل الولاية والعرفان حيث كانوا يبثون شكواهم ويرفعون حوائجهم الى أئمتهم عليهم السلام، ولو تركنا الإقبال على صاحبنا ومولانا إمام العصر عليه السلام في مهماتنا وحوائجنا لم نأمن من الخذلان لأنا تركنا وظيفتنا التي أمرنا الله تعالى بها.
شكراً لكم مستمعينا الأعزاء على جميل الإصغاء لهذه الحلقة من برنامج (من فيض أهل المعرفة)، وقد قرأنا لكم فيها وصية باللجوء في المهمات لإمام العصر أرواحنا فداه أوردها الفقيه السيد محمد تقي الإصفهاني في كتابه القيم مكيال المكارم، شكراً لكم ودمتم بكل خير.