نص الحديث
قال الامام الصادق عليه السلام: "الناس سواء كأسنان المشط".
دلالة الحديث
الحديث المتقدم على وضوحه وألفته وشهرته يظل من النصوص الخالدة في دلالته، انه يتحدث عن المساواة وهي ظاهرة لايتناقش اثنان في مشروعيتها وانعكاس المعطيات الاجتماعية على تطبيقها بيد ان ما نعتزم توضيحه الان هو: الصورة التشبيهية المتقدمة (اسنان المشط) ما تتضمنه من النكات، فماذا نستلهم من الصورة المتقدمة؟.
بلاغة الحديث
ثمة أدوات واجهزة من الممكن ان نلاحظ درجها ضمن ما هو (مساوٍ) بيد ان انتخاب (كاسنان المشط) دون سواها هو الملفت للنظر مما يحملنا على ضرورة استخلاص النكات الكامنة وراء ذلك. أولاً: اسنان المشط تتسم بالمساواة التامة بينها من حيث الحجم والشكل والموقع، ثانياً: هذا التناسق بين الشكل والحجم والموقع يجسد اشباعاً لحاجة جمالية لدى الانسان، ولعل الكثير يعرف تماماً بان احدى مدارس علم النفس يطلق عليها بـ (المدرسة الجشطالية) او (الشكلانية) حيث تعنى بجملة مبادئ ترتبط باحساسنا او ميولنا الى ما هو (منتظم) بحيث تميل الشخصية مثلاً: الى ان تملأ اي فجوة تتخلل المنتظم من الخطوط وهذا ما يتجسد بوضوح في استجابتنا للشكل المنتظم في اسنان المشط. ثالثا: ان المشط يضطلع بمهمة (جمالية) اي ان الانتظام الذي يطبع هيئة المشط يوازنه انتظام يطبع (وظيفة المشط). والوظيفة هنا هي عملية تزيين للشعر اي بتعبير اخر كما ان اسنان المشط منتظمة كذلك فانها (تنظم) الشعر بالمستوى ذاته فبالمشط يتساوى او تتساوى مفردات الشعر او انتظامها في ظفائر أو في متفرقات. رابعاً: ان للشعر ذاته جمالية خاصة وقد ورد في النصوص الشرعية الواردة عن المعصومين عليهم السلام ان (الشعر) أحد الجمالين اي: الوجه والشعر.
اذن: في ضوء هذه الخصوصيات الاربع يمكننا ان نتبين بوضوح مدى جمالية التشبيه الذي قدمه الامام عليه السلام ومدى عمق دلالته ومن ثم انعكاسه على الفكرة التي يستهدفها الامام عليه السلام في صياغته للتشبيه المتقدم ونعني بها: فكرة (المساواة) تجعل الاطراف المتنوعة راضية بما قسم لها أو بما ينبغي ان يصدر عنها اي: الادوار المعطاة والادوار المعطية فضلاً عما تحققه هذه المساواة من (التوازن الاجنماعي) الذي تطمح اليه المجتمعات.
ختاماً: امكننا ان نتبين جانباً من النكات البلاغية في الحديث المتقدم سائلين الله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.