خبراء البرنامج: الشيخ عقيل زين الدين الباحث الاسلامي من لبنان والأستاذة وداد الخنساء المرشدة التربوية من لبنان
بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا في كل مكان طابت أوقاتكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أهلاً ومرحباً بكم في برنامج من الواقع الذي نقدمه من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. موضوع حلقتنا لهذا اليوم أيها الأحبة عن إنعكاسات عدم التفاهم بين الزوجين على حياة الأسرة كلها وكيف يؤدي الى تفكك العلاقة سواء بين الزوجين من ناحية وبين الأبناء من ناحية اخرى بل في بعض الأحيان يؤدي عدم التفاهم بين الزوجين الى نشوء حالة من التذمر والعصيان بين الأبناء فيما يخص الطاعة ووجوب الإنصياع الى كلام وتوجيهات الأبوين. ولتسليط الضوء أكثر سيكون في ضيافة الحلقة لهذا اليوم كل من سماحة الشيخ عقيل زين الدين الباحث الاسلامي من لبنان والأستاذة وداد الخنساء المرشدة التربوية من لبنان ايضاً ولكن بعد أن نستمع الى قصة اليوم فتابعونا.
بعد إصرار شديد من قبل الأم وباقي أفراد العائلة تزوج رياض بأبنة عمه أحلام التي تكبره بسنتين وبعد أن باءت محاولاته للزواج من زميلته التي كانت تدرس معه في الجامعة بالفشل تمت مراسم الزواج بسرعة ودخل رياض حياته الجديدة دون شوق ودون أحاسيس او مشاعر صادقة يكنها لزوجته لكن المقربين له حاولوا تشجيعه وحثه على الإلتزام والتعود على حياته الجديدة فمنهما ربما سيولد الحب والوئام. مرت سنة وسنتان ومرت سنوات رزق الله خلالهما الأبوين رياض واحلام ثلاثة اولاد وثلاث بنات لكنهم لم يتعودوا أبداً على الهدوء والسكينة في البيت فعند الصباح وعند عودتهم من المدرسة كانت الكلمات اللاذعة النابية لاتفارق آذاهم وهي السائدة على لغة الأم والأب فلم يألف وسام الإبن الأكبر على سماع أبيه أن يقول لأمه صباح الخير مثلاً ولاتسمع حنان في يوم أن تطلب امها شيئاً من أبيها بلطف او برقة كما باقي النساء لذلك أعزائي المستمعين فقد بات الأولاد منشغلين بأمورهم الخاصة بعيداً عن البيت ومشاكله وبعيدين في نفس الوقت عن أنظار الأم وأنظار الأب.
ذات يوم ولما عاد الأولاد من المدرسة وجدوا النار مضرمة بين الأب والأم والشجار في ذروته وصراخ كلاهما كان يصل الى سابع جار كما يقال، حاول وسام تهدئة الموقف كما حاول معه اخواه كذلك أخواته لكن رياح العصبية والتهور الأبوين جاءت بما لاتشتهيه سفن الأبناء ومحاولاتهم في الإصلاح. إنزعج وسام كثيراً وصرخ قائلاً: منذ كنت طفلاً صغيراً لم أشاهد أحدكما يحب الثاني ولم أجد بينكما كلمة طيبة تقال او بادرة حسنة تصدر من احدكما للآخر. لقد تعبت انا وإخوتي سوء العلاقة بينكما، لم أتذكر يوماً ما أن شاركتني يا أبي همومي او مشاكلي ولم أتذكر يوماً ما ياأمي أنك قمت بالربت على كتف إحدى اخواتي فقط منشغلون بأموركم ومشاكلكم لذلك سوف أترك البيت وأذهب لأعيش لوحدي عسى أن أجد الهدوء والأمان الذي طالما حلمت به كما حلم به كل أخوتي. خرج وسام دون تردد وسط توسلات الأخوة والأخوات بالبقاء دون أن يحرك ذلك مشاعر الأبوين تجاهه ممازاد من غضب الأبناء وكرهم في بقاءهم قيداً في البيت. ولما جاء الليل إشتعل الموقف مرة اخرى بين الزوجين بعد أن طلبت الزوجة الذهاب لبيت أبيها لبضعة أيام ورغم رفض الزوج لذلك لكنها حزمت حقيبتها وذهبت.
