بسم ا... الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أحبائي في برنامج (من الواقع) كما اعتدنا في برنامجنا نعرض قصة من قصص الواقع التي نحياها، والتي قد تتكرر في كل مرة وباشكال مختلفة فاليوم قصتنا تدور حول الشماتة بمصائب الناس، فمن الأخلاق التي نبذها ديننا القيم والتي ذكرها الله تعالى في الآية الكريمة: "إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا" .
فان الشماتة في مصائب الناس من الأمور المنبوذة اخلاقياً واجتماعياً، كما سنستضيف في نهاية حلقة اليوم أحد علماء الدين وأحد الخبراء الإجتماعيين أو التربويين أو النفسانيين لنستفيض من إجاباتهم بالطرق التي يمكن مواجهة الشامتين في مصائب الناس، راجين حسن استماعكم فابقوا معنا لنستمع سوياً لقصة اليوم...
كان جارنا ابو عبدالله صعب المراس كثير الالحاح لدرجة انني في يوم من الايام دعوت عليه بالعمى والبرص وكل امراض الدنيا على ما كان يفعله معي من أفعال، ففي كل يوم يخرج بشيء جديد. في يوم يطالبنا بتقليم اشجار منزلي لان أورقها تسقط في فناء منزله وعليه تنظيفها، وفي يوم اخر يطالبني ببناء حائط منزلي بشكل أجمل وأن أصبغه وان وان... فطلباته كثيرة ولايطلبه بشكل طبيعي بل يدفعني الى الجنون من كثرة الالحاح وكثرة طرق الباب والدعوى والصوت المرتفع... وفي يوم من الأيام تعرض جارنا الى حادث اصيب بالعمى. لاتعرفون كم فرحت بذلك وتصورت ان الله انتقم لي منه واستجاب لدعائي. وبدءت استهزءُ به وكلما مر اسمعته الكلام الجارح والكلام الذي يثيره ويجعله يكره مروره من امامي. وبدءت انصب له المكائد واجمع اصدقائي للسخرية منه... وكان في بعض الأحيان يرد عليّ بكلمات يحاول فيها تأنيب ضميري ولكنني لم اكن أصغي اليه، كان هناك نداء واحد في قلبي وهو نداء التشفي منه.
ذات ليلة كنت أسهر مع اصدقائي وكانت زوجتي حامل في شهرها التاسع وفي أيامها الأخيرة وكان كل همي هو العبث واللهو، أمضيت وقتى مع الاصدقاء ومن بعيد رأيت جارنا المسكين وهو أتٍ باتجاهي. ولكي أضحك عليه ويضحك عليه اصدقائي وضعت له قدمي فتعثر وسقط وبدء المسكين يبحث عن عصاه. وكلما نهض سقط مرة أخرى، وكلما سقط كانت قهقهتي ترتفع أكثر وأكثر وترتفع معها ضحكات اصدقائي حتى أشفق عليه أحدهم وساعده على النهوض ودله على الدرب. كان منظرا مؤلماً حقاً ولكنني لم اعِ ذلك الا بعد ان ذقت المرارة وعرفت معنى فعلتي هذه..
في تلك الليلة، وأنا مشغول بالضحك والإستهزاء بجارنا، جاء زوجتي المخاض ولأنها كانت وحيدة، ولم يكن هناك من يساعدها ومضت عليها الساعات، وهي تتألم وحيدة تجرأت على طلب العون من جارتنا ام عبدالله زوجة الضرير، وهي من ساعدتها وقامت بنقلها الى المستشفى وجاء مولودي الأول. وعندما علمت في وقت متأخر بان زوجتي في المستشفى هرعت الى المستشفى، وشعرت بالخجل من نفسي لانني تركتها في هذه الحالة لوحدها خاصة وأنه مولودونا الاول.. وجاءت البشرى أنه ولد وبارك لي الجميع وشعرت بسعادةٍ لاتوصف. كم هو جميل ان اصبح اباً ويكون بكري مولود ذكر وانا في خضم فرحتي وسعادتي وبينما كنت مشغولا مع العائلة بالبحث على اسم جميل يليق بولي عهدي الجديد كانت هناك مصيبة تنتظري وتنتظر كل احلامي مصيبة لم أكن أحسب لها أي حساب...
في تلك اللحظات السعيدة طلب دكتور الاطفال رؤيتي في غرفتها ... ودون أن أعرف السبب شعرت بدقات قلبي تتسارع تارة وتارة أخرى تتوقف. وبدء القلق يبطؤ من خطواتي وتتثاقل كل خطواتي. ما المشكلة خير انشاء الله؟ كانت طرقاتي للباب بالكاد تسمع وجاء صوت الدكتور وهو يقول لي تفضل بالدخول. هنا توقف قلبي عن العمل عرفت أن المسألة لم تكن سهلة بل هناك أمر جلل.... قال ببساطة ودون أي مقدمة بسبب عسر الولادة ان هناك عيبا خلقيا في ولدي، وهناك إعاقة وعلى الارجح انه العمى وربما هناك اصابة أخرى. فان عسر الولادة وتأخر زوجتي في الوصول الى المستشفى اثر على خلايا دماغه مما سبب هذه الاعاقة... كان حديثه أشبه بصاعقة تعصف بكل كياني، كان صوت الدكتور يأتي من صوب من صوب آخر تأتي قهقهاتي على عبد الله جارنا المسكين... طأطأت رأسي خجلاً وندماَ. ليتني لم افعل.. ذلك ليتني بقيت في تلك الليلة مع زوجتي لكي ارعاها.. ليتني وليتني ولكن بماذا يفيد الندم...
