ضيوف البرنامج عبر الهاتف: الشيخ جعفر عساف الاستاذ في الحوزة العلمية من لبنان والدكتورة سلام بدر الدين المختصة في علم الاجتماع من بيروت
بسم الله الرحمن الرحيم
مستمعينا الأكارم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نلتقي بكم وحلقة أخرى من برنامج (من الواقع). عنوان محور برنامجنا لهذا اليوم هو القفز على اكتاف الاخرين. سنكون معاً لنستمع لقصة اليوم ومن ثم نستضيف احد علماء الدين و احد الخبراء النفسانيين او التربويين ليكونوا معنا ليساهموا في الإجابة عن بعض الاسئلة التي يمكن أن تجد الحلول لمن يعاني من هذه المشكلة او يضعوا النقاط على الحروف لنكون على بينة من أمرنا في مثل هذه الحالات... سنلتقي مجدداً بعد قليل انشاء االله..
إعتاد سمير ان يسرق الحلول من التلاميذ في المدرسة وينسبها لذاته كلما نجح الامر معه ازداد لديه الشعور والرغبة في البحث عن الاصدقاء الذين يمكن ان يستفاد من مواهبهم ومن جهودهم المضنية... و مرت السنوات وهو على هذه الحال حتى تمكن من النجاح في المدرسة والجامعة اعتمادا على أسلوبه هذا و هو نوع من القفز على اكتاف الآخرين.
بعد تخرجه من الجامعة وجد عملا ولم يكن سوى موظف صغير. وكان يستغل الفرص ليسرق جهود زملائه حتى استلم رئاسة شعبة بكاملها وهو يسرق جهود وحقوق الآخرين دون ان يلتفت ورائه.. وبعد ان أصبح رئيس شعبة بدء ينسب أعمال الموظفين الذين تحت يده لنفسه حتى انه بدأ يسرق ما يقدمه الآخرون له من اعمال ويعود الى المنزل ليعيد كتابته بخط يده وكأنه من قام بالعمل...
وعندما يقف أحدهم ويطالبه بحقهم يحاول بكل الطرق اسكاته اما بالتهديد او بالوعيد او بإستخدام طرق التوائية تعلمها على مر السنين... الامر لم يسلم معه دائماً ولكنه تعلم كيف يتفادى عواقبه السلبية.
التقى سمير في العمل مع أحمد الولد الذكي المبدع في عمله والمتجدد في افكاره. ولأنه جديد في العمل وبريء لايعرف اساليب سميرا الالتوائية ومحاولاته السيئة لسرقة جهود الآخرين والصعود على اكتافهم لينال الرقيّ والتطور في عمله وفي الحياة... اندمج معه واعتبره صديقه وادخله منزله. وهناك تعرف سمير على اخت احمد وتزوج منها... واصبحت المسافة أقرب بين سمير وأحمد.. لم يكن الأخير ملتفت لشيء لما يدور من حوله فكلما لمحت فكرة في خاطر احمد تحدث بها مع سمير والأخير كان يستغلها احسن استغلال ويمضي في طريقه حتى تطور سمير وصعد الى القمة واصبح مدير الدائرة التي يعمل بها ولا احد يعرف كيف تمكن من الوصول بهذه السرعة الى القمة... فطرقه الالتوائية جعلته يدمر حياة بعض الموظفين ويسلب منهم حقوقهم..
كل ما مر لم يكن احمد يدرك ما يدور من حوله. فالكل يتهامس من حوله والكل ينظر له بنظرات لم يتمكن من تفسيرها. فالبعض يظنه احمق والاخر يشفق عليه، اما هو فلم يضع في حسابته خيانة الصديق والصهر فقد أصبح من العائلة... ومع ذلك كان يعمل ويجد وتذهب كل جهوده هباء الريح. وكلما سأل سمير عن الترقية او عن اي مكافئة يقول له لم يكن عملك بالمستوى المطلوب اما الترقية والمكافئة فكانت من نصيب سمير بالطبع... فكل الجهود كانت مسروقة وكما يبدو ان احمد بدأ يشعر بمعنى نظرات زملائه في العمل فالكل يتحذر من الكلام في شيء امامه. فسمير صهر لا يمكن الانتقاص منه امامه.. شيأ فشيأ بدأ احمد يساوره الشك فليس من المعقول ان يعمل كل هذا العمل وان يجتهد كل هذا الجهد والنتيجة ان عمله لم يكن بالشكل المطلوب.. بدأت التساؤلات تراوده كثيرا...
