خبراء البرنامج: الشيح ابراهيم الحجاب الباحث الاسلامي من السعودية والدكتور سمير زقوت الأخصائي النفسي من فلسطين
أعزائي المستمعين عنوان حلقتنا لهذا اليوم سيكون حول احدى الحالات السلبية التي يمارسها بعض الأزواج تجاه زوجاتهم، هذه الحالات قد تسبب الكثير من الإحراجات او سلوك بعض التصرفات غير اللائقة او غير الصحيحة التي تضع الزوجة في مواقف لاتحسد عليها أبداً. وفي بعض الأحيان يطلب بعض هؤلاء الأزواج من زوجاتهم القيام ببعض الأعمال خارج البيت مثلاً او داخل البيت عندما يكون هناك ضيوف او غيرهم واذا قصرت الزوجة حيال تلك الأعمال سواء بتقصير متعمد منها قد يعود لخجلها او رفضها او أحياناً يكون التقصير نتيجة عدم إلمامها بالموضوع نرى الزوج في هذه الحالة وقد إنقلب الى رجل غاضب وهائج لايهدأ له بال حتى يتسبب في مشكلة كبيرة في البيت، ما يعني نشوب ازمة عائلية خطيرة تؤدي تداعياتها دون شك الى تهديم اركان الأسرة وتهديم الثقة التي كانت متبادلة بين الزوجين من جهة وبين الأب وباقي أفراد الأسرة من جهة اخرى. على هذا الأساس أعزائي المستمعين سوف نستضيف ضيفين من ضيوف البرنامج من أجل إلقاء الضوء أكثر على الموضوع ومناقشة السبل لحل المشكلة من الناحية الشرعية مرة ومن الناحية الاجتماعية مرة اخرى وسنستضيف كلاً من سماحة الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الاسلامي من السعودية والدكتور سمير زقوت الأخصائي النفسي من فلسطين.
دخل عماد البيت بسرعة وقد بانت على ملامحه حالات التوتر والقلق، قال لزوجته احلام وبعصبية: ألا ترين أنني قدمت من العمل وبحاجة لمن يساعدني على حمل الشياء التي بيدي؟ هيا هيا تعالي وأحملي عني هذه الأكياس وهذه العلب، هيا هيا بسرعة.
ودون تردد أسرعت احلام الى زوجها لتأخذ منه الحاجيات التي اشتراها من السوق وقالت له: عفواً عفواً... ياترى من الذي سيحل علينا ضيفاً هذا اليوم؟
نظر اليها عماد نظرة أخافتها جداً وقال لها: ليس عندي وقت لكلام. هيا هيا بسرعة، حاولي أن ترتبي البيت وتجهزي الطعام فالضيوف بعد نصف ساعة قادمون.
قالت له احلام والخوف في عينيها: ضيوف؟ أي ضيوف وأي طعام ونحن في رمضان؟ أنا غير مستعدة لأن أجهز طعاماً او أرتدي ملابسة أنيقة مثلما تحب لأجل ضيوفك الذين يبدو أنهم لايعيرون حرمة لشهر رمضان أهمية تذكر. نعم هل يعقل أن يأتي ضيوف في شهر رمضان وهم ينتظرون أن أعد لهم طعاماً قبل أوان الإفطار؟
إستشاط عماد غضباً أكثر وقال لها: منذ متى وانت تمانعين ما أطلبه منك ياأمرأة؟ هل تريدين أن اكون في موقف حرج أمام الضيوف؟ هيا هيا إنهضي وإذهبي الى المطبخ وهيء الطعام، هيا هيا بسرعة.
