بسم الله الرحمن الرحيم
خبراء البرنامج عبر الهاتف: سماحة الشيخ محمد جواد الدمستاني من بروكسل، الدكتورة غادة زيدان المستشارة الاجتماعية من لبنان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مرحباً بكم اعزائي في لقاء متجدد من برنامج "من الواقع" واليوم سنتحدث عن الحرج الذي تسببه الأمراض المزمنة للمصابين بها.. فقصتنا اليوم هي عن امرأه مصابة بالسيلان، والمعروف عنه هو عدم السيطرة على الإدرار.. وسنستضيف في برنامجنا سماحة الشيخ محمد جواد الدمستاني من بروكسل. والدكتورة غادة زيدان مستشارة تربوية واجتماعية من لبنان... ليساعدونا في الإجابة على بعض التساؤلات التي تطرح... سنلتقي مجددا بعد أن نستمع معاً لقصة اليوم...
كان احتفالاً حاشداً حضره الجميع، الكل ينتظر إعلان أسماء النخبة من المرشحين لنيل الجائزة الأولى الكل يترقب ويترقب حتى بدء الإعلان، الاسم تلو الآخر وبدء الإعلان من العاشر وصولاً الى الأول، كانت سارة تترقب وتترقب وتؤجل ذهابها للحمام وتقول في نفسها سأسمع هذا الإسم فقط لعله إسمي، وكلما أعلن اسم تنتظر لتسمع الإسم الآخر حتى وصل الإعلان عن الإسم الأول، بقيت في مكانها وهي تقول في نفسها لم يبق إلا ثوان معدودات سأسمع الإسم الأخير وبعدها أذهب الى الحمام، وهنا أعلن اسمها أنها هي الفائز الأول.. ولشدة فرحتها نسيت أن عليها أن تزور الحمام، أولاً صاحت بأعلى صوتها، أنا هنا ودون أن تدرك العواقب الوخيمة التي تنتظرها صعدت المنصة وهي فرحة بما نالته من مرتبة، إنها المرتبة الأولى ودون تشعر وهي على المنصة انهار كل شيء وأمام الجميع... كان مؤلما لها ما حدث فهي لم تكن المرة الأولى التي تتعرض فيها لمثل هذه المواقف المحرجة فهذا المرض يرافقها منذ صغرها وكلما اتخذت التدابير اللازمة لا بد لها من نسيان شيء ما يجعلها تمر في موقف محرج كالذي حدث في تلك الحفلة..
كلما مر بها شيء، وإن يكون زوجها هو المتذمر من حالتها هذه شيء آخر كانت مثل الصاعقة لها عندما تذمر عماد منها ومن مرضها، وهو يقول لها أنه محرج منها ومن مرضها أمام أهله وأقاربه وأصبح لا يزورهم لأنه يشعر أنه موضع سخرية بينهم، طلب منها أن تراجع الأطباء لكي تتخلص من مرضها هذا.. كان يخاطبها بلهجة المتذمر الذي مل منها ومن مرضها كانت تتألم وهي تستمع له وهو يتحدث بكل حدة وشدة ويطالبها بأن تذهب الى الطبيب تلو الآخر حتى تجد حلاً مناسباً لهذه الحالة... والأمر المتعب أصبح المرض عبئا عليها وعلى حياتها وكلما زارت طبيباً شعرت بيأس أكبر فكل طبيب يطالبها بأن تهيء نفسها لكي تكون هادئة وأن تكون حالتها النفسية مستقرة لكي تستجيب للعلاج.. ولكن هذا الكلام كان يوترها أكثر وأكثر.. وكلما نظرت في عين زوجها وجدت أنه ينظر لها بازدراء وتذمر تشعر بأنه من المؤلم الإستمرار في هذا الوضع...
شعرت في نهاية المطاف أن عليها أن تفترق عن عماد لأنه لا يتأقلم مع مرضها ولا يتأقلم مع وضعها وكلما أقنعت نفسها بمتابعة العلاج تجد نفسها ملزمة أن تتحدث للطبيب عن كل ما مر بها من حوادث ومفارقات مؤلمة تزيد من توترها وحزنها فهي تذكر جيداً عندما كانت مسافرة وتعرضت لتلك الحالة لم يكن أمامها إلا أن تتذرع بحجة أن ابن أخيها الذي كان يرافقهم أنه بحاجة الى حمام وكان الطفل يصر أنه لا يريد الذهاب الى الحمام حتى حدث ما حدث.. بكت يومها وهي تقول في نفسها حتى طفل صغير لم أستطع إقناعه في مساعدتي كيف لي والكبار وهم ينظرون لي نظرة ازدراء واستهزاء.. قررت في آخر المطاف أن تطلب من زوجها أما أن يتقبلها كما هي ويساعدها على العلاج أو يفترقا... في الوقت الذي كانت تحلم وتتمنى أن يطلب منها البقاء والنضال معاً ضد هذا المرض... ولكنه تهرب من الإجابة وطلب منها هي أن تسعى وراء سعادتهما وأن تقاوم مرضها وأن تسعى من أجل الشفاء..
