السلام عليكم مستمعينا الأكارم، أهلاً بكم في لقاء جديد من هذا البرنامج نخصصه للحديث عن سيدة جليلة من أعلام المؤمنات هي صاحبة الهجرتين أسماء بنت عميس رضوان الله عليها... تابعونا مشكورين
هي أسماء بنت عميس الخثعمية أخت سلمى زوجة حمزة سيد الشهداء – رضي الله عنه... وهي من خيرة صحابة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله – فقد وفت لله جل جلاله في مناصرة رسوله المصطفى وزوجته الطاهرة خديجة الكبرى وبضعته فاطمة الزهراء ووصيه الامام المرتضى – صلوات الله عليهم وآلهم أجمعين – وكانت أسماء من السابقات للاسلام والهجرة، وقد لقبها رسول الله – صلى الله عليه وآله – بأنها من أهل الهجرتين روى محمد بن سعد في كتابه الطبقات الكبير بسنده انها رضوان الله عليها أسلمت قبل دخول رسول الله (ص) دار الارقم بمكة وبايعت وهاجرت إلى ارض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب فولدت له هناك عبد الله ومحمدا وعونا وقدم بها جعفر المدينة عام خيبر ثم قتل عنها بمؤتة شهيدا في جمادي الأولى سنة ثمان من الهجرة وروى ابن سعد في الطبقات أيضا بسنده انها لما قدمت من ارض الحبشة قال: قال لها عمر: ياحبشية سبقناكم بالهجرة فقالت: اي لعمري لقد صدقت كنتم مع رسول الله (ص) يطعم جائعكم ويعلم جاهلكم وكنا البعداء الطرداء اما والله لآتين رسول الله (ص) فلأذكرن له ذلك فاتت النبي (ص) فذكرت له ذلك فقال: للناس هجرة واحدة ولكم هجرتان
وأسماء هي زوجة شهيد وأم عدة من الشهداء فقد روى ابن سعد أيضاً ان ابابكر تزوج أسماء بنت عميس بعد استشهاد جعفر بن أبي طالب فولدت له محمد بن أبي بكر نفست به بذي الحليفة وفي رواية بالبيداء وهم يريدون حجة الوداع ثم توفى عنها أبوبكر فتزوجها بعده علي بن أبي طالب فولدت له يحيى وعونا وانما لم يتزوجها علي (ع) بعد قتل أخيه جعفر لأن فاطمة (ع) كانت حية. جاء في كتاب وفي أسد الغابة قيل: ان اسماء تزوجها حمزة وليس بشئ انما التي تزوجها حمزة أختها سلمى بنت عميس انتهي. وكان لمحمد بن ابي بكر يوم توفي أبوه ثلاث سنين أو نحوهما حكاه ابن سعد في الطبقات عن الواقدي فرباه أمير المؤمنين (ع) فهو ربيبه وربي في حجره ومن هنا جاءه التشيع وجاءه أيضا من قبل أمه. وكانت أسماء وهي عند زوجها أبي بكر تتشيع لعلي وتواليه سلام الله عليه وهذه السيدة الجليلة هي من راويات الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله التي اتفق المسلمون على قبول رواياتها قال ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب: روى عن أسماء بنت عميس من الصحابة عمر بن الخطاب وأبو موسى الاشعري وابنها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وزاد في أسد الغابة ابن عباس والقاسم بن محمد حفيدها وعبد الله بن شداد بن الهاد وهو ابن أختها وعروة بن الزبير وابن المسيب وغيرهم وزاد مؤلف كتاب الاصابة بذكر حفيدتها أم عون بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب قال وكان عمر يسألها عن تعبير المنام ونقل عنها أشياء من ذلك ومن غيره.
مستمعينا الأكارم، وينقل المؤرخون موقفاً نبيلاً لهذه السيدة الجليلة ينبأ عن مدى ثقة أهل بيت النبوة – عليهم السلام بها كما يشتمل على دعاء جليل دعا به الله لها رسوله الأكرم – صلى الله عليه وآله – فقد روى كثير من أهل الآثار في خبر تزويج فاطمة الزهراء (ع) ان رسول الله (ص) امر النساء بالخروج فخرجن مسرعات الا اسماء بنت عميس فدخل النبي (ص) قالت أسماء فلما خرج رأى سوادي
فقال: من أنت ؟ قلت: أسماء بنت عميس. قال: ألم آمرك أن تخرجي. قلت: بلى يارسول الله وما قصدت خلافك ولكني كنت حضرت وفاة خديجة فبكت خديجة عند وفاتها فقلت لها أتبكين وأنت سيدة نساء العالمين وأنت زوجة النبي (ص) ومبشرة على لسانه بالجنة.
