خبراء البرنامج: السيد رياض الموسوي الباحث الإسلامي من العراق والأستاذة وداد الخنساء المرشدة التربوية من لبنان
مستمعينا الأعزاء نرحب بكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران ونقدم لكم برنامج من الواقع، في حلقة اليوم سنتناول موضوعاً يخص الأطفال ومايُسببونه بعض الأحيان من إحراجات او مشاكل عندما يوشون بأسرار البيت أمام الآخرين سواء كان هؤلاء الآخرون غرباء أم لا والسبب كما تعلمون اعزائي المستمعين يعود الى تقصير الوالدين عندما يتطرقون الى الحديث عن أمور حياتهم او مستوى معيشتهم أمام أبناءهم او ربما يقوم في بعض الأحيان الأب بتوجيه إنتقاد ما الى أحد الأشخاص المُقربين فيستمع الى ذلك الطفل ويترسّخ في باله ثم في يوم يبوح به أمام ذلك الشخص في مناسبة ما فتحصل المشكلة او يحصل الإحراج.
أبو امين موظف متوسط الحال لكنه رغم ذلك كان حريصاً على توفير بعض المال شهرياً من راتبه الذي يتقاضاه من الشركة وقد زوجته هي الأخرى تشجّعه على ذلك وزوجته ربة بيت ناجحة ايضاً فهي تتمتع بقدرة متميزة على إدارة شؤون البيت. إستطاعت من خلال تشجيعها لزوجها وحثّه على التوفير وعدم الإسراف أن تساهم في بناء البيت الذي يسكناه هما وولدهما لذلك فقد تعوّد أبو أمين عندما يرجع من عمله أن يبدأ بالحديث مع زوجته همّا يُخطط له في عمله وكيف يحاول أن يطوّر نفسه بأن يعمل عملاً إضافياً او كم أصبح يمتلك من المال وغيرها من الأمور التي تخص حياة الزوجين. في يوم عاد أبو أمين الى البيت والفرحة تملأ قلبه ولما إستقبلته زوجته سألته: ما بك يازوجي العزيز؟
أجابها: لقد منحتني إدارة الشركة علاوة نقدية شهرية جيدة نتيجة تحقيقها أرباحاً كثيرة هذا الشهر لذا اعتقد أن المبلغ الذي بحوزتنا سيكتمل لكي نشتري السيارة وبقية الأشياء في المنزل.
هنا قال امين لأبيه: أبي أريد أن تشتري لي ساعة جميلة تليق بي فكل زملائي في المدرسة يمتلكون وأنا لاامتلك.
نظرت أم أمين الى زوجها بإنتظار ما سيقوله فأردف الأب قائلاً: يابُني هذه العلاوة التي حصلت عليها لاتكفي لشراء كل الأشياء مرة واحدة لكنني أعدك بأن أشتري الساعة الجميلة التي تعجبك في المرة القادمة. فقال الأب لأبيه: لا الساعة في هذه الحالة لاتكفي، أريد أن تشتري لي دراجة هوائية ايضاً. ضحكت الأم وقالت: مثلما تريد ياولدي فأبوك والحمد لله راتبه أصبح جيداً ويستطيع أن يُلبّي كل طلباتك!
ذات يوم إتصل بأبي أمين شقيقه طالباً منه مساعدة مالية بسيطة وهو قد تعوّد على ذلك كلما دعته الحاجة، إعتذر هذه المرة أبو أمين قائلاً لشقيقه: أنا آسف جداً ياشقيقي العزيز فأنت تدري ان راتبي لايسد نفقاتي أنا وأسرتي لكن اذا حصلت على علاوة مثلاً فسوف لن أتردد في ذلك أبداً، صدقّني!
إعتذر شقيق أبو أمين بدوره ولم يُصر على طلبه فقد كان على يقين بما قاله أبو أمين. لما عاد شقيق أبو أمين الى بيته كانت زوجته بإنتظاره فسألته حالما فتح الباب: ها ماذا قال لك اخوك؟
نظر اليها ثم قال: يبدو أن أخي هو الآخر في محنة مالية فالحق معه راتبه هو ايضاً قليل ولايسوي نفقات بيته وزوجته وإبنه.
ردّت عليه زوجته: انا ايضاً لاأعرف ماذا سنفعل عندما نذهب الى بيت اخيك يوم الخميس. تعجّب زوجها وقال: يوم الخميس؟ وماذا تعنين بذلك؟ أجابته قائلة: نعم لقد إتصلت بي أم أمين ودعتنا الى حفل بسيط ستُقيمه بمناسبة عيد ميلاد امين. هنا قال لها زوجها: وأي هدية سنشتري له ونحن لانمتلك نقوداً؟ كم انا خجل من ذلك!
