نوافذ الأرسي هي عبارة عن نوافذ مشبكة ليست لها مفاصل؛ بل أنها تتحرك نحو الأعلى والأسفل وتوضع في اطار مخصص لها.
الشكل المشبك لفن أرسي يستخدم عادة في صنع النوافذ والفتحات الخشبية. في هذا الفن، لا يستفيد الصانع والفنان من أي مسمار أو معجون لاصق، بل انه يلجأ الى موصلات خشبية دقيقة لتوصيل النقوش والتساميم الخشبية الى بعضها البعض.
هذه الطريقة الفنية التي يعتمد عليها الفنان في توصيل القطع تسمى «تعشيقة النقر واللسان». بادئ ذي بدء، أخذ الفنان يرسم تصميمه الأولي على الورقة من خلال جمع معلومات عن الهندسة وعلم المثلثات، ومن ثم يقطع الأخشاب المطلوبة في غاية الدقة، فيوصلها الى القطع الزجاجية بمهارة فنية ودقة وافية، ويتم توصيل جميع هذه القطع الخشبية والزجاجية الجميلة الى بعضها البعض بواسطة فن تعشيقة النقر واللسان.
لفن الأرسي أشكال وضروب شتى، ونذكر منها على سبيل المثال الشكل الإسليمي، والذي لقي انتشاراً واسعاً في اكثر البلدان الاسلامية كما يتضح من اسمه.
أكثر الأشكال والتصاميم التي تؤخذ بعين الاعتبار في الفن الإسليمي هي مستلهمة من صور الأعشاب والنباتات، ونرى أثراً للنقوش الإسليمية في حياكة السجاد والبساط والرسومات المختلفة.
العقدة الصينية هي الأخرى من الأشكال الهندسية والنقوش الإسليمية التي أخذت تنتشر بمرور الزمن في البلاد الاسلامية، ولها استخدامات عدة في تزيين المباني والعمارات بالقاشاني والطابوق، وهنا يمتزج العمل الفني بالهندسة والمثلثات.
من التصاميم والنقوش التي لها استخدامات مختلفة في فن الأرسي، رسم شجرة سرو منحنية؛ وتسمى بالفارسية «جقه»، والتي تعني الرجل الحر الذي لا يعبد ولا يستسلم إلا لمعبوده تبارك وتعالى.
يتم تصميم السطح المشبك لنوافذ الأرسي لتحقيق أغراض عدّة، منها: الإنارة والاضاءة للفضاء الداخلي واستعراض الفضاء الخارجي والتقليل من حدة اشعاعات الشمس الى الداخل، وانخفاض درجة الحرارة واضفاء جمال زائد على الواجهة الخارجية للمبنى او العمارة، والحفاظ على الحريم الداخلي. واللافت هو أن الزجاجات الملونه لنوافذ الأرسي تمنع من دخول الحشرات المؤذية الى الفضاء الداخلي، وذلك من خلال تسليط أضواء منوعة عليها.
من الناحية النفسية، فإن الألوان المختلفة التي تسطع من هذه النوافذ ومكوناتها الضوئية لها تأثيرات مختلفة على الانسان، واكثر الألوان التي تستخدم فيها هي: اللازوردي والأحمر والأخضر والأصفر؛ وهذه الألوان لها تأثيرات نفسية خاصة على الانسان، كل على حده.
التناسق الموجود بين الألوان المختلفة والأشكال الهندسية والاستفادة من القطع الزجاجية الملونة والبسيطة وإبداع تصاميم رائعة في نوافذ أرسي، كل ذلك يضفي جمالاً وهدوءاً خاصاً عليها يروق لنفس الانسان.
كما أخذ الفنانون يقبلون على تراكيب وأشكال هندسية وتجريدية جديدة بدلاً من تلك التي كانت مألوفة في الماضي أي صور ونقوش الحيوانات والانسان، وذلك بعد أن أصبح رسم هذه الصور أمراً غير محبذ.
ومن الناحية العلمية، نقول ان التغيير في زوايا وأجزاء القطع الأرسية، يسبب بدوره تغييراً صوتياً ومثل هذا التغيير يدخل في ضمن العلوم الصوتية (الآكوستيك). ويجدر بالاشارة هنا الى أن الأشكال سداسية الأضلاع لهذه النوافذ لها خواص صوتية أيضاً والنموذج الطبيعي البارز لها هو خلايا النحل التي خير شاهد على عملية الانتقال الصوتي (الرزونانس).