خبراء البرنامج: الشيخ عبد الغني عباس الباحث الاسلامي من السعودية والدكتور هاشم الحسيني الأخصائي الاجتماعي من لبنان
بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتي حكايتنا لهذا اليوم ستكون عن بعض المشاكل التي تنشأ وتكبر بين الزوجين والتي ربما تتطور وتتفاقم نتائجها وتؤدي أحياناً الى الطلاق والسبب يعود الى إنعدام الحب والتضحية بل بسبب روح الأنانية السائدة عند أحد الطرفين فتتولد تلك المشكلة. هذه الحالة او المشكلة أعزائي هي حالة عدم الحمل التي تبدأ الزوجة تعاني منها وتخلق عندها امراضاً نفسية وحالات هلع وخوف من أن الزوج قد يحمل في باله فيما بعد أفكاراً جديدة ومشاريع جديدة من شأنها أن تهدد علاقة الزوجين وحياتهما. بمعنى أن حالة عدم الحمل وبدلاً من أن تجبر الزوج وتفرض عليه توفر كل أنواع الراحة والإطمئنان لزوجته وإيقاد شعلة الأمل عندها وإبقاءها في ذلك الجو من الفرح والسعادة الذي طالما وعد به الزوج زوجته يختلق الزوج أعذاراً شتى ويتصرف تصرفات حمقى بعض الأحيان ليجد لنفسه مخرجاً غير منطقي يحاول أن يتبرأ من خلاله من كل الإلتزامات التي على عاتقه. في هذه الحلقة أعزائي سوف نستضيف ضيفين من ضيوف البرنامج الأعزاء وذلك لأجل إلقاء الضوء أكثر على مسببات هذه الحالة وماهي الحلول إزاءها. ضيفينا هما الشيخ عبد الغني عباس الباحث الاسلامي من السعودية والدكتور هاشم الحسيني الأخصائي الإجتماعي من لبنان فأهلاً وسهلاً
بعد أن جمعت بينهما علاقة حميمة وطويلة تخللت أغلب الأوقات بالود والإعجاب قرر فراس الإقتران بحنان بعد أن ينالا شهادة التخرج من الجامعة وبعد أن يجدا عملاً مناسباً لهما ليكونا على قدر كاف لتحمل مسؤولية الزواج خاصة في عصر الحالي الذي بات يوماً بعد يوم معقداً أكثر وصعباً أكثر ومجهداً للبدن والتفكير أكثر بكثير من السابق. كل ذلك من اجل توفير لقمة العيش ومن أجل محاولة التمتع بأبسط أمور الحياة سواء في البيت او في المجتمع لذلك فقد كان يخرج فراس صباحاً الى عمله كما زوجته حنان ولايعودان إلا عند العصر ورغم ذلك فقد كانا سعيدين جداً بحياتيهما وسعيدين جداً بعملهما وبكل شيء يربط بينهما.
فلامشاكل ولاعوائق ولاتوتر او ماشابه كالتي تحصل في بعض الأسر بين أي زوجين، مضت الشهور ومضت سنة وسنتان وبدأت بعدها بعض المشاكل تتولد دون إستئذان لسبب واحد لاغير ألا وهو تأخر الزوجة في إنجاب الطفل الذي طالما إنتظره فراس والذي كان سبباً بدوره في خلق أجواء من التوترات العصبية والمشادات الكلامية وكذلك كان يؤدي في بعض الأحيان الى أن تحمل حنان حقيبتها وتشد الرحال الى بيت أبيها.
أما فراس فكان يعيش أياماً حزينة ملئها التشاؤم وملئها إنعدام الثقة بالنفس وعدم الرغبة بالعمل بل حتى عندما كانت زوجته ترحل الى بيت أبيها غاضبة متألمة والدموع في عينيها لم يكن فراس يحرك ساكناً أبداً بل كان يمضي الى حال سبيله إما بالإنشغال في البيت لوحده او الذهاب الى أصدقاءه يقضي بعض الوقت معهم لأجل أن ينسى او يخفف من همومه دون أن يبادر بالسؤال عن زوجته ليعيدها الى البيت على سبيل المثال فتضطر حنان في النهاية وحرصاً منها على لم الشمل وعلى عدم تأجيج الموقف أن تعود وحدها او أحياناً اخرى بصحبة أمها.