حاولت الزوجة أن تُطمئن زوجها فقالت له: لاتقلق بشأن الهدية فأخوك أعلم بحالك ولااعتقد أنه سيلومك، سأحاول أن أجد شيئاً مناسباً لإبن أخيك ولكن جهّز حالك ليوم الخميس. في يوم الخميس إجتمع الكل في بيت أبو امين إحتفاءاً بمناسبة عيد الميلاد وقد إرتدى امين أحلى الملابس واجملها وكان واضحاً ما أنفقه أبوه لأجله من لوازم لهكذا مناسبات بالإضافة الى دعوته لأغلب زملاءه في المدرسة. إنتبه شقيق أبو أمين الى ذلك كما إنتبهت زوجته وقد همست في أذنه متسائلة: يبدو أن أخاك قد إقترض مبلغاً من المال لأجل هذا الحفل. أجابها زوجها قائلاً: لااعتقد أن أخي يفعل ذلك فهو لن يقترض أبداً في حياته حتى في أحلك الظروف.
مرت الدقائق وكان الكل فرحاً ومنسجماً بالحفل الذي أقامه أبو أمين ولما حان موعد تقديم الهدايا لأمين أدخل أبو امين دراجة هوائية جميلة الى مكان الحفل، فرح امين كثيراُ لما شاهد الدراجة ثم تقدمت امه وأعطته ساعة جميلة كالتي تمناها إبنها، فإندهش شقيق أبو أمين كثيراً لهذا الحال فسأل أخاه قائلاً: كيف تمكنت من توفير كل هذه النفقات وأنت تعاني مثلي من قلّة الراتب؟ هنا إنبرى أمين قائلاً: ياعمي أنت تتسائل من أبي من أين جاء بالنقود، ألا تعلم ان أبي يمتلك نقوداً كثيرة؟ ولقد وعدني أن يشتري لي أشياء اخرى لو نجحت في المدرسة كذلك لاتعلم أن أبي سوف يشتري سيارة جميلة وكذلك لاتعلم أن أبي قد حصل على علاوة شهرية كبيرة من الشركة وأنت لاتعلم!!
هنا شعر أبو امين بالحرج من اخيه فلم يبق شيء لم يقله أبنه فأضطر أن يصرخ به حتى يُسكته. تفاجئ شقيق أبي أمين بما سمعه وإكتشف بأن اخاه فعلاً قد أصبحت أوضاعه المالية جيدة ولكنه تسائل لماذا اخفى عنه ذلك؟ حاول أبو أمين أن يشرح سبب إخفاءه لكنه فشل في ذلك، لمَ لا وقد إمتنع هذه المرة أن يمد يد العون له لهذا فقد إقترح على اخيه أن يُعطيه فرصة حتى يوفر له شيئاً من المال في صباح اليوم التالي لكن أخاه رفض ذلك وخرج منزعجاً دون أن يُسلم عليه ولما علمت زوجته بالأمر هي الأخرى تركت البيت لتلحق بزوجها وهكذا تسبب أمين في إحراج أبيه بعد ان فضح كل أسراره امام عمه.
وهكذا مستمعينا الأعزاء وبعد ان إستمعتم الى قصة أبي امين نتوجه الى سماحة السيد رياض الموسوي الباحث الإسلامي من جمهورية العراق لسؤاله عما يراه الشرع الإسلامي في تربية أبناءنا وتوجيههم الوجهة الصحيحة لكي لايقع الآباء في هكذا مطب او إحراج. فلنستمع اليه
الموسوي: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين السلام عليكم أيها المستمعون الكرام جميعاً ورحمة الله وبركاته
كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وعدة من الروايات عن الأئمة الطاهرين عليهم أفضل الصلاة والسلام أجمعين هناك الكثير الكثير في موضوع تربية الأولاد تربية صالحة وطيبة ولعلّي أستطيع أن أختصر في هذه الدقائق أن أهم مايشير اليه الإسلام الحنيف أن تكون التربية ضمن شروط ومن خلال منهج تربوي إسلامي ونفسي للطفل فمثلاً الطفل له مراحل في عمره فكل مرحلة لها طريقة خاصة في التربية كما ورد في النصوص عن مولانا امير المؤمنين عليه السلام في الأولاد "إتركهم سبعاً وأدبهم سبعاً وصاحبهم سبعاً" فعزيزي المستمع هذه الرواية الشريفة تُبيّن أن الأبوين عليهما أن يلتزما بهذه التوجيهات بأن الأطفال في هذا العمر وهو من الولادة الى السنة السابعة ينبغي التعامل معهم بكل