واجه احمد سميراً بشكوكه التي تدور في رأسه فما كان من سمير الا ان أصدر عقوبة لاحمد والسبب المزعوم هو تكاسله وتماهله في العمل. وطالبه بان يبذل جهداً كبيراً بالعمل و لم يكن امام احمد سوى الانكباب في العمل وهو مندهش. ولم يكن يعرف ان اخلاق صاحبه متدنية وانه وقع في مطب كبير عليه التفكير في وضعه بجدية، لم يكن من الذين يسيؤن الظن بالاخرين... كان الامر محيراً بالنسبة له.. حتى شاء القدر وسافر سمير في ايفاد خارج القطر وضعت الصدف امامه اضابير تحمل افكاره وجهوده ولكنها منسوبة الى سمير وقد كوفئ عليها وصعد سلالم وسلالم على اكتافه واكتاف زملائه.. شعر بالخزي.. شعر بالمهانة...
توقف أحمد متحيراً، ما الذي يمكن ان يفعله؟ ما الذي يمكن ان يقوله لأخته؟ وهو من ادخله المنزل وهو شجّعها على الزواج به.. وكيف يقول لها اليوم ان هذا الشخص انتهازي سرق جهوده وجهود الآخرين ليصعد الى القمة...
كيف يخرّب لها حياتها... ومن ناحية أخرى هل يترك حقه يضيع هكذا...
إن سكت على حقه كيف يسكت عن حق الآخرين... وان سكت عن حق الآخرين سيكون شريكه في جريمته.. هل يصارح اخته بهذا الوضع؟ وإن صارح اخته بهذا الامر كيف تتمكن من تقبل الامر؟
قرر ان يواجه سمير بكل تلك الامور ويطالبه باعادة حقه وحقوق الاخرين قبل ان يقدم شكواه الى جهات عليا مطالبا باسترداد حقه... وبالفعل عندما عاد سمير من السفر واجهه احمد بكل تلك الامور. ارتعب في بادئ الامر ولكنه تمكن من التماسك وطلب مهلة من احمد.. في تلك الليلة جاءت أخت أحمد باكية لأبيها تشكوا احمد وهي تقول ان احمد يريد ان يخرب عليها
حياتها وحياة زوجها وانه يهدد زوجها بإيذائه ان لم ينفذ مطاليبه... وقف احمد مذهولاً لايعرف ما الذي يقوله؟
نعم مستمعينا الأكارم، هناك من يستغل جهود الاخرين ويجد طريقه الى الصعود. ولكن كيف نواجه هؤلاء وهم كالافة التي تنخر المجتمع.. مستمعينا الكرام استضفنا فضيلة الشيخ جعفر عساف الاستاذ في الحوزة العلمية من لبنان أهلا بكم فضيلة الشيخ ما هو حكم الشرع بالنسبة لسمير ولاحمد؟ وهل يحق لاحمد وزملائه السكوت عن افعال سمير؟
عساف: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين
ان الاخ سمير الظاهر انه كان في حالة الصغر قد تعود على بعض السلوكيات الخاطئة والتصرفات السيئة على سبيل الانتهازية والاستغلال للاخرين ولجهود الاخرين وقد كبر ونما معه هذا الامر وكما يتكل على الاخرين في صغره في المدرسة وفي الجهود المدرسية وكذلك ايضاً عندما وصل الى مرحلة الشباب ايضاً هذه الصفة كانت معه ولازمة له حتى في شغله وعمله لذلك الاخ سمير وهذه الصفة السيئة التي يتحمل مسؤوليتها هو بنفسه ولكن ايضاً استطيع ان تقول ان الاخ احمد هو يتحمل مسؤولية الارشاد والتوجيه والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والاسلام جعل نوع من التكافل الاجتماعي والتوجيهي والارشادي فيما بين الناس لذلك نجد ان الاسلام يدعو كل الطيبين على شؤون الناس بل حتى الذين لديهم نوع من المسؤولية على الناس اكثر او من لديه الوعي الاكثر من الناس ايضاً ان يوجه الاخرين ولذلك الاخ احمد يتحمل مسؤولية السكوت يعني ينبغي عليه لما يجد هذا التصرف الخاطئ من نسيبه سمير وصهره سمير من ناحية استغلال الاخرين وجهودهم او جهوده هو كان ينبغي عليه ان يفعل اصلاحاً في سمير انا بشكل شخصي ولذلك اقول هنا للاخ احمد انه ينبغي عليك قدر الامكان ان تصلح نسيبك سمير ولو بالمفاتحة الشخصية اذا امكن واذا لم يمكن ان يصلحه بشكل مباشر حتى لو كان تحت وقع التهديد يعني لأنه يمكن ان يكون الاخ احمد حاول مرات عديدة ان يصلح سمير وان ينهاه ويردعه عن هذا السلوك والتصرف السيء لكنه لايستطيع ان ينجح في هذا الامر ولذلك امام احمد مسؤولية اخرى وايضاً امام اصدقاء احمد هو ان يواجههون بهذا الامر ولو تحت التهديد بحيث يكشف هذا الامر للمسؤولين وللمعنيين حول هذا التصرف السيء من سمير اذن المسؤولية الشرعية هي مسؤولية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تتطلب من الاخ احمد ان لايسكت على هذا الامر وان يواجهه اما بطريقة مباشرة او يهدده بكشف الامر للمعنيين وللمسؤولين وكذلك الاخ احمد يستطيع من جهة اخرى ان يتعاون مع زوجة سمير لعل هذا الامر يكون مؤثراً لأن الزوجة قد يكون لها اثر ودور ومهم في حياة سمير لذلك ادعو الاخ احمد ان يفاتح زوجته ولو بطريقة غير مباشرة او بطريقة لائقة لعله يستطيع من خلال اخته او زوجة سمير ان يقنع سمير العذول عن هذه الصفات السيئة.
