خبراء البرنامج:فضيلة الشيخ جعفر عسّاف الباحث الإسلامي من لبنان والدكتور حسين محمد طاهر الأستاذ في علم النفس من الكويت
بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام طابت أوقاتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته نرحب بكم في برنامج من الواقع الذي نقدمه كالمعتاد من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران وموضوع اليوم سنتناول فيه مساوئ القصص البوليسية على الأطفال.
أحبتي الكرام عُرف عن القصص البوليسية أنها تُبعد الأطفال عن عالم البراءة والحب وتُدخلهم في عالم الخوف والرعب فنجدهم يعيشون اجواءاً وهمية او غير حقيقية تُغرّبهم عن حياتهم كثيراً فيبتعدون عن الأسرة او حياة المدرسة لأنها تعلهم سلوكيات عنيفة منافية في نفس الوقت للأخلاق والدين وربما يُصاب هؤلاء الأطفال أحياناً يتقمصون شخصيات تلك القصص وهنا تكمن الخطورة وتكمن المشكلة. اليوم سنتعرف على قصة ثامر وما فعله في غياب والديه عن البيت بعدما أثرت عليه كثيراً تلك القصص التي كانت ترويها له أمه كل ليلة، وفي هذه الحلقة أعزائي الكرام سيكون في ضيافتنا وكما عوّدناكم كلاً من فضيلة الشيخ جعفر عسّاف الباحث الإسلامي من لبنان والدكتور حسين محمد طاهر الأستاذ في علم النفس من الكويت فتابعونا.
أحبتي تعوّد ثامر أن يستمع كل ليلة الى قصة من القصص البوليسية من أمه قبل أن ينام وكان يحفظ عن ظهر قلب كل الأحداث التي ترويها له أمه عن البطل كيف أنقذ المساكين او كيف إنتصر على الأشرار وغيرها من تلك القصص البوليسية وهكذا صارت تلك القصص البوليسية شيئاً ضرورياً بالنسبة له خاصة تلك التي كانت تحكي عن البطولات وعن المعارك التي كان يشنّها بطل القصة ضد الأشرار والمجرمين.
في يوم دخل والد ثامر البيت وقد بان عليه الإنزعاج والقلق ولما حان موعد تناول الطعام هو وأسرته قال لزوجته أثناء ذلك: تعرّض اليوم جارنا أبو رياض لحادث مؤسف حين إصطدمت سيارته بسيارة أخرى فنُقل على أثر ذلك الى المستشفى لذلك علينا زيارته لو سنحت الفرصة غداً او بعد غد.
فقالت الزوجة: لاأعتقد أن زيارته تحتاج الى فرصة فتجب زيارته اليوم بأي شكل من الأشكال فهو جار جيد ويستحق السؤال عنه.
قال الزوج: كلامك صحيح إذن احوال أن أغيّر ملابسي حتى نذهب الى المستشفى بعد تناول الطعام. وفعلاً خرج الزوجان لزيارة جارهما أبي رياض بعد أن طلبا من إبنهما ثامر أن لايخرج من البيت وأن لايفتح لأحد ما الباب كذلك طلبا منه بعض الأمور الأخرى حتى لايؤذي نفسه او يُعرّض نفسه للخطر وبمجرد أن خرج الأبوان دخل ثامر غرفته وراح يُمارس بعض الألعاب لوحده وبعد أن مرت ساعة تقريباً سمع ثامر صوتاً في البيت ظنه صوت رجل، شعر بالخوف فحاول أن يسترق السمع قليلاً. نعم لقد تكرر الصوت نفسه فزاد خوفه وأحس بخطر ما لذلك فضّل أن يُغلق الباب على نفسه وإتخذ بعض التدابير التي تعلّمها من تلك القصص البوليسية.
بعد أكثر من ساعة عاد الزوجان الى البيت فطرق الزوج الباب ولكن ليس من مُجيب، كرر الزوج طرقاته، ايضاً ليس من مُجيب فشعر الأبوان بالقلق لعدم فتح ثامر الباب.
