نص الحديث
قال الامام الرضا عليه السلام: "المسكنة مفتاح البؤس".
دلالة الحديث
المسكنة هي: الفقر والذل والضعف كما تشير النصوص اللغوية الى ذلك ويعنينا منها: حديث الامام عليه السلام بان المسكنة مفتاح البؤس، فماذا نستلهم من الحديث؟ اذا كانت المسكنة تعني الفقر مصحوباً بالضعف في اظهر دلالاتها فماذا تعني كلمة (البؤس) حيث ان الامام عليه السلام جعل (المسكنة) مفتاحاً للبؤس؟.
قبل الاجابة عن السؤال المتقدم لابد من الاشارة الى ان النص خلع صفة (المفتاح) وهو جهاز مادي على (المسكنة) وهي: سلوك بشري يقترن بالفقر والضعف، والان الى الاجابة عن السؤال المتقدم وهو: ما الفارق بين (المسكنة والبؤس) حيث جعل الامام عليه السلام المسكنة مفتاحاً للبؤس؟ البؤس هو الفقر ايضاً في احدى دلالاته ولكنه في دلالة اخرى هو: الشدة ولذلك فان الفقر المقترن بالشدة يعني (البؤس) قبالة المسكنة التي تعني الفقر المقترن بالضعف وهذا يقتادنا الى استخلاص هو: ان (البؤس) اكثر اذى من المسكنة، وهذا ما يحتاج الى اضاءة.
لقد جعل الامام عليه السلام (المسكنة) مفتاحاً الى (البؤس) وهذا يعني: ان (البؤس) بمثابة الدار او الساحة وان اقتحامها يتم بواسطة سلوك هو (المسكنة) اي: ان المسكنة تفضي الى البؤس، فلماذا؟ الجواب: ان شدائد الحياة اياً كان نمطها تظل تعبيراً عن الاذى الذي يصيب الانسان فاذا اضفنا الى الاذى العام اذى مادياً هو الفقر فهذا يعني: الشدة الكبيرة، اذن: الفقر المقترن بضعف النفس يفضي بصاحبه الى ان يصبح بائساً، لماذا؟ الجواب: ثمة اجابات متنوعة منها: الاجابة النفسية التي تعني: ان اظهار الانسان (مسكنته) يقترن بسلوك نفسي هو: الاحساس بالضعف فاذا استمر الابراز لهذا الجانب حينئذ يتحول الانسان الى بائس (ليس من حيث الفقر) بل من حيث الاحساس او الالهام بالفقر: كما لوكانت ثقته بالله تعالى ضعيفة عندئذ تولد شدة جديدة هي: الشدة النفسية متمثلة في البؤس الذي يعني: الشدة بالاضافة الى الفقر.
بلاغة الحديث
وهناك اجابة ثانية هي: ان الانسان الذي يتمسك ويشكو.. الخ، انما يتجاهل نعم الله تعالى عليه ولذلك يعاقبه الله تعالى بشدة اكثر هي: الشدة النفسية بالاضافة الى الشدة المادية. اذن: اي الاستخلاصين كان صائباً فان ما يعنينا من ذلك هو: الاستعارة التي تجعل المفتاح هو: الرمز الذي يفضي بمن لايصبر على شدة ما الى شدة اكبر حجماً وهي: شدة: البؤس لان المفتاح هو: جهاز يتحرك تدريجياً لفتح الباب: كما يتدرج (المسكين) في ابراز ضعفه المادي للناس، ومن ثم يصل الى شدة اكثر اذى وهي (البؤس بالنحو الذي اوضحه الامام عليه السلام.
اذن: امكننا ان نتبين بلاغة ودلالة الحديث المتقدم سائلين الله تعالى ان يجعلنا من المسلمين امورنا الى تقديره وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.