نص الحديث
قال الامام علي عليه السلام: "الاداب حلل مجددة".
دلالة الحديث
النص المتقدم يجسد صورة (تمثيلية)، أو استعارية، بمعنى أنه يكسب (الادب) وهو: السلوك الظريف والمهذب، طابع (الحلل) وهو: جمع حلة، اي: الثوب الساتر للبدن، واما عبارة (مجددة) فواضحة، حيث تعني: الثوب الجديد مرة بعد اخرى، وفي ضوء هذه المفردات نتقدم الى ملاحظة النص دلالياً وجمالياً.
اما دلالياً فان الحديث المتقدم يعرض لسلوك خاص هو: التهذيب والظرافة، اي: الاخلاق الحسنة أو التدريب عليها مقترنة، بما هو ظريف منه اي: الحذق والبراعة، واما جمالياً: فان الملاحظات الاتية تتحدث عن الموضوع، فنقول: من الواضح ان الانسان يستجيب لما هو (اخلاقي) استجابة ايجابية تبعا للنصوص الشرعية التي تتحدث عن اهمية الاخلاق الحسنة الى درجة ان يتحول العدو مثلا الى صديق، وتبعا للنص القائل بما مؤداه: ان القلوب الوحشية، تألف الاشخاص الذين يقبلون عليها وهذا لايتأتى الا من خلال السلوك الاخلاقي المتسم باللين وبالمحبة والراحة في ممارسة السلوك المذكور، وفي ضوء هذه الحقيقة نتقدم الى ملاحظة الجمالية التي يتسم بها الحديث المذكور فماذا نستلهم؟.
بلاغة الحديث
يقول النص (الاداب: حلل مجددة) اي: ان ممارسة الاخلاق المقترنة بما هو: حاذق وبارع ومهذب (حلل مجددة)، ويعنينا من العبرة طابع (الحلل المجددة)، فماذا نستخلص منها؟ لقد انتخب النص ظاهرة (الثوب) الذي يستر البدن وليس مطلق الثوب ثم انتخب كون هذه الثياب (مجددة) اي: كمن يلبس الجديد من الثياب باستمرار، وليس مرة واحدة في هذه المناسبة او تلك، بل كل آن يلبس ثوباً جديداً، وهذا يعني جملة نكات منها: ان الثوب الجديد بنحو عام يبهر الانظار مادام التركيب البشري يحمل في احد دوافعه (الدافع الجمالي) او الحاجة الى الجمال عندئذ فان النظر الى الثوب الجميل يشبع غريزة الجمال لدى الرائي، هذا اولاً، واما ثانياً فان المتجدد من الثياب يضخم من الاشباع الجمالي للرائي. واما ثالثاً فان الثوب اذا كان ساتراً يغطي اي عيب ممكن من الجسم وبذلك يحقق اشباعاً جماليا اخر. واما رابعاً: فان التجديد للثياب يجعل الاشباع الجمالي متجدداً ومكرراً اي استمرارياً بحيث لايتخلل السلوك ما هو المعيب منه، بصفة ان الانسان من الممكن ان يحسن خلقه حيناً وان يخفق حيناً اخر: كما لو كان متوتراً في حالات خاصة، اذن: النكات الاربع المتقدمة توضح لنا بلاغة النص المتقدم، وهذا يقتادنا الى ان نتوسل بالله تعالى بأن يجعلنا ممن يلتزم بأآداب السلوك في مختلف انماطه وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.