بعد يومين عدنا الى المنزل ومعنا ولدي احمد الضرير، تصوروا انني لم احمله ولم اتقرب منه.. كنت افر منه وكأنني كلما نظرت في وجهه تذكرت أنني أنا من جنى عليه وأنا من اجرم بحق ولدي كنت اهرب من المنزل وفي كل يوم كان يزداد بعدي عنه اكثر واكثر. وبعد عام تبين ان ولدي لديه اعاقة اخرى وهي العرج بدءت انفر منه اكثر من قبل واخترت الهروب من منزلي كحل يريحني ويجعلني هادئاً، الكل ينصحني بأن هذا هو ولدي وعليّ تقبله كما هو والا انني بذلك اكون قد اعترضت على امر الله، هم لايعرفون انني اهرب من فعلتي وانني لا اعترض على امر الله ولكنني اخجل من النظر الى وجه ولدي، اما زوجتي فهي بدأت بالتذمر من تصرفاتي وهربي من المنزل وهي تظن بي الظنون ولايهنأ لها بال. ففي كل يوم تزداد الأمور تعقيداً.
الشعور بالندم لم ينفعني، لذا قررت الذهاب الى جارنا ابو عبد الله والاعتذار منه ومن تصرفاتي المخجلة معه ولكنني ترددت كثيراً ... وبين ترددي وخجلي بقيت هكذا... لاأفعل شيئا سوى الهروب من طفلي ومن بيتي ومن جاري .... وكلما نظرت في وجه جاري شعرت انه يضحك في اعماقه مني ويقول ذق من الكأس نفسه ذق هل عرفت معنى أن تشمت بي وبمصيبتي ... هل هناك من يدلني على طريق أسلكه لكي أعود الى حياتي والى منزلي... أريد ان احب ولدي كما هو اريد ان يكون قريباً مني وأن أكون قريبا منه أريد أن أرعاه ولكن ذلك الشعور يبعدني عنه. دلوني على الدرب الصحيح...
نعم احبائي، لو توقف الشامت للحظة واحدة واستمع للشاعر وهو يقول:
اذا ما الدهرُ القى على اناسٍّ
مصائبهُ واناخ بآخرينا
فقُل للشامتين بنا افيقوا
سيلقى الشامتون كما لقينا
نعم كما نهى الله تعالى كل شيء ذميم نهى من الشماتة في مصائب الناس والتشفي منها واستغلال المواقف لكي نأخذ بثأرنا منهم... كما فعل صاحبنا ولم يمض وقت طويل حتى شعر بفعلته... ولكن ما نفع الندم.. أعزائي كما هو الحال في كل مرة استضفنا اليوم في برنامجنا سماحه الشيخ احمد الوائلي الباحث الاسلامي من لندن و سألناه: هل للإسلام رأي واضح في خصوص الشماته من الآخرين و كيف اذا كان الدافع هو الانتقام من سوء سلوك معين وما يمكن ان ننصح به حيال الجار والتعامل معه؟
الوائلي: عادة الشمانة هي للعدو يعني الان لما تشمت بأحد يكون عدو وهو انتقام لذلك الشخص، عندنا في سيرة اهل البيت عليهم السلام لنا اسوة حسنة في التعامل مع ذلك ويحضرني الامام الحسن عليه السلام عندما كان يطوف في الكعبة وجاءه ذلك الرجل الشامي عندما حاول ان ينتقم من الامام وحاول ان ينتقص من شخص الامام، الامام ماذا اجابه؟ قال له الامام "مر بنا الى الدار ان كنت جائعاً اشبعناك وان كنت عرياناً كسوناك ..الخ من العطاء" فأخذه الامام الى بيته واعطاه ما اعطاه واحسن اليه رغم ان ذلك الشخص كان يريد ان ينتقم من الامام او مثل ذلك الامام الباقر عليه السلام عندما جاء اليه شخص وقال له انت في سلام ويقصد بها الاهانة الى الامام، الامام اجابه بالاحسان واحسن اليه ولم ينتقم منه اذن الشمانة ليست من شيمة الانسان المؤمن، المؤمن يعفو عن الاخرين، المؤمن متسامح، المؤمن يعطي من وقته ومن نفسه ومن جهده للاخرين وهناك امثلة كثيرة في هذا المجال او ان الامام علي عليه السلام ضرب لنا اروع الامثلة في التعامل في هذا المجال عندما وقعت واقعة الجمل وعندما وجد طلحة، طلحة كان ملقاً على الارض وكان مقتولاً في واقعة الجمل وهو اعد العدة لقتال امير المؤمنين عليه السلام فوجده ملقياً في ارض المعركة ماذا اجابه؟ قال ابا محمد اعزز علي ان اراك في هذا المصرع ولم يتشمت به وهو كان مقتولاً وكان قتاله ضد الامام امير المؤمنين عليه السلام لكن الامام ضرب لنا اروع الامثلة في النبل، اروع الامثلة في التعامل مع الخصم عندما تصيبه المصيبة وعندما يكون في موقف مضاد للامام عليه السلام وكان هذا احسان امير المؤمنين عليه السلام والائمة عليهم السلام وهم لنا اسوة حسنة في هذا المجال. الانسان عندما تصيبه مصيبة اما تخفيف لذنب لأن الانسان اذنب واراد الله تعالى ان يبليه هذا البلاء لكي يخفف عنه هذه المصيبة وانه يبليه في بلية او ان كل ذلك هو اختبار من الله عزوجل للانسان المؤمن فليس لنا دخل في ان نتشمت ولانعترض على قضاء الله تعالى لأن هذا قضاء من الله، الانسان عندما تصيبه مصيبة كائن من كان عدو او صديق هو مع الله تعالى ليس لنا دور ان نتشمت في ذلك وهذا ليس من خلق الاسلام ان الانسان المؤمن يتشمت.