اعزائي المستمعين رفضت احلام طلب زوجها لكنها في آخر المطاف رضخت له ولمطالبه ليس لأجل شيء وإنما لمنع إثارة المشاكل في البيت وهي تعلم أن زوجها رجل عصبي المزاج ولايعرف لغة التفاهم أبداً لذلك أجبرت نفسها على النهوض والقيام بالواجب مع الضيوف الذين حلوا بعد نصف ساعة تماماً كما قال زوجها. فقد جهزت الطعام ونظفت البيت بسرعة وإرتدت وتأنقت وجلست مع زوجها تجامل الضيوف ثم قامت وقدمت لهم الطعام وهي غير راضية غير مرتاحة بكل تأكيد ولكنها ولأجل إرضاء زوجها وتلافياً لإحتمال إندلاع المشاكل بينهما فعلت ذلك. في يوم من الأيام إتصل عماد بزوجته احلام وطلب منها أن تترك العمل وتخرج لتلاقيه لكي يذهبا معاً الى السوق لشراء هدية الى صديقه الذي عاد تواً من الخارج، وافقت احلام على طلب زوجها وفعلاً تركت العمل وإلتقت بزوجها ليذهبا بعد ذلك الى السوق وبعد تجوال لم يستغرق ساعة اشترى عماد هدية جميلة وتوجه برفقة احلام الى بيته لينطلقا بعدها الى بيت صديقه.
بعد أن إستعد عماد للخروج جلس وزوجته في السيارة وقبل أن ينطلقا إلتفت الى احلام وقال لها: نسيت أن أقول لك إن صديقي قد عاد ومعه زوجة جميلة وانيقة جداً... نعم لقد تزوج بها عندما كان يعيش في الخارج!
نظرت اليه احلام وقالت وهي تبتسم: وماذا في ذلك؟ هناك بعض الشباب عندما يسافرون الى الخارج يتزوجون من فتيات من دول عربية او اسلامية لأسباب عديدة منها الدراسة او العمل، بالمناسبة ياعماد هل زوجته من بلدنا ايضاً؟
ضحك عماد وقال: من بلدنا؟ لا ياعزيزتي لا فهي من البلد الذي كان يعيش فيه صديقي.
تعجبت احلام وقالت: ليست من بلدنا؟ أتقصد بأنها أجنبية؟!!
قال عماد: نعم نعم هي أجنبية لذلك أنصحك بعد وصول بيت صديقي لأن تتفهمي بعض عاداتها التي ربما تتنافى مع عاداتنا! وماهي إلا لحظات ووصل عماد الى بيت صديقه ولما دخلا إستقبلتهما زوجة الصديق الأجنبية ومنذ الوهلة الأولى ولما شاهدتها احلام إلتفتت الى عماد وهمست في أذنه: انظر إنها حقاً وكما يقولون امرأة اجنبية فهي تختلف عن نسائنا في كل شيء.
هنا قاطعها عماد وقال لها: أتركي هذه الإنتقادات الآن وحاولي أن تمدي يدك لتصافحيها!
وبعد أن جلسا قالت له احلام: حسناً يازوجي رغم أنني قلقة منها فقد سمعت عن عادات وتقاليد الفتيات الأجنبيات الكثير نظراً لطبيعة مجتمعهم وسلوكياته!
ردّ عليها عماد قائلاَ: لاتعقدي الأمور ياامرأة حاولي أن تبتسمي قليلاً فهي على وشك أن تعود وحتماً ستحمل معها شيئاً لتقدمه لنا لنأكله، وفعلاً لكا قدمت زوجة صديقه قال لها: أهلاً أهلاً بك، تعجبت احلام من تصرف زوجها فقد كان متملقاً كثيراً وبسبب غيرتها كزوجة شرقية قالت له دون تردد: ماذا أصابك ياعماد؟ لماذا صافحت المرأة؟
رمقها عماد بنظرة غضب وعصبية وقال: لاتحاولي أن تعكري صفو الحفلة التي أعدها صديقي لنا مفهوم؟ وليكن بعلمك أنك يجب أن توافقي هذه المرأة الأجنبية بكل ما ستفعله او ما تطلبه منك.
