هذا السجاد الذي تمت حياكته وفقاً للمهارة والخبرة اليدوية العالية التي كانت قائمة آنذاك، ويعد هذا السجاد من النماذج النادرة والجميلة للسجادات في العالم. سجاد بازيريك هذا الذي يتجاوز قدمه بين 2400 او 2500 سنة خلت، تم العثور عليه في البداية في مقبرة زعيم قبيلة قوم «سيتي» المجمدة في منغوليا، وكان يحتفظ به بشكل جيد.
تصل أبعاد هذا السجاد 83/1 متراً في مترين، وفي كل دسيمتر مربع منه هناك ما يقرب من 3600 عقدة. تمت حياكة السجاد الجميل هذا بشكل دقيق وعلى أساس تصميم فني عبارة عن هامش يتضمن صوراً عن الحيوانات المجنحة، يأتي بعدها طابور من فرسان الخيل الايرانيين، ففيه راكب الخيل ويعقبه الماسك بزمام الخيل؛ وهكذا دواليك. ويرتدي هؤلاء الفرسان خوذات خاصة بالايرانيين.
على ما يبدو يحتمل ان اول سجاد حاكه أقوام يسكنون في الخيام، وذلك من أجل تغطية السطح الترابي لخيامهم بالسجاد. كما يحتمل بأن السجاد بشكل عام هو مما أبدعته أيادي المصريين او الصينيين او حتى أشخاص آخرين.
كما أن هناك اعتقاد بأن جميع هذه الأقوام والشعوب نفسها هي التي أبدعت السجاد، من دون أن يرتبط البعض بالبعض الآخر.
تاريخياً، عندما فتح الملك الايراني كوروش مملكة بابل عام 539 قبل الميلاد، أتى بصناعة وفن حياكة السجاد الى بلاده ايران وعرف الناس عليه. يقال ان مقبرة الملك كوروش الواقعة في مدينة باسارغاد بمحافظة فارس، فرشت في قديم الأيام بأغلى السجادات وأجودها. وجدير بالاشارة الى أن أهالي البدو الذين سبقو (الملك كوروش) كانوا على علم ومعرفة بحياكة السجاد على أساس العقد، مستخدمين أجود انواع الصوف والوبر، واكثرها قوة المأخودة من حيوانات أليفة مثل الأغنام والمواعز في حياكة السجاد.
يعد عهد السلاجقة في ايران (1038-1194 للميلاد) فترة تاريخية مهمة في ازدهار صناعة السجاد. الملفت ان النساء السلجوقيات كان لهن مهارة خاصة في حياكة السجاد بواسطة العقد التركية. كان حائكو السجاد في آذربايجان وهمدان اللتين كانتا تخضعان للحكومة السلجوقية لفترة طويلة، كانوا يستفيدون من العقد التركية للحياكة.
في القرن التاسع عشر الميلادي، وجد السجاد الايراني خاصة ذوالجودة الرائعة المحاك في مدينة تبريز، وجدً طريقاً له في الأسواق الأوروبية. هذا الأمر جعل الدول الاوروبية ترسل وفوداً الى جميع البلدان في الشرق، وقام المبعوثون الأوروبيون ومن خلال تنافس تجاري حادّ بجمع كل ما وجدوا في هذه البلدان من السجاد والبسط القديمة ومن ثم انتقلوا بها الى مدينة القسطنطينية (عاصمة الامبراطورية الرومانية الشرقية اي مدينة اسطنبول التركية حالياً)، والتي كانت تعد من أهم أسواق السجاد في الشرق آنذاك.
لعل أهم حقبة تاريخية سجلت ازدهار صناعة السجاد الايراني وتطوره يعود الى عصر الملوك الصفويين (1499- 1722 للميلاد). ان ما يقرب من 1500 نوع من السجادات والبسط الايرانية يحتفظ بها حالياً في المتاحف والمجموعات الأثرية والتاريخية المنتشرة في جميع أرجاء المعمورة.
صناعة السجاد الايراني وتسويقها، شهدت ازدهارها وبريقها في عهد حكم الملك الصفوي شاه عباس (1571- 1629للميلاد)، وتحولت مدينة اصفهان في عصره الى واحدة من اكثر المدن الايرانية ازدهاراً وعظمة وشهرة.
كما أمر شاه عباس بانشاء معمل كبير للسجاد باصفهان لتبدع فيه أيادي الحائكين الفنانين في حياكة أجود انواع السجاد وأروعه، وكان الفنانون البارعون يستخدمون الحرير لحياكة اكثر السجادات، معتمدين في عملهم هذا على خيوط وأوتار ذهبية وفضية لتزيينها.
وفي الوقت نفسه، أبدع الفنانون والرسامون الايرانيون البارزون تصاميم وأساليب فنية جديدة على أساس أشكال الأترج المختلفة تتوسط السجادات والبسط، وهذه الأشكال والرسوم المأخوذة من الأترج كتلك التي استخدمها الفنانون في القرن الخامس عشر الميلادي لتغليف الكتب والمؤلفات القيمة.
في وقتنا الحاضر، تحوّلت حياكة السجاد في ايران الى اكثر الفنون اليدوية انتشاراً جغرافياً حيث تتبوأ مكانة وشهرة فريدة ومتميزة نظراً لتنوع الالوان والأشكال والإبداع في تصاميمها الفنية الرائعة الجمال.