أثار هذا تذمر رياض فقرر هو الآخر ترك البيت وترك السؤال عن زوجته وحتى السؤال او الإهتمام بأبناءه. وبعد أيام معدودات ولما عادت الزوجة احلام الى البيت لم تجد أحداً قط. إنتظرت قليلاً وفكرت، ماذا يمكنها أن تفعله؟ أتسأل الجيران؟ أم تتصل بأحد الأقارب؟ لكنها عادت وقالت مع نفسها: لماذا انا مهتمة الى هذا الحد؟ هل فكر هو بالإتصال بي والسؤال عني حين كنت في بيت أبي؟ سوف أخلد الى النوم قليلاً وليكن ما يكن!!!
نعم أعزائي وهي جالسة تشاهد التلفاز دخل الزوج فجأة.
نظرت اليه وقالت له: اين كنت؟ فلم يجبها
من حقك أن لاتسأل عني ولاتهتم بي واذا كنت لاتريد أن أدخل بيتك فقل لي بصراحة أرجوك!!
نظر اليها رياض وقال: هل تريدين أن تعرفي اين كنت ومع من كنت؟ اذا كان يهمك فسأقول لك بصراحة.
تأثرت الزوجة كثيراً وقالت له بخوف وإرتباك: هيا قل لي أين كنت؟
أجابها قائلاً: كنت مع زوجتي، هل إرتحت؟ نعم كنت مع زوجتي التي دائماً تشعرني بالراحة والأمان!!!
لم تصدق احلام قول رياض فقالت له: هل تريدني أن أصدق أقوالك هذه بسهولة؟ أنت فقط تريد إزعاجي وإغضابي، لا لا لا أصدق أنك متزوج من امرأة اخرى غيري.
ردّ عليها رياض وقال: ههه لاتصدقين أو تظنين أني سأستمر مع امرأة لاتعيرني إهتمامها ولاتمنحني حبها ولاتشعر بي أبداً؟ أو تظنين اني سأبقى غافلاً عن نفسي من اجلك؟
تيقنت احلام بأن ما يقوله رياض ليس كذباً لكنها سارعت بسؤاله وقالت: اذن لماذا استمريت معي لسنين طويلة؟ ولمَ لم تتركني منذ البداية؟
لم يتمكن رياض من الإجابة فقط ما تمكن منه هو الخروج من البيت مرة اخرى بعد أن دخل غرفته واخذ معه بعض الأشياء الخاصة به.
في هذه الأثناء وصل الإبن الأكبر وسام وشاهد أبيه، تعجب! شاهد أمه تعجب أكثر!! سألهما: الحمد لله لم أسمعكما تتبادلان التهم وتتقاذفان الكلمات النابية؟
أجابته أمه: من حقك أن تتعجب ياولدي، من حقك أن تسأل اليوم، لماذا لم يتبادل أبواك التهم وسيل الكلمات اللاذعة؟ ولكن يجب أن تعلم السبب، نعم يجب أن تعلم أنت وإخوتك السبب!!
إندهش وسام وقال: السبب؟ أي سبب ياأمي؟
قالت له: سوف لاتسمع التهم ولاتسمع الكلمات بين أبويك ولاتسمع الصراخ أبداً بعد الآن لأن اليوم آخر يوم بيني وبين أبيك ياولدي فقد تزوج أبوك وتركني كما ترككم.