نعم مستمعينا الأفاضل عاد فراس في يوم من عمله وهو مقطب الحاجبين، شديد التأفف لاينبس ببنت شفه مع زوجته وكلما حاولت المسكينة أن تسرق منه ولو كلمة كان يواجهها بنظرات الغضب واللوم والإستهزاء. أثر هذا التصرف السيء بحنان كثيراً لكنها صمدت وحاولت أن تظهر بأنها لاتبالي ولاتكترث عسى أن يخفف هذا الأمر من عصبية زوجها إلا أنه أبى إلا أن يطيل بسوء تصرفاته وسلوكه تجاه زوجته فقال لها: هيا هيا قلت لك.
قالت: الى اين يازوجي العزيز؟
قال لها: قلت لك بسرعة جهزي نفسك حتى نخرج الى مكان معين ومن ثم نعود!!!
فرحت الزوجة لما سمعت أن زوجها يريد أن يخرج وإياها الى مكان معين فقالت له على الفور والبسمة على وجهها: نخرج؟ هل قلت نخرج؟ الى اين؟ فليس من عادتك أن نخرج معاً؟ آ آ آ ه كم أنت طيب يازوجي العزيز؟
لكنه أجابها على الفور وقال: الى أين تظنين أننا ذاهبون؟ الى التنزه؟ هه هه
لا يازوجتي فنحن سنذهب الى الطبيب المختص، نعم الى الطبيب المختص !!
هنا اجابته حنان بكل ذهول قائلة: لقد ذهبنا مراراً وتكراراً الى اكثر من طبيب دون جدوى ودون أن يحدد احداً منهم العلو او نوع العائق الذي تسبب في مشكلتنا.
فأردف فراس قائلاً: أوتظنين أنني سأبقى على هذه الحال بلا طفل في حياتي؟ ويجعلني أفتخر وأتباهى بين أصدقائي أنني أصبحت أباً؟ ألا يحرك هذا الأمر فيك ساكناً ياأمرأة؟ ألا ترحمين حالي وتنظرين الى ما اعانيه ولو قليلاً؟
وراح الزوج ينهال على زوجته حنان بسيل من الكلمات التي لن تكن في محلها. تألمت حنان كثيراً من كلام زوجها فعاتبته قائلة: أعتقد أن هذا الأمر ليس بجديد عليك وانت تعلم أن العلة من الصعب علاجها مثلما قال ذلك أغلب الأطباء إلا في حالة واحدة يمكن أن تحدث المعجزة خلالها، لو سافرت الى الخارج للعلاج هناك وأنت تدري أن تكاليف العلاج باهضة جداً ولكنك في كل مرة بل في الآونة الأخيرة بدأت تتحجج وبدأت تنظر اليّ وكأني انسانة غريبة لاعلاقة لك بها. واذا كنت نادماً على الزواج بي فمن حقك أن تختار شريكة حياتك الجديدة وتأكد بأني سوف لاأمانع أبداً ولاأقف في طريق مستقبلك مادام هذا الأمر صار يشكل عقدة نفسية كبيرة في حياتك.
لم يأبه الزوج لكل ما قالته الزوجة ولم يأبه الى نتائج قراره الذي إتخذه في السفرة الأخيرة بعد ان أصابه اليأس وأصابه التعالي والتكبر على زوجته في الوقت نفسه لذلك صارحها بقراره النهائي وهو التفكير جدياً في الزواج من امرأة اخرى.
ترك فراس زوجته وفضل الزواج من اخرى دون أن يفكر قليلاً كيف ستستطيع حنان العيش بدونه وهو الذي كان يسطر لها من كلمات الود والإعجاب وكلمات الوفاء والإلتزام ماتعجز الأقلام أن تسطره فلم تنفع الكلمات ولم تنفع الوعود بل أصبحت إطلالة ذكرى على هامش حياة جافة لامعنى لها بالنسبة الى حنان.
أعزائي المستمعين وبعد أن استمعنا الى قصة اليوم نتوجه الى سماحة الشيخ عبد الغني عباس الباحث الاسلامي من السعودية لسؤاله عما جاء في الشرع الاسلامي من ضرورة احترام الزوجة في كل الظروف سواء في السراء او في الضراء وهل إن تخلى الزوج عن زوجته لسبب أنها لاتنجب محبب في الدين الاسلامي أم أن هناك تعاليم ومبادئ اخرى تخص هكذا حالات على الزوج التمسك بها؟ اذن لنستمع الى ما قاله ضيف البرنامج.