رحابة صدر وأن لايُعنفوا ولايُتعامل معهم معاملة قاسية لأن مردوده سيكون سيء على تربية الصبي او الصبية في مستقبل حياتهم ثم بعد ذلك مرحلة التعليم والتربية والتأديب للطفل والصبي تكون من السبع سنوات الى الرابعة عشرة تقريباً من عمر الطفل وفي هذه المرحلة ايضاً على الوالدين أن يهتما بأن يوصلا التربية بالشكل المناسب لأولادهما وليس بالتعنيف والتوبيخ والشدّة وإستعمال الأساليب التي لها ردود فعل شديدة من قبل الأولاد ثم المرحلة الأخيرة في هذه الرواية الشريفة من عمر الرابعة عشرة الى الواحد والعشرين عاماً هنا ينبغي للوالدين وخصوصاً الأب أن يتعامل مع اولاده وكأنهم أصدقاء وليس معاملة فوقية والأوامر الشديدة التي تؤثر على شحصية الأولاد والشباب خصوصاً في مرحلة المراهقة لذلك الذي لايلتزم بتوجيهات الإسلام الحنيف في التربية تقع المشاكل في العائلة مثلاً نسمع أن أخبار العائلة تتسرب الى الخارج وإفشاء أسرار العائلة الى الخارج وهكذا.
وبعد أن إستمعنا اعزائي المستمعين الى إجابة سماحة السيد رياض الموسوي الباحث الإسلامي من العراق نتوجه الآن الى الأستاذة وداد الخنساء المرشدة التربوية لسؤالها عن أضرار إشراك الأولاد في أسرار الأحاديث التي تجري بين الوالدين وماهي الطرق الصحيحة لتوجيههم؟ فلنستمع اليها
الخنساء: السلام عليكم كل عائلة لها أسرارها الإجتماعية والسياسية لذلك يجب على الأهل او الأم والأب أن يكونوا حريصين في إظهار هذه الأسرار أمام الأطفال لأن الطفل يتكلم عن براءة وهذه البراءة يمكن أن يستغلها الآخرين بطريقة غير سليمة ومؤذية وممكن أن تؤدي الى خراب البيوت وحتى الى أذى اذا كانت العائلة تعيش أجواء سياسية معينة مثلاً الناس الذين كانوا يعيشون في العراق أيام صدام الظالم مثلاً اذا كان يعرف في أي عائلة توجد صورة الإمام الخميني كانت كل العائلة تؤخذ الى السجون لذلك الأهل يجب أن يتعودوا ويهودوا أطفالهم من نعومة أظافرهم أن يتعلموا كيفية حفظ الأسرار وكذلك عدم إخراجها خارج أبواب المنزل وهذه الطريقة هي بالتعويد تدريجياً مثلاً اذا خرج الأب من المنزل ممكن الأم تسأل يقول أنا لاأعرف فالأم تقول اذا أنا سألتك او أي احد آخر يمكن أن تقول لاأعرف، اذا الأم خرجت من المنزل او دخلت كذلك اذا سأله الأب يجب أن يقول لاأعرف ومارأيت شيئاً حتى يتعوّد خارج البيت وفي المجتمع عند الأهل او الجيران يعني أي شيء داخل البيت حتى الحركة أن لايظهرها للآخرين. في البداية الأهل يجب أن يُراعوا المرحلة العمرية لأن كل مرحلة لها خصوصياتها وقدرها من إدراك الأسرار ويبدأ يعني من الطفل منذ الصغر وفي المرحلة الثانية يتعوّد الطفل على أن يكتم، أسلوب على أنه لايجب أن يتكلم أي شيء حتى الأمور البسيطة طبعاً عندما يكبر تكون التعقيدات أكثر والأسرار تكبر اكثر حتى اذا تكلم احد أمام الطفل يجب أن يكتم. طبعاً على الأهل أن يجنبوا اذا كانت هناك أسرار خطيرة ويعرفوا أن الولد أذانه صاغية ويسمع وله وعي بما يدور حوله في المنزل يعني لانقول إنه طفل صغير ولايفهم ولايتأثر بالعكس الطفل يحصد بسرعة خاصة اذا كانت الأمور دقيقة. يعني تكون هناك عملية تعويد وبحسب المرحلة العمرية.
في ختام حلقة اليوم نشكر لضيفينا الكريمين حسن المشاركة كما نشكر لكم اعزائي حسن الإستماع الى برنامج من الواقع الذي قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، الى اللقاء.