خبراء البرنامج: الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الإسلامي من المملكة العربية السعودية والأستاذة زينب عيسى الباحثة التربوية من لبنان
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أعزائنا المستمعين واهلاً وسهلاً بكم في برنامج من الواقع الذي نقدمه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران. في حلقة اليوم أحبتي المستمعين سنتناول موضوع المسلسلات الأجنبية المُدبلجة التي باتت تأخذ حيّزاً كبيراً من إهتمام اغلب أفراد الأسر سواء الآباء او الأمهات او الأبناء وما تشكّله من تأثيرات سلبية على طبيعة العلاقة السائدة بين افراد الأسرة الواحدة وكذلك بين الناس بشكل عام وسوف نستضيف في حلقة اليوم كلاً من الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الإسلامي من المملكة العربية السعودية والباحثة التربوية الأستاذة زينب عيسى من لبنان لمعرفة تلك الآثار السلبية والنتائج الوخيمة التي تترتب فيما بعد وكيف يمكن معالجتها خاصة موضوع حلقتنا الذي سنتناول فيه قصة أبي نور وماذا كان يُعاني بسبب تلك المسلسلات المُدبلجة.
أحبتي المستمعين في يوم بعدما وصل أبو نور الى بيته عائداً من عمله، طرق الباب، فتحت إبنته نور الباب وإستقبلته ثم قالت له قبل أن يدخل: اليوم عندنا ضيف ياأبي.
قال لها: ومن هو ياترى؟
قالت إبنته: إنها زميلتي حنان، أرجو أن لاتُحرجها بأسئلتك المُعتادة فهي خجولة نوعاً ما.
قال الأب: ولماذا تتوقعين أن أسألها؟ أليست هي زميلتك؟ وجاءت لزيارتك وسوف تمضي معك بعض الوقت ومن ثم ترحل، أم في ذلك مشكلة ياإبنتي؟
سكتت نور ولم تُعلّق على الموضوع بشيء. دخل بعد ذلك الأب غرفته ليستريح قليلاً ولم تمضي لحظات حتى إجتمعت أسرة أبو نور عند مائدة الطعام ومعهم ايضاً صديقة نور حنان، نظر أبو نور الى حنان وقال لها: لماذا لاتأكلي ياإبنتي، أراك غير مرتاحة، اذا كنت تشعرين بالخجل فيُمكنك أن تأكي مع نور في الغرفة لوحدكما؟
أجابت حنان: لا لاياعمي فأنا فقط مشغولة البال قليلاً ثم أنني آسفة أن أسبب لكم بعض الإحراج لوجودي بينكم.
قالت لها نور على الفور بدلاً عن أبيها: ماذا تقولين ياحنان؟ هذا بيتك وهذه أسرتك، متى تحبين المجيء فنحن نرحب بك واذا أردت البقاء فأهلاً وسهلاً بك ايضاً.
إنتبه الأب الى كلام إبنته نور وهي ترحب بزميلتها هذا الترحيب الشديد خاصة لما قالت يمكنك البقاء. إلتفت الى زوجته وهمس في أذنها قائلاً: مابال حنان؟ هل تعاني من مشكلة ما؟ ولماذا تُلمّح نور بضرورة بقاءها؟
ردّت عليه زوجته: لاتهتم بهذه الأمور يارجل، تناول طعامك حتى نذهب انا وأنت الى بيت والدتي قبل أن يفوتنا الوقت.
أعزائي المستمعين بعد الذي سمعه أبو نور من زوجته وما قالته إبنته لم يهدأ له بال أبداً فحاول أن يعرف سر مجيء حنان الى بيته وماهي حقيقة كلام إبنته وتلميحاتها لحنان بالبقاء وهنا تسائل مع نفسه قائلاً: حتماً هناك شيء ما يحاول الكل إخفاءه عني، ربما هناك مشكلة قد حصلت لحنان وربما زوجها لايعلم بمجيئها او ربما تشاجرا مع بعض وربما وربما...؟ هكذا راح الأب يتسائل مع نفسه وهو في طريق العودة مع زوجته الى البيت لذلك سأل زوجته وقال لها: ماهي قصة حنان، هل هي في مشكلة؟
أجابته زوجته بنوع من عدم الإحترام: كم أنت مهتم بشأن الفتاة، قلت لك أترك شأنها يارجل فهي ضيفة قد نزلت علينا ويجب علينا إحترامها وتقديرها حتى تُقرر الرحيل.
هنا قال الزوج بتعجّب مصحوب بغضب: الرحيل؟ ماذا تقصدين بذلك؟ تتكلمين وأنك أنت رب الأسرة وأنا ليس لي دور أبداً، ها، تكلمي؟
إنزعجت الزوجة كثيراً من كلام زوجها وقالت له: يبدو أنك تريد أن تعيش في الماضي، لاتريد أن تطوّر أفكارك او توسّع من نطاق فهمك للحياة.