مستميعنا الكرام مازلتم تستمعون لبرنامج من الواقع من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية قي ايران. بعد أن إستمعنا الى قصة رياض واحلام نتوجه الى الشيخ عقيل زين الدين الباحث الاسلامي من لبنان لسؤاله عما جاء في الشرع الاسلامي من ضرورة حب الزوج لزوجته والزوجة لزوجها وضرورة التفهم والإنسجام وعدم الإنجرار الى حالات الغضب والعصبية التي تؤزم العلاقة وتفكك أركان الأسرة. فلنستمع معاً
زين الدين: أعوذ بالله من شر الشيطان اللعين الرجيم بفضل بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على أفضل خلقه محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
نتكلم عن موضوع الأسرة ونحن نتكلم ذكرى الزهراء في شهر جمادي حيث كانت قدوة النساء وأمير المؤمنين علي الذي كان قدوة الرجال ونسأل الله جلّ وعلا ممن كوّن الأسرة قربة الى الله. أبدأ من البداية، جاء في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله "تزاوجوا وتكاثروا لأباهي بكم الأمم يوم القيامة". الزواج هو عمل تعبدي قربة الى الله وإنجاب الذرية هو عمل تعبدي وجهاد في سبيل الله، أن تكون النية قربة أن ينجب ذرية صالحة على نهج الرسول الأكرم محمد لتنجو يوم لاينفع مال ولابنون. وهذه الأسرة التي أتينا بها أن نكون لها معلمين، أن نكون لها القدوة كزوج وزوجة. أولاً أبدأ بالمرأة، حسن تبعل المرأة لزوجها خير من الجهاد في سبيل الله، ان تكون الزوجة مقتدية بالزهراء سلام الله عليها ولأن تحسن التبعل لزوجها كما قال رسول الله في حديث مروي عندما كان يجاهد في غزوة تبوك وجمع الرجال فقدمت أم الأفعى العبدية وقالت: ونحن يارسول الله؟ قال ياأم الأفعى أخبري نساء المسلمين أن حسن تبعل المرأة لزوجها خير من الجهاد في سبيل الله. اذا كانت تزوجت قربة الى الله لتنجب ذرية صالحة على نهج الحبيب محمد، فتية، رسلاً، قادة، أطفالاً، محامين، أساتذة للاسلام. اذا كانت نيتها هذه وربت على هذه الطريقة فهو الجهاد لوجه الله.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله يلفت المرأة في محضر الرجال "رزقاً بالقوارير"أي شبّه المرأة بالقارورة التي اذا عملت بعنف تنكسر" كيف على الرجل أن يعامل المرأة وكأنه يحمل بين يديه قارورة خوفاً من أن تقع وتنكسر لكي يحافظ عليها وفي جنة المأوى. والشارع المقدس تدخل في هذا الموضوع وجعل الزوجة أمانة في يد الرجل وجعل الرجل قواماً على المرأة أن يحفظها ويداري شعورها ليبني مجتمعاً اسلامياً صالحاً وليربي جيلاً اسلامياً يستطيع حمل هذه الرسالة وحمل أعباءها. هذا اذا أجزنا الكلام ولم نغرق كثيراً في التفاصيل. نسأل الله جلّ وعلا أن يوفقنا لذلك إن شاء الله فالزوج والزوجة الأم والأب في محضر الأبناء يجب أن لايسفه لها وجهاً وأن يحفظها امام اولادها وكذلك هي مهما كانت مشاكل الحياة صعبة يجب أن لايظهرا ذلك أمام الأبناء اذا أرادا لأبناءهما خيراً. أن لايصابا بعقد نفسية بأن يبقى الولد مستقيماً ليبني جيلاً ويكون رجلاً، لكي لايكون جباناً ، لكي لايكون معقداً، لكي لايكون مريضاً نفسياً، لكي لايكون انساناً شريراً فاسقاً. هذا الطفل امنة في أيدينا نحن كرجال، كآباء وأمهات فإذا أحسنا التعامل مع بعضنا كرجل وامرأة واعتبرنا