عباس: أعوذ بالله من شر الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
في الحقيقة ضمن ماجاء من الآيات القرآنية نلاحظ أن العلاقة بين الرجل والمرأة ليست منحصرة في الأولاد وما يأتي في الإستمرار بعد ذلك وإنما القاعدة الأساسية في علاقة الرجل بالمرأة وما يتصل بجملة من الآيات لاسيما الآيات الواردة في سورة الروم يتبين أن العلاقة هي علاقة المودة والسكن والرحمة بين الزوجين. هذه هي القاعدة الأساسية التي ينبغي أن تكون بين الرجل والمرأة او بين الزوج والزوجة بأن تكون العلاقة مبنية على المودة والرحمة وأنت تكون الزوجة سكن لزوجها وهنا في حقيقة الأمر اود أن أشير الى أن ليس المطلوب من المرأة بالدرجة الأولى أن تكون والدة. نعم ربما البعض يقول ذلك وأن تكون المرأة ولودة وكما جاء في جملة من الروايات لكن أود أن أشير الى ملاحظتين، الملاحظة الأولى أن مسئلة عدم الإنجاب إنما هو بيد الله سبحانه وتعالى فالله عزوجل هو الذي يجعل هذا ولوداً او يجعل هذا عقيماً فلايصح أن يعترض الانسان على قضاء الله وقدره فيما يختص بهذا الشأن اذن ربما من الحكم المتعالية عند الله سبحانه وتعالى هو الذي يجعل هذا قادراً على الإنجاب ويجعل هذا غير قادر على الإنجاب هذا من الجانب الأول أما الجانب الآخر ربما هنا تأتي تبصرة الزواج من الثانية اذا لم تكن الأولى قادرة على الإنجاب، ربما تكون مسئلة مشروعية الزواج من الثانية بحيث أنه لايصح بأي حال من الأحوال إنهاء العلاقة وقطع العلاقة مع الزوجة فقط لأنها غير قادرة على الإنجاب بل اذا كانت هذه الزوجة بمثابة السكن وبمثابة المودة وبمثابة الرحمة فإن الولادة وإنجاب الأولاد ليس هو الهدف والغاية الأساسية من الزواج، نعم يمكن للرجل أن يحافظ على هذه الزوجة كما عدم قدرتها على الإنجاب ولكن ايضاً يمكن له أن يتزوج بثانية حتى تلد وهنا على الرجل أن يضع نفسه في ذات الموقف، لو أن هذا الرجل لم يكن قادراً على الإنجاب هل الزوجة يحق لها أن تطلب الخلعة او أن تطلب الطلاق او أن تطلب إنهاء هذه العلاقة الشرعية يعني لو وضع الرجل نفسه في ذات الموقف وفي ذات المسئلة ربما يفهم حراجة هذه المسئلة. اذن نحن نعود بالدرجة الأولى الى أن العلاقة بالزوج والزوجة ليست منحصرة في إنجاب الأولاد وفي الذرية وإنما العلاقة الجوهرية إنما هي مبنية على قاعدة أن الزواج بذاته سكن وكم وجدنا من مشاهداتنا الاجتماعية أن المرأة ربما لاتلد لكنها مع ذلك هي سكن صالح لها وربما شاهدنا في المجتمعات أن الرجل لاينجب ومع ذلك وجدنا أن المرأة هي السكن له وهو السكن لها. اذن لاينبغي أن نجعل الغاية الأساسية للزواج هي الولادة بحيث أن الزوج لم يكن قادراً على الإنجاب او الزوجة لم تكن قادرة على الإنجاب فإن ذلك يشرع الطلاق وإنهاء هذه العلاقة، هذه النظرة إنما مأخوذة من البيئة وإلا فإن الشريعة المقدسة تريد من الانسان أن يحافظ على سلامة وإستمرارية هذه العلاقة الأسرية سواء كانت هنالك ثمار او لم تكن هناك ثمار المهم أن تكون العلاقة علاقة سكن بين الزوج وزوجته. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق أبناء مجتمعاتنا وبناتهم من اجل فهم جوهرية هذه العلاقة الزوجية إنه على كل شيء قدير والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