نشكر سماحة الشيخ احمد الوائلي على ما تفضل به ونتمنى له الخير والتوفيق. اما الآن مستمعين الاعزاء نوجه سؤالنا الى الدكتورة غادة زيدان حيث سألناها: كيف يمكن لابي احمد الخروج من محنته هذه ومعاناته والعيش بسلام مع عائلته وولده وجاره؟
الوائلي: عادة الشمانة هي للعدو يعني الان لما تشمت بأحد يكون عدو وهو انتقام لذلك الشخص، عندنا في سيرة اهل البيت عليهم السلام لنا اسوة حسنة في التعامل مع ذلك ويحضرني الامام الحسن عليه السلام عندما كان يطوف في الكعبة وجاءه ذلك الرجل الشامي عندما حاول ان ينتقم من الامام وحاول ان ينتقص من شخص الامام، الامام ماذا اجابه؟ قال له الامام "مر بنا الى الدار ان كنت جائعاً اشبعناك وان كنت عرياناً كسوناك ..الخ من العطاء" فأخذه الامام الى بيته واعطاه ما اعطاه واحسن اليه رغم ان ذلك الشخص كان يريد ان ينتقم من الامام او مثل ذلك الامام الباقر عليه السلام عندما جاء اليه شخص وقال له انت في سلام ويقصد بها الاهانة الى الامام، الامام اجابه بالاحسان واحسن اليه ولم ينتقم منه اذن الشمانة ليست من شيمة الانسان المؤمن، المؤمن يعفو عن الاخرين، المؤمن متسامح، المؤمن يعطي من وقته ومن نفسه ومن جهده للاخرين وهناك امثلة كثيرة في هذا المجال او ان الامام علي عليه السلام ضرب لنا اروع الامثلة في التعامل في هذا المجال عندما وقعت واقعة الجمل وعندما وجد طلحة، طلحة كان ملقاً على الارض وكان مقتولاً في واقعة الجمل وهو اعد العدة لقتال امير المؤمنين عليه السلام فوجده ملقياً في ارض المعركة ماذا اجابه؟ قال ابا محمد اعزز علي ان اراك في هذا المصرع ولم يتشمت به وهو كان مقتولاً وكان قتاله ضد الامام امير المؤمنين عليه السلام لكن الامام ضرب لنا اروع الامثلة في النبل، اروع الامثلة في التعامل مع الخصم عندما تصيبه المصيبة وعندما يكون في موقف مضاد للامام عليه السلام وكان هذا احسان امير المؤمنين عليه السلام والائمة عليهم السلام وهم لنا اسوة حسنة في هذا المجال. الانسان عندما تصيبه مصيبة اما تخفيف لذنب لأن الانسان اذنب واراد الله تعالى ان يبليه هذا البلاء لكي يخفف عنه هذه المصيبة وانه يبليه في بلية او ان كل ذلك هو اختبار من الله عزوجل للانسان المؤمن فليس لنا دخل في ان نتشمت ولانعترض على قضاء الله تعالى لأن هذا قضاء من الله، الانسان عندما تصيبه مصيبة كائن من كان عدو او صديق هو مع الله تعالى ليس لنا دور ان نتشمت في ذلك وهذا ليس من خلق الاسلام ان الانسان المؤمن يتشمت.
نشكر ضيوفنا الكرام على مشاركتهم في هذا البرنامج ونتمنى لهم التوفيق..
أحبائي هكذا نكون قد وصلنا الى نهاية حلقة اليوم راجين ان تكونوا قد استفدتم من حلقة اليوم والى لقاء جديد من برنامج (من الواقع) نستودعكم الله.