سألت الزوجة: لماذا لم يفتح ثامر الباب؟ أتظنه نائماً؟ أم أنه خرج من البيت واذا كان خرج من البيت اين يمكن أن يذهب فهو لم يعتد على الخروج كثيراً بل عادة يحاول أن يشغل نفسه في غرفته، هل حصل له مكروه لاسمح الله؟
أجابها الزوج: لاتتعجلي الأمور سأفتح أنا الباب ولما ندخل سنعرف الحقيقة. وفعلاً دخل الأب الباب ودخل هو وزوجته ولما صارا وسط الصالة إنتبه الأب قبل كل شيء الى التلفاز فقد كان مفتوحاً وصوته مرتفعاً فقام بإغلاقه ثم نادى على إبنه فلم يجد منه جواباً، نادى عليه مرة أخرى، ايضاً لم يُجبه إبنه. أصاب الأب القلق وكذلك الأم لذلك صعد الأب على الفور الى غرفته ليتأكد، طرق الباب فلم يُجبه ثامر. حاول أن يفتح الباب لكن الباب كان مُغلقاً وهنا ساور الأب القلق أكثر فطلبت الأم من زوجها أن يكسر باب الغرفة وفعلاً بضربة واحدة كانت قوية جداً إستطاع الأب أن يكسر الباب ولما دخلا لم يجدا ثامراً فيها فبحثا عنه جيداً، لا فلا وجود له أبداً!
أعزائي المستمعين بسبب القصص التي كانت ترويها ام ثامر لإبنها حاول ثامر هنا أن يقوم بدور إحدى الشخصيات البوليسية ليتخلّص من المجرم او اللص ومن ثم ليُنقذ نفسه لذلك فقد ربط حبلاً بالشبّاك وجعله يتدلى ولما شاهد الأب الحبل ظن أن إبنه إستخدمه لسبب ما، لكنه ما إن مدّ رأسه ليُشاهد من الشباك أسفل البيت حتى سقطت على رأسه إحدى اللعب الكبيرة التي كان يمتلكها ثامر فأصابته إصابة بسيطة جعلته يشعر بالغثيان قليلاً ثم بعد ذلك سقط على رأسه شيء آخر فأسقطه في هذه الحالة على الأرض. صرخت الزوجة خوفاً على زوجها ولما تقدمت لمعاينة زوجها هي الأخرى قد سقطت بعد أن إنزلقت قدمها بسبب أشياء بعثرها ثامر على الأرض، هذا الموقف جعل الأبوان ينظران الى بعضهما البعض، لايعرفان أيضحكان إزاءه أم يُعبّران عن ألمهما لكن شغلهما الشاغل كان ثامر طبعاً لذلك نهضا للبحث عنه من جديد وبعد التقصّي جيداً توجه الأب اخيراً نحو دولاب الملابس فوجدإبنه مُختبأ وقد أمسك بعصا وهو يرتجف من شدة الخوف، أمسك به أبوه بسرعة واخرجه من الدولاب وسأله لماذا كل هذه الأفعال التي قمت بها؟ أجاب ثامر بعد أن هدأت فرائصه: لقد سمعت صوت رجل في البيت بعد رحيلك انت وأمي فتصوّرت أن لصاً سيخطفني ويُقطعني إرباً إرباً ويوزّع أجزائي على أصحابه.
وهكذا اعزائي المستمعين تبين أن القصص البوليسية التي كانت ترويها الأم لإبنها قد أثرت على تفكيره لذلك بعد أن سمع صوت التلفاز تصوّر أن لصاً في البيت سيقوم بمهاجمته وربما اكله كما تفعل بعض الشخصيات المجرمة والشرسة التي كانت ترويها أمه. اذن نتوجه الآن الى ضيفنا فضيلة الشيخ جعفر عسّاف الباحث الإسلامي من لبنان لسؤاله عما جاء في تعاليم الدين الإسلامي عن اهمية تربية أولادنا التربية الحسنة والصحيحة وعدم تهويل الأمور أمامهم او عدم إختلاق القصص الخيالية التي لاتمتاز بالمظاهر الإيجابية بقدر ما تمتاز بالمظاهر السلبية وتؤثر على سلوكيات اطفالنا. لنستمع معاً
عسّاف: بسم الله الرحمن الرحيم
ما طرحتموه حول هذه الأفلام الكارتونية للأطفال التي غالباً ماتكون موجّهه من امور شريرة وسيئة وبحسب الطباع والفهم، وما نقرأه في الكثير من المجلات والجرائد العالمية والمحلية اليوم تُشكّل هذه البرامج كوارث في مجتمع الأطفال والبشرية. كما تعلمون هناك بعض التقارير التي تُشير الى أن كثيراً من الأطفال في أمريكا وفي اوربا وحتى قد تكون في دول اخرى، التي ينتج عنها امور سيئة وفاسدة وشريرة، حالات قتل وحالات إنتحار مثلاً في الفترة الأخير نُقل أن طفلاً قتل عدة اطفال من أصدقاءه في المدرسة وبعد التحقيقات والطفل أصبح مهووساً بما يراه في هذه الأفلام التي تكون موجهة بطريقة سيئة فقتل أصدقاءه وأطفالاً صغاراً في المدرسة. هناك في بعض الدول الغربية اليوم قرأت بعض المجلات أنها قد أصدرت توجيهات صارمة تحد من حرية الأطفال حتى في المدرسة كما أن هناك كاميرات مراقبة حتى في الحمامات والمواضع الخاصة جداً خوفاً من هذه الحالات التي تؤدي الى التدمير الكبير للأطفال لذلك نحن اليوم بحاجة مهمة جداً أن نُغيّر هذه البرامج الكارتونية للأطفال وكما تعلمون ان الكثير من هذه البرامج لايقمون بهذا العمل من هدف اخلاقي او إجتماعي وإنما تكون على اهداف مادية يعني الكثير من منتجي هذه البرامج يكون الهدف المادي والربح المادي هو الهدف الرئيسي وكذلك الأحداث التي يُراد بها إفساد الأطفال وإفساد الطفولة بهذه البرامج فمن هنا برامج الأطفال عادة التي توزّع على شاشاتنا العربية والإسلامية مع الأسف في الكثير من الأحيان لاتكون مراقبة كما ينبغي او لايؤخذ بأهميتها التربوية لذلك نقرأ في حديث لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي يقول حول الطفل الصغير "إن قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء إلا نبت".
