السلام عليكم أعزاءنا، حديثنا في هذا اللقاء عن أفضل نساء النبي – صلى الله عليه واله – بعد خديجة عليها السلام وأم سلمه رضي الله عنها، كما شهد لها بذلك المؤرخون وهي التي صحّ عن النبي أنه شهد بأنها مؤمنة إمتحن الله قلبها للإيمان، وهذه من أسمى مراتب الإيمان.
إنها ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية هي زوجة النبي صلى الله عليه وآله أخت أم الفضل زوجة عمه العباس. فهي خالة ابن عباس تزوجها الرسول صلى الله عليه وآله في مرجعه من عمرة القضاء بسرف سنة 7 للهجرة وكانت آخر امرأة تزوج بها النبي صلى الله عليه وآله.
وكان تزويجها وزفافها وموتها وقبرها بسرف وهو على عشرة أميال من مكة وكانت أفضل نسائه خديجة، ثم أم سلمه، ثم ميمونة رضي الله تعالى عنهن.
وروى العلامة المامقاني، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام حديثا في فضل محبة أمير المؤمنين عليه السلام وفيه قالت ميمونة لرسول الله صلى الله عليه وآله: وقد تعلم – يا رسول الله – أني أحب عليا عليه السلام بحبك إياه ونصحه لك. فقال لها: صدقت إنك امتحن الله قلبك للإيمان جملة وقد روت عدة أحاديث في فضل أمير المؤمنين عليه السلام.
و كانت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث ممن لا تأخذهم في الله لومة لائم حازمة في العمل بأحكام الله عزوجل، قال الكاتب سعيد أيوب في كتابه (زوجات النبي (ص)): روي أن ذا قرابة لميمونة دخل عليها. فوجدت منه ريح شراب فقالت: لئن لم تخرج إلى المسلمين فيجلدوك – أو قالت يطهروك – لا تدخل علي بيتي أبدا".
وروي عن أبي عائشة: أن ميمونة أبصرت حبة رمان في الأرض.
فأخذتها وقالت: إن الله لا يحب الفساد.
أيها الأخوة والأخوات، ونجد في كتاب طبقات ابن سعد تصريحاً من إحدى زوجات النبي – صلى الله عليه وآله – بسمو مرتبة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها في تقوى الله،
فقد روى ابن سعد بسنده عن يزيد بن الأصم قال: تلقيت عائشة وهي مقبلة من مكة انا وابن طلحة بن عبيد الله، وهو ابن أختها، وقد كنا وقعنا في حائط من حيطان المدينة فأصبنا منه فبلغها ذلك فأقبلت على ابن أختها تلومه وتعذله، ثم أقبلت علي – والرجل هو ابن أخت ميمونة بنت الحارث – قال فوعظتني
ثم قالت: اما علمت أن الله تبارك وتعالى ساقك حتى جعلك في بيت نبيه؟
ذهبت والله ميمونة ورمى بحبلك على غاربك، اما انها كانت من اتقانا لله وأوصلنا للرحم.
وفي الرواية – مستمعينا الأفاضل – إشارة الى حزم ميمونة بنت الحارث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها هي من زوجات النبي اللواتي إقتدين به في حب وصيه المرتضى – عليه السلام – فقد روي عن مولانا الإمام الباقر – عليه السلام – قال:
قال النبي (صلى الله عليه وآله ) : "لا ينجو من النار وشدة نفيضها وزفيرها وحميمها من عادى عليا وترك ولايته وأحب من عاداه"
فقالت ميمونة: ما أعرف في أصحابك من يحب عليا (عليه السلام) إلا قليلا،
فقال النبي (صلى الله عليه وآله ) : القليل من المؤمنين كثير ومن تعرفين منهم؟
قالت: أباذر والمقداد وسلمان، وقد تعلم أني أحب عليا (عليه السلام) بحبك إياه،
فقال: صدقت إنك امتحن الله قلبك للإيمان.
و بقيت – مستمعينا الأكارم – هذه المؤمنة التقية على حبها وولائها للوصي بعد رحيل زوجها النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – تدعو لنصرته وتنهى عن خذلانه، روى الشيخ الطوسي في كتاب الأمالي بسنده عن يزيد بن الأصم،
قال: قدم شقير بن شجرة العامري المدينة، فاستأذن على خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي (صلى الله عليه وآله) وكنت عندها،
فقالت: ائذن للرجل،
فدخل فقالت: من أين أقبل الرجل؟
قال: من الكوفة.
قالت: فمن أي القبائل أنت؟
قال: من بني عامر.
قالت: حييت ازدد قربا،فما أقدمك؟
قال: يا أم المؤمنين، رهبت أن تكبسني الفتنة لما رأيت من اختلاف الناس فخرجت.
قالت: فهل كنت بايعت عليا (عليه السلام) ؟
قال: نعم.
قالت: فارجع فلا تزولن عن صفه، فوالله ما ظل ولا ظل به..
قال: يا أماه فهل أنت محدثتي في علي بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
قالت: اللهم نعم،
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: علي آية الحق، وراية الهدي، علي سيف الله يسله على الكفار والمنافقين، فمن أحبه فبحبي أحبه، ومن أبغضه فببغضي أبغضه، ومن أبغضني أو أبغض عليا لقي الله (عزوجل) ولا حجة له.
وفي رواية أخرى رواها الحاكم النيسابوري في مستدركه على صحيحي البخاري ومسلم، بسنده عن أبي إسحاق عن جرى بن كليب العامري قال: لما سار علي إلى صفين كرهت القتال
فاتيت المدينة فدخلت على ميمونة بنت الحارث فقالت: ممن أنت
قلت: من أهل الكوفة
قالت: من أيهم قلت من بنى عامر قالت رحبا على رحب وقربا على قرب تجيئ ما جاء بك
قال: قلت سار علي إلى صفين وكرهت القتال فجئنا إلى هاهنا
قالت: أكنت بايعته
قال: قلت نعم
قالت: فارجع إليه فكن معه فوالله ما ضل ولا ضُل به.
والى هنا ينتهي لقاؤنا بكم إخوتنا مستمعي إذاعة طهران في هذه الحلقة من برنامج (من اعلام المؤمنات)، وكان حديثنا فيها عن المؤمنة التي أمتحن الله قلبها للإيمان ميمونة بنت الحارث أفضل نساء النبي بعد خديجة وأم سلمه رضوان الله عليهن... شكراً لكم على طيب المتابعة ودمتم بكل خير.