سلامٌ عليكم أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته.
من أعلام المؤمنات المجاهرات بكلمة الحق في وجه السلطان الجائرهي الصحابية الجليلة غانمة بنت غانم القرشية وهي التي لم يمنعها كبُرسنها من التوجه الى الشام لردع معاوية عن سب علي – عليه السلام – وبني هاشم بعد تسلطه على حكم المسلمين، وقد اذعن معاوية ووعدها بترك هذا السب إلا أنه لم يف بوعده بل توقف عن سب بني هاشم وأبقى سب الوصي المرتضي- عليه السلام-.
نقل الجاحظ في كتاب المحاسن والأضداد وغيره أنه لما بلغ غانمة بنت غانم سب معاوية وعمرو بن العاص بني هاشم، قالت لأهل مكة: أيها الناس، إن بني هاشم أطول الناس باعا، وأمجد الناس أصلا، وأحلم الناس حلما، وأكثرالناس عطاء، منا عبد مناف الذي يقول فيه الشاعر:
كانت قريش بيضة فتفلقت
فالمخ خالصها لعبد مناف
وولده هاشم الذي هشم الثريد لقومه، وفيه يقول الشاعر:
هشم الثريد لقومه وأجارهم
ورجال مكة مسنتون عجاف
ثم منا عبدالمطلب الذي سقينا به الغيث، وفيه يقول الشاعر:
ونحن سني المحل قام شفيعنا
بمكة يدعووالمياه تغور
وابنه أبوطالب عظيم قريش، وفيه يقول الشاعر:
آتيته ملكا فقام بحاجتي
وترى العليج خائبا مذموما
ومنا حمزة سيد الشهداء، وفيه يقول الشاعر:
أبا يعلى لك الأركان هدت
وأنت الماجد البرالوصول
ومنا جعفرذوالجناحين أحسن الناس حسنا وأكملهم كمالا ليس بغدارولا ختار، بدله الله عزوجل بكل يد له جناحا يطيربه في الجنة، وفيه يقول الشاعر:
هاتوا كجعفرنا ومثل علينا
كانا أعزالناس عند الخالق
ومنا أبوالحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفرس بني هاشم، وأكرم من احتفى وتنعل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ومن فضائله ما قصرعنكم أنباؤها، وفيه يقول الشاعر:
وهذا علي سيد الناس فاتقوا
عليا بإسلام تقدم من قبل
ومنا الحسن بن علي رضي الله عنه سبط رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم وسيد شباب أهل الجنة، وفيه يقول الشاعر:
ومن يك جده حقا نبيا
فإن له الفضيلة في الأنام
ومنا الحسين بن علي رضوان الله عليه حمله جبرئيل عليه السلام على عاتقه، وكفى بذلك فخرا، وفيه يقول الشاعر:
نفى عنه عيب الآدميين ربه
ومن مجده مجد الحسين المطهر؟!
واصلت غانمة بنت غانم خطيتها فقالت: يا معشرقريش، والله ما معاوية بأميرالمؤمنين ولا هو كما يزعم، هو والله شانيء رسول الله صلى الله عليه وآله إني آتية معاوية، وقائلة له ما يعرق جبينه ويكثرمنه عويله.
قال الراوي: فكتب عامل معاوية إليه بذلك، فلما بلغه أن غانمة قد قربت منه أمربدارضيافته فنظفت وألقى فيها فرش، فلما قربت من المدينة استقبلها يزيد في حشمه ومماليكه، فلما دخلت المدينة أتت دارأخيها عمروبن غانم، فقال لها يزيد: إن أبا عبدالرحمن يأمرك أن تصيري إلى دارضيافته – وكانت لا تعرفه – فقالت: من أنت كلاك الله؟ قال: يزيد بن معاوية، قالت: فلا رعاك الله يا ناقص لست بزائد! فتغيرلون يزيد وأتى أباه فأخبره، فقال: هي أسن قريش وأعظمهم، فقال يزيدكم تعد لها يا أميرالمؤمنين؟ قال: كانت تعد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله أربعمائة عام، وهي من بقية الكرام.
فلما كان من الغد أتاها معاوية، فسلم عليها، فقالت: على المؤمنين السلام وعلى الكافرين الهوان.
ثم قالت: من منكم ابن العاص؟ قال عمرو: ها أنذا، فقالت: وأنت تسب قريشا وبني هاشم؟ وأنت والله أهل السب وفيك السب وإليك يعود السب يا عمرو! إني والله لعارفة بعيوبك وعيوب أمك وإني أذكرلك ذلك عيبا عيبا: وبعد كلام قالت لابن العاص: وأما أنت: فقد رأيتك غاويا غيرراشد، ومفسدا غيرصالح، وأما أنت يا معاوية، فما كنت في خير، ولا ربيت في خير، فما لك ولبني هاشم؟ أنساء بني أمية كنسائهم؟ أم أعطى أمية ما أعطى هاشم في الجاهلية والإسلام؟ وكفى فخرا برسول الله صلى الله عليه وآله. فقال معاوية: أيها الكبيرة، أنا كافٌ عن بني هاشم، قالت فإني: أكتب إليك عهدا، كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا ربه أن يستجيب لي خمس دعوات، أفأجعل تلك الدعوات كلها فيك؟ فخاف معاوية وحلف لها أن لا يسب بني هاشم أبدا
وها نحن نصل مستمعينا الأفاضل الى ختام حلقة أخرى من برنامج (من أعلام المؤمنات) خصصنا للحديث عنه الصحابية الجليلة غانمة بنت غانم رضوان الله عليها شكراً لكم والسلام عليكم.