مستمعينا الافاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اهلا بكم وبرنامح مع روح الله الذي يتناول شذرات من سيرة الامام الخميني الراحل (رض).
شذرات عبقة تحيي القلوب وتبهجها في هذه الدنيا المليئة بالمطبات.
وقتا مفيدا نتمناه لكم.
الزهد عند الامام الخميني (رض)
احبتي: الزهد في حياة الامام (رض) مَعلم بارز من معالمها العالية. وسمة وضاءة من سماتها الرفيعة.
الامام (رض) أحب الزهد، لأنه من محاسن الصفات.
فلقد عزف رحمة الله عليه عن زخارف الدنيا وخداعها، صارفا فكرة ونظرة عن بهارجها وزينتها.
قد اكتفى منها بأقل القليل، ولم يرض لأخراه إلا الكثير الحسن.
وانه لترنّ فيه كلمات الزاهد الاعظم الامام علي (ع) التي تصدح بالمواعظ الشافية،
والتي يوصي عامة الناس قائلا لهم:
انظر الى الدنيا نظر الزاهدين فيها، الصادفين عنها، فانها والله عما قليل تزيل الثاوي الساكن. وتفجع المترف الآمن، لايرجع ما تولّى منها فأدبر،ولايدري ما هو آت منها فينتظر، سرورها مشوب بالحزن.
كان الامام رحمة الله عليه يدعو رجال دولته ، وأبناء أمته ، وعلماءها الأبرار الى رفض الدنيا رفضا لا يُنسيهم حظهم المشروع منها.
وألا يتنافسوا في مطالبها الزائفة، وأن يتجنبوا اللهاث ورائها طلبا لرغباتها الحائلة انخداعا بزينتها وزخارفها.
أو شغفا ببهرجها وسفاسفها، فانها ليست مطلب اصحاب الحلم، ولارغبة ذوي الفهم الراجح، ولامهوى قلوب العارفين بالله، المدركين لحقيقة الحياة الدنيا والمآل المحتوم.
إنه يوصي علماء الامة بالزهد لانهم قادتها، وروادها، ومالكو أزمّة قلوبها، والممسكون بأعنّة نفوسها.
ذلك لانها تقتفي اثرهم، وتتأسى بهم، وتراقبهم، فان رأتهم قد كبرت الدنيا في عيونهم، صغروا في عينها.
قال (رض): إن العالم الذي يتربى في مدرسة الاسلام وينهل من علومه، من المستحيل ان يكون هدفه وتوجهه هو الدنيا ومستهويات النفس.
نجده (رض) يوصي مسؤولي دولته وجنوده بالزهد، لانهم منفذو القانون.
يوصيهم بالزهد لانهم المؤتمون على مصالح الامة، وإن لم يزهدوا اتهموا بالخيانة.
وسيظن بها الظنون، ويتوجس منها الخيانة.
وانه ليوصي الامة قاطبة بالزهد، لانه سلاحها المُجدي في حربها على الاستكبار الذي يغريها بالبهارج وسفاسف الدنيا.
على الرغم من ان الامام كان يعرف بدقة الحالات المعنوية والروحية للافراد، إلا أنه كان يذكرهم بلزوم إجتناب الزخارف الدنيوية.
- أتذكر انه قال مرة للشهيد رجائي ابان تسلمه منصب رئاسة الجمهورية: لو تلبست بكم روح السكن في قصور فارهة،
- حينئذ ينبغي قراءة الفاتحة على الاسلام.
وفي فصل الصيف ايام اقامته في النجف الاشرف، كان الهواء جافا وشديد الحرارة يؤذي الجميع، لذلك يضطر الغالبية الى التوجه الى الكوفة ليلا لعلهم يأنسوا بالهواء الرطب هناك، وبالطبع من بينهم العلماء والاجلاء واولادهم.
- كان الامام (رض) يرفض الذهاب الى هناك، ومهما فعلوا وتوسلوا به كان يرفض الذهاب الى هناك.
- وفي يوم من الايام توسلوا بنجله السيد مصطفى رحمة الله عليه ليطلب منه ذلك، وطلبوا منه ان يخبر الامام بان صحته ليست ملكا له وحده، انما هي تهم المسلمين كافة.
- وعندما اخبره السيد مصطفى بذلك، قال له: إني أشعر بالخجل من الذهاب الى الكوفة، في حين ان الكثير من المؤمنين يقبعون في سجون الشاه او ينفون الى مناطق بائسة بسبب انتماءهم الديني.
من اقوال الامام الخميني(رض)
كلما تعلقت النفس بالدنيا، كلما غفلت عن الله وعالم الاخرة.
أن جميع المفاسد الروحية والاخلاقية إنما تنشأ عن حب الدنيا والغفلة عن الله تعالى.
كلما اتجه القلب الى الدنيا وتعلق ببهارجها، كلما انهال عليه غبار الذل والمسكنة وازدادت عليه ظلمة الحاجة.
الهزيمة لمن كانت الدنيا منتهى آماله، اما المرتبط بالله واليوم الاخر فانه لا يهزم مطلقا.
يا هلالا في افقنا لاح عشرا
بعد لأيٍ هل يعتريك انطفاءُ
كنت كالبحر والملايين موج
كيف تعلو قاموسك الانواء
كنت كالطود شامخا يتراءى
كم تلاشت في سفحك الهوجاءُ
ليتها تدري أيّ كنز أحاطت
لاستحالت روضا بك الرمضاءُ
زعم الموت ان سيطويك سِفرا
ليس من مفرداته الانحناء
كذب الموت لن يواري من قد
خلدته بالمكرمات السماءُ
احبتي يبدو ان وقت البرنامج شارف على الانتهاء.
حتى اللقاء القادم وبرنامج مع روح الله الذي يتناول شذرات من سيرة الامام الخميني الراحل (رض)
نتمنى لكم احى الاوقات واسعدها.
في امان الله.