السلام عليكم إخوة الايمان والولاء ورحمة الله. تحية مباركة وطيبة نستهل بها لقاء اليوم من هذا البرنامج الذي نخصصه لإحدى أهم وسائل السير والسلوك الى الله والتقرب منه عزوجل، إنها زيارة المشاهد المشرفة التي عدتها النصوص الشريفة من أعظم الطاعات والقربات. والإضاءة المعرفية التي ننقلها لكم بشأن الزيارة هي من اجمع ما كتب عنها وأشده دقة مع إختصاره. وهي التي جاءت في الكتاب الأخلاقي القيم (جامع السعادات) للعارف الفقيه والزاهد التقي المولى محمد مهدي النراقي من أعلام علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام في القرن الهجري الثالث عشر، رضوان الله عليه.
قال العبد الصالح المولى النراقي في كتابه الفريد جامع السعادات ضمن بيانه لعلة تأكيد النصوص الشريفة على زيارة المشاهد المشرفة قال: إعلم أن النفوس القوية القدسية، لا سيما نفوس الأنبياء والأئمة عليهم السلام، إذا نفضوا أبدانهم الشريفة، وتجردوا عنها، وصعدوا إلى عالم التجرد، كانوا في غاية الإحاطة والاستيلاء على هذا العالم، فأمور هذا العالم عندهم ظاهرة منكشفة، ولهم القوة والتمكن على التأثير والتصرف في مواد هذا العالم، فكل من يحضر مقابرهم لزيارتهم يطلعون عليه، لا سيما ومقابرهم مشاهد أرواحهم المقدسة العلية، ومحال حضور أشباحهم البرزخية النورية، فإنهم هناك يشهدون. بل أحياء عند ربهم يرزقون. وبما آتاهم الله من فضله فرحون. فلهم تمام العلم والاطلاع بزائري قبورهم، وحاضري مراقدهم، وما يصدر عنهم من السؤال والتوسل والاستشفاع والتضرع، فتهب عليهم نسمات الطافهم، وتفيض عليهم من رشحات انوارهم، ويشفعون الى الله في قضاء حوائجهم، وإنجاح مقاصدهم، وغفران ذنوبهم، وكشف كروبهم.
مستمعينا الأفاضل يتضح اذن أن أولياء الله المقربين يبقون وسائل لإعانة السالكين على التقرب من الله عزوجل حتى بعد وفاتهم بل تزداد حركتهم حينئذ شدة وقوة، ولذلك دعا الله عباده للإهتمام بزيارتهم عليهم السلام. قال العبد الصالح المولى النراقي في تتمه حديثه المتقدم: فهذا هو السر في تأكد استحباب زيارة النبي والأئمة عليهم السلام مع ما فيه من صلتهم وبرهم وإجابتهم، وإدخال السرور عليهم، وتجديد عهد ولايتهم. وإحياء أمرهم، وإعلاء كلمتهم، وتبكيت أعدائهم. وكل واحد من هذه الأمور مما لا يخفى عظيم أجره وجزيل ثوابه. وكيف لا تكون زيارتهم أقرب القربات، وأشرف الطاعات مع أن زيارة المؤمن من جهة كونه مؤمنا فحسب أمر عظيم الأجر جزيل الثواب، وقد ورد به الحث والتوكيد والترغيب الشديد من الشريعة الطاهرة، وأيضا قد ثبت وتقرر جلالة قدر المؤمن عند الله، وثواب صلته وبره وإدخال السرور عليه. وإذا كان الحال في المؤمن من حيث أنه مؤمن فما ظنك بمن عصمه الله من الخطأ، وطهره من الرجس، وبعثه الله إلى الخلائق أجمعين، وجعله حجة على العالمين، وارتضاه إماما للمؤمنين، وقدوة للمسلمين، ولأجله خلق السماوات والأرضين، وجعله صراطه وسبيله، وعينه ودليله، وبابه الذي يؤتى منه ونوره الذي يستضاء به، وأمينه على بلاده، وحبله المتصل بينه وبين عباده، من رسل وأنبياء وأئمة وأولياء. ثم الأخبار الواردة في فضيلة زيارة النبي والأئمة عليهم السلام مما لا تحصى كثرة.
مستمعينا الأكارم، ونختم هذا اللقاء بالأدب العام لزيارة مشاهد أولياء الله عليهم السلام الذي ذكره العبد الصالح والعارف الزاهد الشيخ محمد مهدي النراقي في نهاية كلامه حيث قال قدس سره الشريف: إذا عرفت فضل زيارتهم وسرها، وعظم قدرهم وجلالة شأنهم، فينبغي أن تكثر التواضع والتخضع والانكسار عند الدخول في بلادهم، ومراقدهم المنورة، ومشاهدهم المكرمة، وتستحضر في قلبك عظمتهم وجلالهم، وتعرف عظيم حقهم، وغاية جدهم وسعيهم في إرشاد الناس وإعلاء كلمة الله.
اعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، نشكركم على جميل متابعتكم لبرنامج (من فيض أهل المعرفة)، في حلقة اليوم، تقبل الله أعمالكم ودمتم بكل خير.