وبعد أن استمعنا الى ماقاله سماحة الشيخ عبد الغني عباس نتوجه الآن الى ضيفنا الدكتور هاشم الحسيني الأخصائي الاجتماعي من لبنان لسؤاله عما يتسبب فيه الزوج للزوجة في حال تركها او تطليقها بسبب عدم إنجابها طفلاً وماهي التداعيات الاجتماعية السلبية التي سوف يتركها الزوج على زوجته في حال تطليقها؟ لنستمع معاً
الحسيني: في الواقع أن الهدف الرئيسي من الزواج هو الإنجاب بالدرجة الأولى ويعول الزوجان العريسان الجديدان على أن ينجبا أولاداً ويكونا عائلة في المستقبل. طبعاً هما في البداية فرحان لأنهما كانا متحابين وقد إلتقيا وقد توصلا الى عقد زواج بينهما، اذن الهدف الأول في تحقيق ما توخياه من محبة بعضهما البعض قد تحقق ويبقى المرحلة الثانية اذا صح التعبير يعني الوقت الذي يأتي لإنجاب الأولاد. هنا اذا كانت المسئلة صعبة ولم تتحقق يعتبر هذا الزواج في ذهن الفريقين سواء الزوج او الزوجة والمحيط ايضاً وكأن هذا الزواج لم يحقق أهدافه الكاملة وعلى العموم تعتبر تحمل المسؤولية للزوجة بإعتبار هي التي تحمل الولد ولو كان الزوج مسؤولاً عن عدم الإنجاب من الناحية الطبية او الفيزيولوجية فيحمل الأمر للزوجة بإعتبار أنها على العموم هي الطرف الأضعف في هذه العلاقة وبأن الزوجة العاقر قد تفهم اما الزوج الذي لاينجب يمكن أن ينتقص من قدره كثيراً فإذا كان هو المسؤول لن يعترف بذلك وسيساعده المجتمع على هذا الإنكار. ولكن في جميع الأحوال عدم الإنجاب سيؤدي الى تصدع في بنية الزواج وسيؤدي الى شعور بأن هذه العائلة لن تقوم أبداً وسيؤدي بالنتيجة الى الطلاق. هذه مسئلة من الناحية العملية غالباً ما تكون هكذا، الزوج الذي يتقبل زوجته العاقر هو من الأزواج الذين يكونون شديدي التعلق بها الى حد لايمكنه أن ينفصل عنها ولكن في أغلب الحالات ومن الناحية الإحصائية فيما اعلم في مثل هذه الحالات تحمل الزوجة المسؤولية وبالتالي يتم الطلاق منها او في حال كان تعدد الزوجات ممكناً يمكن أن يتزوج من امرأة اخرى بقصد الإنجاب اذا كان واثقاً من أن الزوجة هي المسؤولة عن ذلك، طبعاً هذا يؤدي الى وضع المرأة في ظروف صعبة جداً لأن نظرتها الى نفسها بالدرجة الأولى ستكون نظرة غير متسامحة وستكون ناقمة على وضعها الشخصي، كيف يمكن لي أنا أن أحرم من الأولاد؟ اذن انا لست امرأة كاملة! هذا بالنسبة للزوجة. بالنسبة للمحيط لايتقبل المحيط الزوجة التي لاتنجب بإعتبار أنه يضعها في قفص الإتهام وخاصة المحيط العائلي القريب ولاسيما محيط الزوج لأن هذا المحيط يريد أن يستمر، يريد أن ينجب، يريد لهذه المرأة أن يكون لها أولاد وبالتالي أحفاداً لهذه العائلة التي لابد لها أن تنمو وتتكاثر. في معظم الأحيان المرأة تدفع الثمن ولو كانت غير مسؤولة عن الوضع الذي هي فيه لأن المجتمع لن يتفهم كثيراً لظروفها الموضوعية التي حالت دون إنجابها.
في ختام حلقة اليوم نشكر لكم أعزائي المستمعين حسن الإستماع كما نشكر لضيفينا العزيزين حسن المشاركة معنا في برنامج من الواقع الذي قدمناه لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، الى اللقاء.