بعد ذلك كان الرجلان عماد وصديقه على طاولة واحدة يتحدثان بأمورهما الخاصة بالعمل اما زوجة الصديق الأجنبية فقد طلبت من احلام أن ترافقها الى المطبخ لإعداد بعض الطعمة والأشربة. وماهي إلا لحظات حتى عادت احلام وملامح الغضب والإنزعاج قد بانت عليها وطلبت من عماد أن يعود بها الى البيت، ودون أن يعرف منها السبب رفض ذلك وحاول أن يجبرها على البقاء حتى يكمل حديثه مع صديقه. لكنها هذه المرة ودون إستئذان منه حملت حقيبتها وخرجت من البيت متوجهة الى بيتها.
أعزائي المستمعين هل تعلمون السبب الذي دفع بأحلام الى المغادرة والتوجه الى بيتها؟ لو عرفتم الحقيقة فسوف تعذرونها حتماً لقد إستهزأت الزوجة الأجنبية بالعادات والتقاليد التي وجدتها عندما قدمت مع زوجها الى بلده وعندما حاولت احلام أن توضح لها سوء فهمها بل عليها احترام ذلك وعدم المساس بها حدث نقاش عنيف بينهما فقررت احلام الخروج. ولما علم زوجها بالقصة وما حصل خلالها ألقى باللائمة على زوجته وطلب منها أن تعتذر من تلك الزوجة الأجنبية تلافياً لعدم فقدانه فرصة العمل التي وعدها به صديقه. ولما رفضت احلام الإعتذار تشاجر معها عماد وألحّ على طلبه ففعلت ذلك ولكنها عللت ذلك قائلة: زوجي طلب ذلك لأنه يريدني هكذا!!
والان احبتي المستمعين نتوجه الى سماحة الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الاسلامي من السعودية لسؤاله عما يراه الشرع الاسلامي في معاناة الزوجة التي تنفذ ما يطلبه منها زوجها بما ينافي الشرع والقيم الأصيلة ومايؤدي بسببه الى خلق حالات من عدم التفاهم والإنسجام التي يمكن أن تهدم أركان الأسرة وكلما يربط بينهما؟ لنستمع اليه.
الحجاب: بسم الله الرحمن الرحيم عندما نتأمل في هذه القصة الواقعية نلاحظ أن الزوجة احلام صبرت على زوجها وتحملت الأذى وعندما سُألت قالت هكذا يريد زوجي. لكن نحن نقول اولاً للزوجة احلام، نقول لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق عزوجل وصحيح طاعة الزوج واجبة ولكن فيما يرضي الله عزوجل لافيما يغضب الله عزوجل. ايضاً نوصي احلام بأن اذا تعرضت للأذى عليها أن تخبر اهلها مثلاً او تلجأ الى الشرع المبارك في هذا الجانب. أوجه خطاب ايضاً الى عماد الزوج نقول إن الزوجة الصالحة نعمة من نعم الله عزوجل "وأما بنعمة ربك فحدث" الله اذا أنعم عليك يريد أن يرى أثر هذه النعمة ومن آثار هذه النعمة اذا كانت الزوجة مطيعة لزوجها تحاول بكل ما تستطيع إرضاء هذا الزوج فهذه نعمة من نعم الله عزوجل. الزوج لابد أن ينظر الى هذه النعمة، بالشكر تدوم النعم. عندما يأخذ الزوج الغرور ويتمادى في ذلك فيظلم ويبطش ويجأر بهذه الزوجة الطائعة له بلاشك سوف يفقد هذه النعمة وعندما الانسان يفقد نعمة الزوجة الصالحة ربما يبتلى بزوجة غير صالحة تؤذيه وربما لاتتحمل منه، ربما تضايقه وربما تشتكي عليه عند السلطة لأجل ذلك نحن نقول لهذا الزوج أيها الزوج أفق من نومك وأشكر هذه النعمة التي أنعم الله عليك بها وهي الزوجة الصالحة كما نوجه الى الزوجة احلام ونقول نعم صبرت وقلت هكذا يريد زوجي ولكن بعثك الله رحمة وأنت صالحة ربما فبما أنك صالحة حاولي بقدر الإستطاعة أن توجهك زوجك. وأخر كلمة اود أن أوجهها للزوج عماد أقول له: بعث الله عزوجل رسوله ليتمم مكارم الأخلاق فكما جاء في الآية المباركة "وإن كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك" فإن هذه الزوجة سوف تهجر البيت الزوجي وتجعلك أيها الزوج تعيش في ضيق وهم ونكد. نسأل الله عزوجل أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه والذين يشكرون نعمة الله عزوجل والحمد لله رب العالمين.