فقالت: ما لهذا بكيت ولكن المرأة ليلة زفافها لابد لها من أمرأة تفضي أليها بسرها وتستعين بها على حوائجها وفاطمة حديثة عهد بصبا وأخاف أن لايكون لها من يتولى امرها حينئذ قالت اسماء بنت عميس فقلت لها ياسيدتي لك عهد الله علي ان بقيت إلى ذلك الوقت ان أقوم مقامك في ذلك الامر، فبكى وقال: فاسال الله ان يحرسك من فوقك ومن تحتك ومن بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك من الشيطان الرجيم .
واستمر وفاء الصحابية الجليلة أسماء بنت عميس للرسول الأكرم بعد وفاته – صلى الله عليه وآله فقد لازمت بضعته الزهراء عليها السلام فكانت موضع سرها ومحل حوائجها ولما مرضت أرسلت خلفها وشكت اليها ان المرأة اذا وضعت على سريرها تكون بارزة للناظرين لايسترها الا ثوب فذكرت لها أسماء النعش المغطى الذي رأته بأرض الحبشة فاستحسنته الزهراء (ع) حتى ضحكت بعد ان لم تكن ضحكت بعد أبيها غير تلك المرة ودعت لها وفي رواية ان اسماء بنت عميس قالت للزهراء (ع) اني اذاكنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئاً فان أعجبك اصنعه لك فدعت بسرير فاكبته لوجه ثم دعت بجرائد فشدتها على قوائمه وجعلت عليه نعشا ثم جللته ثوبا
فقالت فاطمة (ع): اصنعي لي مثله استريني سترك الله من النار. والتزمت السيدة أسماء بوصية مولاتها الزهراء –عليها السلام – بأن لاتدخل عليها أحداً من أمهات المؤمنين ولاغيرهن قال ابن عبد البر في الاستيعاب: فلما توفيت جاءت عائشة تدخل فقالت أسماء لاتدخلي فشكت الى ابي بكر فقالت: ان هذه الخثعمية تحول بيننا وبين بنت رسول الله (ص) وقد جعلت لها مثل هودج العروس "تعني النعش المذكور" فجاء فوقف على الباب فقال يا أسماء ما حملك على أن منعت أزواج النبي (ص) ان يدخلن على بنت رسول الله ص وجعلت لها مثل هودج العروس فقالت: امرتني ان لايدخل عليها أحد واريتها هذا الذي صنعت وهي حية فأمرتني ان اصنع ذلك لها.
قال أبو بكر: وهو زوجها يومذاك فاصنعي ماأمرتك ثم أنصرف انتهى وفي بعض الروايات ان اسماء كانت عندها حين وفاتها وانها أمرتها ان تاتي ببقية حنوط رسول الله (ص) وتضعه عند رأسها عليها السلام وهي رضوان الله عليها التي أعانت علياً على تغسيل الزهراء - عليها السلام - وفي ذلك كرامة تكشف عن سمو مقامها عند أهل البيت - عليهم السلام -.
واخيرا نذكر موقفها – رضوان الله عليها – عندما بلغها قتل ولدها الشهيد محمد بن ابي بكر وتمثيل معاوية بجسده الطاهر – رضي الله - عنها فقد ذكر ابن حجر في كتاب الاصابة انها لم بلغها خبر استشهاد ولدها محمد بمصر قامت الى مسجد بيتها وكظمت غيظها حتى شخبت ثداياها دماً.
فسلام على الصحابية الوفية الصابرة أسماء بنت عميس يوم ولدت ويوم هاجرت الهجرتين ويوم التحقت بربها راضية مرضية وبهذا ينتهي اعزاءنا مستمعي اذاعة طهران لقاؤنا بكم ضمن هذه الحلقة من برنامج ( من اعلام المؤمنات ) شكراً لكم والسلام عليكم.