نشكر فضيلة الشيخ مشاركته معاً ونواجه سؤالنا الى الدكتورة سلام بدر الدين المختصة في علم الإجتماع من العاصمة بيروت حيث سألناها ما هو التصرف الانسب الذي يمكن ان يتبعه احمد في مواجهة سمير؟ وما هي الاسباب التي دفعت سمير ليكتسب مثل هذه الشخصية هل هو المجتمع ام الاسرة ام هو المسؤول عن هذه الحالة؟
بدر الدين: للاسف هذه نماذج موجودة في كل مجتمع واذا لم يوضع حد لهذه الشخصية منذ الطفولة ومنذ الصغر فيستمر في استغلال جهود الاخرين والصعود على اكتاف الاخرين، الاسباب التي تكون في مثل هذه الشخصية اما ان تكون عن طريق التربية وانما هي من الحرمان في الصغراو تفضيل اخ على اخ قد يؤدي الى هذه النتيجة نفسياً فيصبح عند هذا الاخ الذي يتميز بهذه الشخصية الوصولية يصبح لديه ميل الى كسب جهود الاخرين، الرضا الذاتي اذا لم يكتسب رضا الاخرين يعني هناك في شخصيته نواحي لاترضي الام او الاب او الاخوة الكبار او الاعمام فيتوجه اهتمامه كله نحو نفسه وفي ارضاء نفسه وهذه تجيز له برأييه استغلال جهود الاخرين وقد يكون احياناً نوع من الطموح العالي جداً ولكن الغير مشروع انه انا يجب ان اصل بأي طريقة لأن احقق لذاتي اي شيء بغض النظر عما يقوله الاخرين او بغض النظر عن جهود الاخرين يعني انه نوع من السرقة المعنوية والمادية، يعني سرقة الجهد قد تصل الى حد الحرام يعني نوع من سلب جهود وفي النتيجة بالنسبة لموضوع سمير واحمد انا ارى ان المرأة اي اخت احمد عندما ظهرت الى والدها واشتكت اكتسبت من زوجها بعض هذه الخصال وطبعاً كسيدة شرقية يهمها الحفاظ على بيتها وعلى زوجها وقد لاتكون تتمتع بمستوى عالي من التقدير او الذكاء لتحكم بصورة صحيحة في الامور وقد تقول بينها وبين نفسها ماذا سيفيدنا اخي، انا استفيد الان من زوجي ويهمني الحفاظ على زوجي. انا ارى الحل في ان يتفاهم الاخ والاخت بغض النظر عن وجود سمير او عدم وجوده والقرار يترك للاخت في ان تبقى على علاقة طيبة بأخيها ان لا هذا الذي تقرره هي لأن الاخ مظلوم فأذا كانت في النتيجة توافق على ظلم هذا الاخ الذي سلب وسرقت جهوده واتعابه ونشاطه وايامه وسهره وسعيه ويصبح من السهل الاستغناء عنها كأخت مع العلم ان هذه صلة رحم ولكن لاحول ولاقوة الا بالله. يعني من غير المعقول ان يبقى احمد في مكان المظلوم او في مكان الذي احس بأن جهوده سرقت دون ان يتكلم، هذا نوع من الظلم والساكت عن الحق شيطان اخرس وهذا يتيح لسمير متابعة سرقة جهود الاخرين في جميع المجالات الا اذا فضحت هذه الشخصية ووضع لها حداً مثلاً.
أيها السادات والسادة نجدد شكرنا لكل من الشيخ جعفر عساف استاذ في الحوزة العلمية، والدكتورة سلام بدر الدين المختصة في علم الإجتماع من العاصمة بيروت، نشكرهم على جميل مشاركتهم معنا. كما نشكركم اعزائي المستمعين حسن استماعكم والى لقاء آخر في حلقة جديدة من برنامج من الواقع نستودعكم الباري والسلام عليكم.