في زواج أختها الصغرى كان عليها أن تكون هي معها وأن تعينها على الصغيرة والكبيرة ولكنها وفي كل مرة تضطر الى استخدام الحمام، كان خطيب أختها يسأل أختها ما بها أختك هل علينا أن نأخذ حمام متجول معنا إن رغبنا في الذهاب الى أي مكان، ضحكت أختها وهي تعلم ما هو مرض أختها وعندما سمعت سارة هذا الكلام حز في نفسها أن اختها الصغرى ضحكت من مرضها وتألمت سارة، وهي تقول في نفسها كيف يمكنني العيش في مجتمع لا يستطيع أن يقدر معنى أن يكون الانسان مريضا ولكل مرض ظروفه وأحكامه هل هناك حل يمكن أن أذهب وراءه وأحل مشكلتي هذه دون أن أخسر زوجي وعائلتي وحياتي وأكون في عزلة عن المجتمع...
هذا ما في جعبتنا اليوم من أمر محرج بالنسبة لسارة أن تكون في وضع لا تحسد عليه ولكن هناك تدابير أخرى في الحياة يمكن أن تأخذها سارة في عين الاعتبار والسعي أن تكون طبيعية... كما اعتدنا أن نستمع في آخر كل حلقة لرأي كل من العالم الديني والخبير الاجتماعي..ففي حلقة اليوم استضفنا سماحة الشيخ محمد جواد الدمستاني من بروكسل وسألناه عن كيفية التعامل مع المصابين في مثل هذه الحالة المرضية، وكيف يمكننا أن نتعامل معها وفق مقررات ديننا الحنيف؟ وكيف يتعامل المصابون بأمراض مزمنة مع الحرج المترتب علي مرضهم؟
الدمستاني: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين
طبعاً الاجابة على ان المرض بشكل عام هو حالة وان كانت خاصة يعتبر للبشر حالة ابتلاء وعادة تحصل نتيجة لخلل يسببه الانسان لنفسه او لظروف عامة موجودة في المجتمع، في مثل هذه الحالة الموجودة وهي حالة خاصة واستثنائية وغير طبيعية طبعاً فيها جانبين، جانب متعلق بنفس صاحبة الحالة المرضية وفي حالة متعلق بالمجتمع ولكن على كل حال بالنسبة للمريضة نفسها ينبغي عليها مراجعة المستشفى او الدكتور والظاهر ان لمثل هذه الحالة علاجين، علاج جسدي وعلاج نفسي. طبعاً المشكلة النفسية تسبب مشاكل جسدية كما هو مقرر في الشرع وفي الطب، طبعاً بالنسبة للاسلام، الاسلام يدعو دائماً في مثل هذه الحالات بالصبر ويدعو للسعي للحصول على العلاج والمعالجة وفي قول النبي صلى الله عليه واله وسلم "افضل ما سئل الله به ان سئل عن العافية فأطلبوا من الله العافية" بالتالي الشارع يحث على ضرورة العلاج الجسدي، الشارع ايضاً، طبعاً القضايا الاجتماعية المتعلقة بالمرض الشارع يوصي برعاية المريض والتخفيف عن المريض والامه لأن المريض بالتالي هو يعيش في مجتمع وهو ليس وحيداً، مجتمع يؤثر عليه وهو يؤثر على المجتمع والحالة المرضية تؤثر على المجتمع فالمجتمع له اهمية كبيرة في تلافي مسئلة الاحراج من المريض ولايمكن الوصول الى هذه الحالة الا بثقافة شعبية ووعي شعبي عام بحيث يدرك ان هذه حالة لابد من تلافيها وهي حالة نفسية ويحاول رفع معنويات المريض بحيث يعيش هذا المريض حالة اجتماعية طبيعية بين الناس حتى اذا صدر منه مثلاً مثل القصة التي تفضلتم بها، المجتمع كأنما يغض النظر عن ذلك ويجعلها قدر الامكان، ينظر اليها مسئلة طبيعية حتى يتلافى احراجه. اتصور ان الحرج يرتبط بالوضع النفسي وبالتالي لابد من محاولة هؤلاء المرضى ومعهم المجتمع طبعاً رفع الحالة النفسية المعنوية التي تؤدي الى رفع الاحراج وهذا ايضاً له جانبين، الفردي والاجتماعي. من اهم الاشياء هو ارتباط هذا المريض بالله سبحانه وتعالى وبذكر الله، قال تعالى "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" والشيء الثاني انه يعترف ان هذا نوع من البلاد وعليه الصبر وعليه التحمل حتى يفرج الله سبحانه وتعالى عنه.