ردّ عليها زوجها بعصبية: عمّا تتكلمين؟ عن أي تطوّر وأي نطاق؟ يبدو أنك قد نسيتي أني رب الأسرة ومسؤول عن كل شيء، نعم كل شيء.
أحبتي عندما وصل الزوجان البيت توجه الأب مسرعاً الى غرفة إبنته، طرق الباب ولما فتحت إبنته نور الباب قال لها: اين زميلتك حنان؟
حاولت نور أن تُجيب على سؤال أبيها بهدوء لأن لاتسمع ذلك حنان فقالت: أرجوك ياأبي فحنان قد صعدت فوق لتستريح قليلاً في غرفة اختي.
فسألها مرة أخرى: وماذا تفعل في غرفة اختك؟ ومتى سترحل؟
أجابت نور بنوع من التردد: ها، ها لاأدري!
ثارت ثائرة الأب لما قالت له إبنته لاأدري فصاح بها قائلاً: هل من الممكن أن تقولي لي ماهي مشكلة حنان؟
قالت نور لأبيها: حاضر ياأبي سوف أشرح لك المشكلة فحنان بإختصار تريد أن تلقّن زوجها درساً لاأكثر ولاأقل فهو دائماً ما يتشاجر معها لأسباب تافهة، مرة بسبب خروجها مع زميلاتها، مرة بسبب أن إشترت قميصاً لم يرض زوجها أن ترتديه، مرة بسبب أنها بعض الأحيان تدعو زميلاتها الى البيت لذلك قررت أن تترك البيت بضعة أيام حتى تجعل زوجها يحتار في أمره ولايكرر فرض أوامره. وهنا أوقف إبنته عن الكلام وقال لها: هل هذه الأسباب ماتدعو حنان لأن تغيب عن بيت زوجها ودون أن يعلم بمكانها، هل هذا تصرّف صحيح برأيك؟
نظرت نور الى أبيها بنوع من التعجّب وقالت: أبي، ياأبي حاول أن تترك تلك الأفكار القديمة فالحياة قد تطوّرت كثيراً ومن حق الزوجة أن تتمتع بحياتها وتمارس حقوقها.
إنتفض الأب بوجه إبنته وقال: السبب كل السبب يعود الى تلك المسلسلات اللعينة التي اخذت تسيطر على اخلاق الناس وتصرفاتهم.
ردّت إبنته قائلة: لا لاياأبي، أرجوك أن تتابع التلفزيون وتشاهد برامجه الحديثة لتتعرف على حجم التطوّر الذي أصاب الأسر خصوصاً في الخارج. آه ه ه ما أروع تلك الحياة التي يعيشونها، إنهم يمارسون حريتهم بكاملها، الأولاد والبنات والزوجات وحتى الأطفال.
نعم أعزائي المستمعين لذلك بعد الذي سمعه والد نور من إبنته قرر أن يصعد بنفسه الى غرفة إبنته الأخرى ليطلب من حنان أن تغادر البيت ودون إحراج لأنه لايرضى أن يشارك في خلق مشكلة قد تتسبب بهدم أسرة بكاملها بعد أن تيقّن أبو نور أن المسلسلات التي يشاهدها أبناءه وبناته قد تركت آثاراً خطيرة على سلوكهم حتى زوجته التي طلبت منه عدم التدخل في شأن حنان.
بعد أن إستمعنا اعزائي الكرام الى قصة عائلة أبي نور تبين أن هناك خللاً كبيراً قد أصاب طبيعة العلاقة السائدة بين أفراد الأسرة والسبب طبعاً هو متابعة تلك البرامج والمسلسلات الأجنبية التي تحمل أفكاراً مسمومة، أفكاراً غربية تناقض العقل والمنطق والقيم التي تناسبنا حياتنا كمسلمين لهذا فقد توجهنا الى فضيلة الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الإسلامي من المملكة العربية السعودية لسؤاله عمّا يراه ديننا الحنيف إزاء تلك المسلسلات التي تنافي كل أشكال الفضيلة ومكارم الأخلاق في مجتمعاتنا والتي دخلت بيوتنا دون إستئذان، فلنستمع اليه
الحجاب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
إنطلاقاً من قول الله عزوجل "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ"(سورة التحريم٦). الوقاية من مكائد الشيطان التي تؤدي بنا الى طريق النار كثيرة وقد إستغل أعداء الإسلام هذه التكنولوجيا الحديثة وهذا التطوّر ووسائل الإعلام والقنوات الفضائية فبدأت تقوم ببث مسلسلات مُدبلجة، هذه المسلسلات بعيدة عن واقعنا الإجتماعي والإسلامي، بعيدة عن مبادئنا، عن عقيدتنا بل تبث سموم وأفكار الهدف الأساسي فيها هو تدمير الشاب المسلم، الطفل المسلم. عندما ننظر بنظرة إجتماعية الى هذه المسلسلات نجد أنها أعدت إعداداً خاصاً لتخريب الشريحة الإسلامية من اطفال، من شباب، من كبار، لماذا؟ لأنها تحتوي على لقطات غير شرعية وغير اخلاقية وكذلك تحتوي على أفكار هدّامة، هذه الأفكار تُبعد الإنسان عن طريق الحق وطريق الإيمان. عندما ننظر الى الشرع المبارك نجد أن الشرع المبارك قد نهانا عن كل شيء يُبعدنا عن الله عزوجل وكل شيء يُثير الغرائز الجنسية التي وهبنا الله إياها لا للتلذذ بالمحرم ولكن لما يُرضي الله عزوجل. ايضاً هذه السموم الهدّامة أثرت تأثيراً كبيراً على اطفالنا، ليس فقط من خلال هذه المشاهد، أثرت من خلال اللغة التي دُبلجت بها هذه المسلسلات. علينا أن نضع البديل، نناشد الكتّاب يكتبوا لنا مسلسلات رائعة، ناشد أصحاب الإنتاج أن ينتجوا لنا أفلام تناسب ومسلسلات تنافس هذه المسلسلات الضارة الهدّامة. جزاكم الله خير جزاء والسلام عليكم.
