سلام من الله عليكم اخوة الايمان
على بركة الله نلتقيكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج وحديث عن سيدة مجاهدة من أعلام المؤمنات اللواتي صدقن في مناصرة أئمة الحق ومجاهدة أئمة الباطل … انها البارقية الناطقة بالصدق …
هي أم الخير بنت الحريش بن سراقة البارقية، من سيدات المجتمع الكوفي، ومن ربات البلاغة والفصاحة، وكانت في واقعة صفين تحرض المؤمنين على قتال الطاغية معاوية وتحفزهم على الذب عن الاسلام وعن الامام الحق أمير المؤمنين علي عليه السلام ونصرته. أضمر لها معاوية الحقد والعداء ان ظفر بها، فلما تم له الامر كتب الى عامله بالكوفة أمره أن يسيرها اليه للانتقام منها.
روي في كتاب بلاغات النساء بالاسناد عن الشعبي، قال:
كتب معاوية الى واليه بالكوفة: أن أوفد علي أم الخير بنت الحريش بن سراقة البارقية رحلة محمودة الصبحة غير مذمومة العاقبة، واعلم أني مجازيك بقولها فيك بالخير خيراً وبالشر شرا. فلما ورد عليه الكتاب، ركب اليها فأقرأها اياه.
فقالت أم الخير: أما أنا فغير زائغة عن طاعة، ولا معتلة بكذب فلما حملها الى الشام وأراد مفارقتها، قال: ياأم الخير، ان معاوية قد ضمن لي عليه أن يقبل بقولك في بالخير خيرا، وبالشر شرا، فانظري كيف تكونين.
قالت: " ياهذا، لايطمعك والله برك بي في تزويقي الباطل، ولا يؤنسك معرفتك اياي أن أقول فيك غير الحق ".
وصدق اللهجة الذي نتلمسه في جواب أم الخير على تملق والي معاوية، نجده متجلياً في خطابها مع الطاغية نفسه عندما دخلت عليه، وقد استقبلها بالشماتة.
قال معاوية: بحسن نيتي ظفرت بكم، وأعنت عليكم
وقالت: " مه ياهذا، لك والله من دحض المقال ماتردي عاقبته ".
فخشي معاوية من الفضيحة لوجاراها، فقال أردناك،
قالت: " انما أجري في ميدانك، اذا أجريت شيئا أجريته فاسأل عما بدالك ".
قال: كيف كان كلامك يوم قتل عمار بن ياسر؟
قالت: " لم أكن والله رويته قبل، ولازورته بعد، وانما كانت كلمات نفثهن لساني حين الصدمة، فان شئت أن احدث لك مقالا غير ذلك فعلت ".
قال: لاأشاء ذلك ثم التفت الى اصحابه، فقال: أيكم حفظ كلام أم الخير؟ قال رجل من القوم: أنا أحفظه ياأمير المؤمنين كحفظي سورة الحمد.قال: هاته.
وقرأ الرجل خطبة أم الخير في صفين وهي من روائع خطب أهل الولاء في نصرة الدين وكان مما جاء فيها قولها – رضي الله عنها: " ياأيها الناس، اتقوا ربكم، ان زلزلة الساعة شئ عظيم ان الله قد أوضح الحق، وأبان الدليل، ونور السبيل، ورفع العلم، فلم يدعكم في عمياء مبهمة، ولاسوداء مدلهمة، فإلى أين تريدون رحمكم الله؟ أفرارا عن أمير المؤمنين؟أم فرارا من الزحف، أم رغبة عن الاسلام، أم ارتدادا عن الحق؟ أما سمعتم الله عزوجل يقول: (" {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ } "محمد31)
ثم رفعت رأسها الى السماء وهي تقول: " اللهم قد عيل الصبر، وضعف اليقين، وانتشر الرعب، وبيدك يارب أزمة القلوب، فاجمع اللهم الكلمة على التقوى، وألف القلوب على الهدى، واردد الحق الى أهله "
ثم قالت: " هلموا رحمكم الله الى الامام العادل، والوصي الوفي، والصديق الأكبر، انها إحن بدرية، وأحقاد جاهلية، وضغائن أحدية، وثب بها معاوية حين الغفلة، ليدرك بها ثارات بني عبد شمس ".
ثم قالت: (" {قَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ } "التوبة12) " صبرا معشر الأنصار والمهاجرين، قاتلوا على بصيرة من ربكم، وثبات من دينكم، وكأني بكم غدا لقد لقيتم أهل الشام كحمر مستنفرة، لاتدري أين يسلك بها من فجاج الأرض، باعوا الآخرة بالدنيا، واشتروا الضلالة بالهدى، وباعوا البصيرة بالعمى، عما قليل ليصبحن نادمين، حتى تحل بهم الندامة، فيطلبون الاقالة، انه والله من ضل عن الحق وقع الباطل، ومن لم يسكن الجنة نزل النار. والله أيها الناس لولا أن تبطل الحقوق، وتعطل الحدود، ويظهر الظالمون، وتقوى كلمة الشيطان، لما اخترنا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه، فإلى أين تريدون رحمكم الله عن ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله، وزوج ابنته، وأبي ابنيه خلق من طينته، وتفرع من نبعته وخصه بسره، وجعله باب مدينته، وعلم المسلمين، وأبان ببغضه المنافيق فلم يزل كذلك يؤيده الله عزوجل بمعونته، ويمضي على سنن استقامته، هاهو مفلق الهام، ومكسر الأصنام، اذ صلى والناس مشركون، وأطاع والناس مرتابون، فلم يزل كذلك حتى قتل مبارزي بدر، وأفنى أهل أحد، وفرق جمع هوازن، فيالها من وقائع زرعت في قلوب قوم نفاقا وردة وشقاقا ! قد اجتهدت في القول، وبالغت في النصيحة، وبالله التوفيق، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ".
فقال معاوية، والله ياأم الخير، ماأردت بهذا الكلام الا قتلي، والله لوقتلتك ماحرجت في ذلك.
قالت: " والله ما يسؤوني ياابن هند أن يجري الله ذلك على يدي من يسعدني الله بشقائه ".
فسلام الله على أمة الله المؤمنة الصادقة ام الخير البارقية وحشرها الله مع سادات الصادقين محمد وآله الطاهرين اللهم آمين وشكرنا لكم اعزاءنا مستمعي اذاعة طهران على جميل المتابعة لهذا اللقاء من برنامج ( من أعلام المؤمنات ) دمتم بكل خير وفي أمان الله.