الحياة الزوجية عمل تعبدي وبدأنا بالقربة الى الله فهي رسالة نؤديها خلال حياتنا الدنيا كرجل ومرأة، أن لانستهين بموضوع الزواج، أن لاتستهين المرأة بزوجها وأن تنظر اليه بعين القداسة وهو ينظر اليها بعين القداسة لكي ينعكس ذلك على تربية الأولاد وينعكس ذلك على المجتمع برمته وينعكس ذلك على الأمة برمتها ونكدح ونسير في هذا الطريق وتكون عاقبتنا إن شاء الله الى الخير. نسأل الله جلّ وعلا أن يوفقنا إن شاء الله لحسن القول وحسن العمل وأن يكن لنا بخير والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد أن إستمعنا اعزائي المستعمين الى ماقاله سماحة الشيخ عقيل زين الدين الباحث الاسلامي من لبنان نتوجه الى الأستاذة وداد الخنساء المرشدة التربوية من لبنان ايضاً لسؤالها عن الأضرار النفسية التي يمكن أن تصيب الأبناء جراء المشاكل بين الزوجين والناجمة جراء عدم التفاهم والإنسجام خاصة بعد أن تنتهي بعض العلاقات الزوجية بالطلاق وكيف يمكن معالجتها؟ فلنستمع اليها
الخنساء: طبعاً التفاهم بين الزوجين شرط أساسي في إستمرار الحياة الزوجية وبناء الأسرة لأن بناء الأسرة لن يكتمل إلا بوجود النواة الذين هم الزوج والزوجة والأطفال معهم ويكونوا يعيشون بتفاهم لتأمين الراحة النفسية والراحة الجسدية في نفس الوقت. في حال كان هناك خصام بين الزوجين وحالة إنفصال بين الزوج والزوجة هذا الأمر سينعكس سلباً على الأطفال. أن المشاعر تؤثر على الطفل من حيث الظروف التي تحيط به والأم والأب هما القدوة للطفل وفي حال لاسمح الله لايكون هناك تفاهم فيما بينهم سيكون هناك تأثيرات سلبية على الأطفال وأحياناً تكون عنيفة وتؤثر على نفسيتهم من الطفولة وحتى الى نهاية العمر ولتفادي هذه الأمور يجب على الأم والأب أن يتفقوا حتى لو لم يكن بينهم تفاهم من الأفضل والأحسن والذي يجب أن يأخذوا إحياطاتهم ويتفقوا على أن لايعرضوا أطفالهم، اذا لم يكن التفاهم موجوداً يجب أخذ الإحتياطات بأن لايحس الأطفال بالمعاناة نتيجة لعدم تفاهمهما يعني المشاكل تكون بعيدة عن أعين الأولاد وتصرفاتهم تكون بشكل لاتجعل الأولاد يشعرون بأن هناك خلاف بين الأم والأب حتى لو كان هناك خلافاً موجوداً. الموضوع يتعلق بالزوج والزوجة وهما نواة الأسرة ويجب أن يحلوا مشاكلهم الزوجية بعيداً عن أعين الأولاد وفي حال لم يستطيعوا حل هذه المشاكل يظهروا ولو بالظاهر هم عايشين متحابين وليست هناك مشاكل فيما بينهم يعني لايتصرفوا بعنف او كلام بذيء او أمور يمكن أن تؤذي مشاعر الأطفال بهذا نكون قد خففنا من التأثيرات السلبية على نفسية الأطفال وأما بالنسبة للطلاق للأم والأب اللذان لايستطيعوا ضبط اعصابهم امام أطفالهم ويتعرضون للإساءات فالطلاق حل ولكن حل مؤسف يعني ولكن أحياناً تصل الى مرحلة لاتحتمل ولاتطاق فأكثر الحلول سلبية لإنقاذ نفسية الأولاد ووضعهم.
في ختام حلقة اليوم مستمعينا الكرام نشكر لضيفينا الكريمين سماحة الشيخ عقيل زين الدين الباحث الاسلامي من لبنان والأستاذة وداد الخنساء المرشدة التربوية من لبنان ايضاً حسن المشاركة كما نشكر لكم حسن استماعكم لبرنامج من الواقع والذي إستمعتم اليه من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، الى اللقاء ودمتم في امان الله وحفظه.