وبعد أن إستمعنا الى فضيلة الشيخ جعفر عسّاف الباحث الإسلامي من لبنان نتوجه الآن الى ضيفنا حسين محمد طاهر الأستاذ في علم النفس من الكويت لسؤاله عن الأضرار النفسية التي تعكسها القصص البوليسية على أطفالنا خاصة بعد أن يواجه بعضهم مشكلة ما كالتي حصلت لثامر؟ فلنستمع معاً
طاهر: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
بالنسبة لسؤالكم حول تأثير الأفلام البوليسية او التأثير النفسي والإجتماعي على الأطفال، لاشك أن للأفلام البوليسية تأثير وهذا التأثير يكمن في عدة جوانب. اول شيء بالنسبة للطفل لأنه يؤثر على الطفل اذا كان هذا الفلم البوليسي يعكس صورة سلبية من خلال بعض المشاهد التي يمكن أن تؤثر على تفكير الطفل، حركة الطفل خاصة لأن الطفل في هذه المرحلة يُقلّد كل صورة بدون أن يعلم ويُدرك الأبعاد الأخرى لهذه الصورة بالتالي يمكن أن يُحاكيها ويفهم بعضها ولايفهم بعض مافيها فيُحاكيها فهذا التقليد خاصة الأفلام البوليسية تُركّز على الحركة والأكشن وعلى العنف فالطفل يُقلّد العنف وبالتالي ينعكس هذا على سلوكه خاصة في تعامله مع أقرانه وتعامله مع اهله وايضاً في تعامله مع أصدقاءه في المدرسة وبالتالي هو يُقلّد هذه الصورة من باب التقليد بالتالي تظهر آثار معينة. أحياناً اذا كان الطفل مع بعض أقرانه بالنسبة لبعض الأفلام بأن يوضح له الصورة فتكون الآثار أقل لكن غالباً الأطفال يتأثرون لأنهم لايجدون التفسير الكافي والصحيح بالنسبة لهذه الأفلام فتؤثر عليهم فكرياً وإنفعالياً وحركياً هذا جانب، بعض الأطفال تستقر فيهم الصورة خاصة اذا كانت الأفلام البوليسية فيها رعب وأفلام قتل وحتى أفلام الكارتون المرعبة جداً ممكن أن تُخزّن الصورة في ذهن الطفل وبالتالي تنعكس عليه ولايستطيع النوم وبالتالي يتخيّل لأننا قلنا الطفل في هذه المرحلة يُقلّد وايضاً يتخيّل فيجمع بخياله صورة حقيقية وهي ليست صورة حقيقية وتستقر في اللاشعور ويبدأ يتخيّل ذلك او يحلم بذلك لأن الأحلام تأتي من واقع الإنسان او من واقع الطفل فالطفل يكرر هذه المشاهد فتؤثر عليه وعلى نومه وبالتالي يبدأ بالخوف من النوم لوحده وهناك الكثير من هذه الحالات تراجعنا أنه يخاف من الليل لأنه يرى هذه الأفلام وهذه المشاهد البوليسية وخاصة المشاهد المرعبة.
في ختام حلقة اليوم نشكر لضيفينا العزيزين فضيلة الشيخ جعفر عسّاف الباحث الإسلامي من لبنان والدكتور محمد حسين طاهر الأستاذ في علم النفس من الكويت حسن المشاركة كما نشكر لكم مستمعينا الأفاضل حسن إستماع برنامج من الواقع الذي قدمناه من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، حتى الملتقى نستودعكم الله والسلام عليكم.