وبعد أن إستمعنا الى ماقاله سماحة الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الاسلامي من السعودية نتوجه الآن الى ضيف الحلقة الأستاذ الدكتور سمير زقوت الأخصائي النفسي من فلسطين لسؤاله عن المشاكل والتداعيات التي يمكن أن تأتي بسبب سوء تصرفات الزوج التي يطلب البعض منهم مطالب ليست شرعية وليست منطقية ولاترضاها زوجاتهم وماهي تداعيات ذلك على نفسيات الأفراد وعلى النظام الأسري والعلاقات بين أعضاءه؟
زقوت: الحقيقة اذا كانت المشاكل العائلية يمكن أن تكون مشاكل بسيطة، لايوجد أسرة على الإطلاق بدون مشكلة ولكن في قصة احلام وعماد يوجد شيء غير منطقي وهو أن يطلب منها الكذب او القيام بأشياء غير منطقية لايقبلها العقل ولاتقبلها هي كإنسانة، هذا يؤدي الى عملية خلاف عميق بين الزوجين. عندما يطلب الزوج زوجته معنى ذلك أن هذه الأسرة تكون أسرة مفككة لاتستطيع الزوجة أن تستمر فيها لأنها تقوم بإكراه لكي لاتؤدي الى عملية الطلاق مثلاً او إنهيار الأسرة او إنهيار العلاقة بين الزوجين لذلك في هذه الحالة يجب على الزوجة أن ترفض وأن تكون أمة لهذا الزوج وأن تقوم بأعمال لايقبلها العقل ولايقبلها المنطق بل يجب عليها أن تقوم بتعليمه ومحاولة توجيهه لما هو صواب وما هو أفضل لأن ذلك من الناحية النفسية يؤدي الى إستمرار الأسرة والأطفال في هذه الحالة عندما تتبع الأم الأب وتكذب مثله لايكون هناك قدوة للأسرة ولايكون هناك قدوة للأطفال ولذلك الأم حتى لو أراد منها الرجل ذلك عندما تصبر وتكون انسانة صادقة وترفض أن تلاحقه فيبقى هناك نموذجاً للأطفال، هذا النموذج نموذج طيب، نموذج صادق يكون فرصة للأطفال لكي يتعلموا من هذه الأم الطيبة، الأم التي تماشي المنطق ومايريده العقل لذلك أنا مع أن ترفض الأم لذلك وأن تكون قدوة لأطفالها وكذلك قدوة للزوج لأنها اذا تحقق له أشياء غير منطقية وأشياء غير انسانية ضد المنطق وضد العقل ومنها الكذب فهذا سيؤدي الى أن تكون الأسرة أسرة لايوجد فيها نموذج وأسرة مفككة ويخرج الأطفال أناس يمكن أن يكونوا منحرفين ويمكن أن يكونوا اناساً ضد المجتمع بالتالي بدلاً من أن تكون هذه الأسرة معول بناء ويكون الأطفال معول بناء يكونوا معول هدم للمجتمع.
في ختام حلقة اليوم أعزاءنا نشكر لضيفينا على حسن المشاركة كما نشكر لكم أحبتي حسن المتابعة على أمل أن نلتقيكم في حلقة اخرى من برنامج من الواقع، الى اللقاء.