وكانت خطوط مثل الكوفية والنسخ القديم من الخطوط المنتشرة في ايران قبل ظهور الاسلام بنحو قرنين من الزمن. ويذكر أن جذور هذين الخطين المشار اليهما أي «الكوفي» و«النسخ القديم» تعود الى الخطين القبطي والسرياني.
وفي اوائل القرن الرابع الهجري أبدع الخطاط ابن مقلة البيضاوي الشيرازي خطوطاً عرفت فيما بعد بالخطوط الأصلية وهي عبارة عن: المحقق والريحان والثلث والنسخ والرقاع والتوقيع؛ أن ما يميز هذه الخطوط عن بعضها البعض هو وجود الفارق في أشكال الحروف والكلمات ومستواها ودورها.
كما وضع ابن مقلة البيضاوي الشيرازي 12 قاعدة وأصلاً لهذه الخطوط.
وهذه الأصول عبارة عن: التركيب والكرسي والنسبة والضعف والقوة والمستوى والدور والصعود الافتراضي والنزول الافتراضي والأصول والصفا والشأن.
وتزامناً مع تطور الخطوط الآنفة الذكر، أبدع الخطاط الكاتب «حسن فارسي» خطا جديداً مستلهماً من خطوط النسخ والرقاع وسماه «الترسل».
وفي القرن الثامن، أبدع الخطاط مير علي تبريزي خطا جديداً، من دمجه خطي النسخ والتعليق وأسماه «النستعليق» الذي لقي إقبالاً واسعاً وأدّى الى تطور كبير في فن الخط؛ غير أن هذا الخط ونتيجة لكثرة استخدامه من قبل الخطاطين تغير اسمه إلى «النستعليق».
ويرى أساطين فن الخط أنّ هذا الخط (النستعليق) يعد من أجمل الخطوط الفارسية وأدقها وأصعبها ويمكن منحه لقب «ملكة الخطوط الفارسية».
وبعد مير علي تبريزي خلفه ابنه مير عبدالله وجاء بعده ايضاً كلٌ من الخطاطين ميرزا جعفر تبريزي واظهار تبريزي الذين بذلوا جهوداً مضنية في مسيرة اكتمال خط النستعليق، حتى وصل الدور الى سلطان علي مشهدي الذي ساهم في رقي هذا الفن العريق. ومن بعده، جاء عددٌ كبيرٌ من الاساتذة وسعوا كثيراً في اكتمال هذا الخط، منهم مير علي هروي.
وبعد مضي نحو قرن، ظهر خطاطٌ معروفٌ عاصر الملك الصفوي شاه عباس، ألا وهو «مير عماد الحسني». الذي أبدع انماطاً وطرقاً جديدة فيما يخص خط النستعليق، وذلك بفعل نبوغه ومواهبه الذاتية. وما زال هذا الخط، وبعد حوالي 400 عام مرت به، ما زال يستخدمه الخطاطون.
لقد أوصل ميرعماد الحسني أسس خط النستعليق الى مستوىً ليس بامكان أي خطاط فنان أن ينافسه منذ نشوء هذا الخط الى يومنا هذا.
وفي الوقت نفسه، ظهر فنان كبير آخر بدأ ينافس ميرعماد الحسني، ألا وهو «علي رضا عباسي» الذي كان يعد استاذاً بارعاً في خط الثلث فضلاً عن مهارته في خطي النستعليق الخفي والجلي.
وجدير بالاشارة الى أن معظم النقوش المنحوته على المساجد والمعالم الأثرية في اصفهان كتبت بخط الثلث وتحمل توقيع هذا الأستاذ. وكانت القرون التاسعة والعاشرة والحادية عشرة للهجرة القمرية بمثابة العصر الذهبي الذي شهده فن الخط.
وفي منتصف القرن الحادي عشر الهجري، ظهر ثالث خط ايراني على يد والي مدينة هرات مرتضى قلي خان شاملو الذي سمى إبداعه هذا بخط «النستعليق المكسور»، وذلك بناءً على خط النستعليق. ومن أسباب نشوء هذا النوع من الخط، يمكن الاشارة الى السرعة والسهولة في الكتابة ناهيك عن النبوغ والابداع الايرانيين.
استكمل خط النستعليق المكسور على يد الميرزا شفيعا الهراتي ومن بعده جاء عبدالمجيد الطالقاني ليضع قواعد جيدة له لتكميله.
وفيما يلي نذكر أسماء أربعة من الخطاطين البارعين في كل من خطوط الثلث والنسخ والنستعليق والنستعليق المكسور، والذين عرفوا فيما بعد بالأركان الأربعة لفن الخط وهم عبارة عن:
خط الثلث: جمال الدين ياقوت
خط النسخ: الميرزا أحمد النيريزي
خط النستعليق: مير عماد الحسني القزويني
خط النستعليق المكسور: درويش عبدالمجيد الطالقاني
وفي القرن الـ 13 الهجري وفي العهد القاجاري، ظهر خطاطون كبار برعوا في خط النستعليق وباقي الخطوط وعانوا الكثير في سبيل تطوير هذا الفن الدقيق وازدهاره.
الخطوط الاسلامية وأشكالها المختلفة
شهدت العصور والأراضي الاسلامية المختلفة ضروباً وأشكالاً منوعة للخطوط واليراع التي تبقى معظمها قائمة الى يومنا هذا، بما في ذلك:
الكوفي والنبائي والنسخ والثلث والمحقق والتعليق والإجازة والجلي والجلي الديواني والديواني والرقاع (الرقعة) والريحاني والسنبلي والأندلسي والسياق والشجري والمكسور والنستعليق والنستعليق المكسور والمعلي.
فن رسم الخط
نشأ فن رسم الخط منذ الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي على أيدي بعض الفنانين الايرانيين من الخطاطين والرسامين، واستمرت هذه الطريقة الجديدة من الخط الى يومنا هذا.
رسم الخط بمعناه البسيط هو عبارة عن مزيج من الخط والرسم، ومن خلال هذا التلفيق تصل رسالة المعرفة بين الفن التقليدي والفن الحديث، كما ويفتح آفاقاً واسعة للفنان لبلورة ابداعاته الانتاجية وتجاربه العملية فيما يرتبط بالنمط التجريدي.
وقد احتلّ (فن رسم الخط هذا) مكانة مرموقة في حقول الفنون التشكيلية في ايران اليوم وبالطبع يزداد يوماً بعد يوم عدد الخطاطين الذين يقبلون على هذا النمط الحديث للخط، ما يجعل الفنانين يستعرضون طاقاتهم الفنية الكامنة فيما يخص الخط والرسم لمحبي هذا الفن.
ومن الفنانين المعاصرين الذين لعبوا دوراً مؤثراً وفاعلاً في إنشاء نوع رسم الخط وتنميته، نذكر على سبيل المثال فرامرز بيلارام ورضا مافي وحسين زنده رودي ومحمد احصائي ونصر الله افجه اي وجليل رسولي.