أما الآن مستمعينا الكرام بعدما سمعنا رأي سماحة الشيخ محمد جواد الدمستاني من بروكسل. نستمع وإياكم الي رأي الدكتورة غاده زيدان المستشارة الاجتماعية من لبنان وسألناها:
غادة: بسم الله الرحمن الرحيم
اولاً المريض المزمن اكيد تصل عنده الى مرحلة نفسية، عادة عندما يشخص اي مريض وتأكدنا انه عنده مرض مزمن للاسف تؤدي هذه الامراض المزمنة الى وضع نفسي صعب فنحن بدورنا يجب ان نساعد هذا المريض ليتخلص من هذه المشاكل، والحل الوحيد والامثل هو ان نأخذه على طبيب نفسي حتى لو لم نقل اننا نعرضه على طبيب نفسي لأن كذلك الطبيب النفسي يمكن ان اسمه يخوف لذلك يجب ان نهيأه ان يقابل طبيب نفسي الذي ممكن ان يساعده في هذه الحالة.
طبعاً الرأي الانساني والتربوي والنفسي كله، جميع الاراء تقول على العكس ان لايجب ان نشجع على العزلة والتقوقع ويحافظ على مرضه بينه وبين نفسه وبينه وبين ربه لا، بالعكس يجب ان نشجع انه يواجه المجتمع اكثر وهذه تتم اكيد على مراحل ونصل الى حلول. طبعاً المحيطين بالمريض يجب ان يكون عندهم للمريض احترام مثلاً مثل سارة والزوج الذي كان غير واقعي وغير انساني لذلك نحن نقول لا بالعكس المحيطين بالمريض المزمن لهم دور كبير جداً ومهم جداً خاصة مثل الزوج والاهل لأنهم هم الذين يمكن ان يزيدوا الثقة بالنفس عند المريض وهم الذين يساعدوه اكثر من غيرهم لأن هم الذين يعايشوه وليس المجتمع الغريب يعني انا اذا عندي شغلة صعبة اول شيء ينزل الى المحيط الذي هو قريب اليه اكثر ويبدأ من الاهل والزوج والعائلة والاولاد والاخوة والى ماهنالك ولكن اذا لم يقفوا الى جنبه ولم يساعدوه مثل سارة، لماذا يطلب منها ان تتقوقع وتجلس في البيت بالعكس هو يجب ان يشجعها ان صحتك قبل كل شيء، الصحة النمرة الاولى، الهم الاكبر هو صحة سارة وصحة المريض المزمن هو المحيطين به يجب ان يكونوا هم اكبر نسبة في المساعدة له. للاسف الضغط على المريض له ردة فعل عكسية جداً لأن يمكن ان نضغط على المريض ويؤخذ الى الدكتور ولكن لما يصل عند الدكتور لايتجاوب مع الدكتور فأذا لم يتجاوب مع الدكتور سوف لانصل الى نتيجة، ممكن ان يعطيه اجوبة اخرى او ممكن انه يفكر انه ينفع نفسه لكنه يضر نفسه فلذلك يجب ان نبذل كل الجهود من قبل الزوج والاهل والاصدقاء والاقرباء كلهم ان يبذلوا جهوداً متماسكة وننصح ونحسس المريض انه صحتك اهم شيء عندنا، كلنا نريد مساعدتك، دعنا نساعدك، نساعد سارة، الحل الامثل هو ان تذهبي الى الدكتور وليس بالضغط لكن بالعكس بالتي هي احسن.
كيف يمكن مساعدة المريض المزمن للتخلص من الحالة النفسية السيئة ومساعدته على مزاولة العلاج الصحيح؟ وهل الحل هنا بالنسبة لسارة العزلة أو مواجهة المجتمع والتكيف مع المرض؟ و ماذا علي المحيطين بالمريض أن يفعلوا وهل تصرف زوج سارة كان سليما؟ هل الضغط علي المريض ينفع لإجباره علي العلاج وما شابه ؟..فأجابت مشكوره.
في الختام أحبتي نشكر لكم حسن المتابعة والى لقاء جديد نستودعكم الله.