بعد أن إستمعنا أيها الأعزاء الى فضيلة الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الإسلامي من المملكة العربية السعودية نتوجه الان الى الأستاذة زينب عيسى الباحثة التربوية من لبنان لسؤالها عن طرق معالجة هذه الآفة التي بدأت تعاني منها أسرنا وهل التأثير السلبي للمسلسلات المُدبلجة حقيقي وكيف ينقل نمطيته لحياتنا الإجتماعية وماذا ينبغي فعله للوقاية من الجانب الأسري والمعنيين؟ فلنستمع اليها
عيسى: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد أشرف الخلق والمرسلين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حضرتك تطرح موضوع من المواضيع الهامة في حياتنا الإجتماعية والثقافية وحتى الإنسانية فالبرامج المُدبلجة نشهد منها الكثير فالإعلام الفضائي تنتقل من محطة الى أخرى وتجد البرامج المُدبلجة. أولاً اريد أن أقول ويفهمني الآخر نحن لسنا ضد البرامج المُدبلجة او البرامج المُدبلجة التي تُعنى وتتناول مواضيع إجتماعية او ثقافية او مواضيع يمكن أن تستفيد منها مجتمعاتنا الإنسانية ولكن ما يُلاحظ في الوقت الراهن وفي ظل التحولات في البنى الإجتماعية التي تشهد العولمة في صياغتها لما يتلائم مع ثقافتها الخاصة. بتنا نشهد البرامج المُدبلجة بعضها بل اكثرها تتعارض ولاتتلائم مع ثقافتنا وهويتنا وإنتمائنا الثقافي والإجتماعي والديني، هناك محاولة من خلال البرامج المُدبلجة الى التضييع والتأثير على الشباب والأجيال إن كان في الدول العربية او الإسلامية ويمكن القول بأن هناك تهديداً فعلياً لبعض هذه البرامج، هناك تهديد للهوية الإسلامية بما هي بإستمرارية تاريخية من خلال عرض أشياء لاتتناسب مع الثوابت وتحل محلّها مرجعية غير منغرسة في هذا المكان. من هنا سيدي الكريم علينا نحن كمجتمعات إجتماعية وثقافية وإنسانية ومجتمع مدني ومجتمع حكومي أن نأخذ هذا الموضوع بعين الإعتبار وان يكون هناك نوع من الرقابة في عرض وإختيار هذه البرامج فعندما تكون هناك رقابة وتحديد للبرامج التي تُعرض في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية نستطيع أن نتلافى الكثير من سلبيات تلك البرامج أولاً وثانياً حيث أنه من الصعب تحديد وتأطير الإعلام الفضائي هنا يأتي دور الأسرة، يجب على الأهل أن يُراعوا ماهي البرامج التي يختارها أبناءهم لا أن يتركوا أبناءهم ليتحدثوا في الحلقة مئة وعشرين من برنامج كذا ومسلسل كذا، هناك مسلسلات تتعدى المئة حلقة وهي روتينية ومضيعة للوقت وهناك برامج ممكن الإستفادة منها. اذن هنا دور المجتمع الحكومي ضمن أن الفضائيات تعرف ماذا تختار وماذا تعرض ومع مايتلائم مع ثقافتنا وهويتنا لأن هناك أصبح بالمطلق مايسمى في علم النفس بالتماثل الإجتماعي، علينا أن نحافظ على هويتنا وإلا بعد عدة سنوات، بعد عشرين عاماً او ثلاثين عاماً تختلط الأمور والمفاهيم فيما بينها.
نشكر لكم حسن إستماعكم لبرنامج من الواقع الذي قدمناه من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، حتى حلقات اخرى قادمة نستودعكم الله وفي أمان الله.