هذه الصحراء التي يعتبرها علماء الأرض أحد الأقطاب الحرارية للكرة الأرضية، تسترعي انتباه السياح من القارة الخضراء (اوروبا) الى ايران وتحديداً لهذه المنطقة.
على مقربة من صحراء شهداد، تطالعنا ظاهرة طبيعية هي حصيلة قوة الرياح التي تعصف بالمنطقة، حيث تكوم الرمال في نقطة على شكل كثبان وتلال رملية تغطيها الشجيرات؛ مما يشبه أصص صحراوية يبلغ ارتفاعها أحياناً عشرة أمتار، بينما يبلغ اكثر التلال الرملية ارتفاعاً في صحاري افريقيا وبراريها، ثلاثة أمتار.
هذه الظاهرة الطبيعية هي من روائع الفن المعماري الذي أبدعتها قوة الرياح بالتعاون مع الأمطار خلال عصور وأزمنة مختلفة شهدتها صحراء شهداد. هذه التلال الرملية هي في الحقيقة تحكي قصة حركة الرياح الدؤوبة في قلب صحراء شهداد طوال سنين عديدة.
الأصص الرملية هذه تشبه مبنى طينياً متبقياً من حضارة قامت قبل التاريخ.
الى ذلك، كان هناك عامل طبيعي آخر اضطلع في عمارة هذه التلال الرملية الجميلة، ألا وهو وجود نهر يسمى «النهر المالح»، الذي يجري في عمق المناطق الايرانية جفافاً. هذا النهر هو النهر الدائم الجاري في أعماق صحراء «لوت»، والذي يشتهر بغزارة مائه.
النهر المالح ينبع من الجبال الواقعة في شمال مدينة بيرجند ويطوي مئتي كيلومتر في صحراء لوت في طريق ملتو جداً ويشق طريقه ليصل أخيراً الى جبل «سريا» للملح ومن ثم منجم «شهداد» للملح.
كما يعبر طريق التوابل القديم من وسط هذه التلال الرملية. هذا الطريق الذي كان يبدأ من الهند يمر بهذه المنطقة ليصل نهائياً الى شمال خراسان.
تبلغ مساحة هذه المدينة الأسطورية القابعة في الصحراء أحد عشر كيلومتراً مربعاً؛ ناهيك عن وجود مئة ألف هكتار من الأراضي المالحة التي تشكلت جراء تفاعلات فيزيائية تشبه «غليان البيض»، والتي يقل نظيرها في أرجاء المعمورة.
في داخل صحراء لوت، وفي منطقة تبلغ مساحتها ثلاثين ألف هكتار، لا يعيش أي كائن حي، وخير شاهد على ذلك، وجود جسد سليم لبقر نفق في صحراء لوت في شتاء عام 1986؛ واللافت هنا أن هذا الجسد بعد مضي خمسة عشر عاماً عليه كان على شكله الأول كما هو، فيما ذبل الجسد اثر أشعة الشمس العالية عليه.
تقع صحراء شهداد على ارتفاع 430 متراً عن سطح البحر؛ وتبعد ثلاثين كيلومتراً عن صحراء لوت من الجهة الشرقية.